مهزلة أسبوع مناهضة العنف ضد المرأة وإقرار قانون تعدد الزوجات من قبل حكومة إقليم كردستان العراق



بيان صالح
2008 / 11 / 30

لم يمر أكثر من أسبوعين على إقرار برلمان كردستان لقانون رجعي ومجحف بحق إنسانية المرأة ، مستند على بنود و شرائع عهد الكهوف البالية و المتناقضة مع روح العصر و المدنية، ألا و هو إقرار تعدد الزوجات .

نعم لم يمر أكثر من أسبوعين على مأثرة البرلمان التاريخية ، حتى فاجأت حكومة إقليم كردستان - العراق العالم بما وصلت إليه من "التقدم و الديمقراطية"، التي تدق الطبول لها، وتروج لها الأبواق المأجورة ، وخاصة الليبراليين الجدد مثل السيد شاكر النابلسي وآخرون ، بل فاجأت العالم في ممالئتها القوى الرجعية المعادية للقيم الإنسانية بمجاملتها ومماشاتها الإسلام السياسي والقوى العشائرية وحفنة من الشيوخ و الملا لي المتعفنة عقولهم في معاداة تحرر المرأة و عموم المجتمع من قيود الدين و العادات و التقاليد البالية التي تدفع مسيرة المجتمع إلى الوراء .

والأكثر إثارة للسخرية هو أنه لم يمر أسبوعان على مصادقة البرلمان على هذا القانون المعادي للمرأة ، حتى أعلنت حكومة كردستان تخصيص أسبوع لمناهضة العنف ضد المرأة . إنها ، حقا ، لمهزلة كوميدية ، أن تستهزئ بشعب كردستان الواعي و الرافض لتمرير القوانين القروسطية عليه ، و الذي أخذ اليوم يعبر عن رفضه واحتجاجه على تلك القوانين المجحفة في اعتراضات واسعة تقوم بها المنظمات النسوية التحررية والقوى والعناصر التقدمية.
.
لقد قامت حكومة إقليم كردستان بمهرجان أسبوعي لمناهضة العنف ضد المرأة و الطفل لكبح ردود فعل الحركات النسوية و التحررية ضد إقرار تعدد الزوجات وامتصاص غضبها واحتجاجاتها، وكذلك للتغطية على بشاعة هذا القرار المجحف المناهض لحماية حقوق المرأة و إنسانيتها في المجتمع.

أجل، لقد تم تكريس دونية المرأة بكتابة قانون أحوال شخصية يهدف إلى التمييز بحق المرأة الكردية و جعلها مواطنا من الدرجة الثانية أو أدنى ، و ذلك عن طريق إقرار تعدد الزوجات المستند على الشريعة الإسلامية و التي تكرس تبعية المرأة للرجل و مراعاة مصالح الرجل و رغباته على حساب حرية و حقوق المرأة , قانون يجرد المرأة من كرامتها وويخضعها لأنواع مختلفة من الإحباط و عدم الثقة بالنفس و انعدام الأمان و الطمأنينة و الإحساس بعدم كينونتها. و تعدد الزوجات ظاهرة مناقضة لروح العصر و التمدن المتنامية بفضل الوعي المتنامي للنساء التحرريات والقوى التقدمية الأخرى ، عصر تطبيق المواثيق الدولية لحماية حقوق الإنسان و حماية حقوق المرأة.

أسبوع مناهضة العنف ضد المرأة يجب أن يكون أسبوع الكفاح لأجل فصل الدين عن الدولة و الذي يعتبر من أهم المكتسبات التحررية التي تحققت في بقاع معينة من العالم لصالح المرأة ، و أسبوع الكفاح لأجل منع تدخل سلطة الدين و الشريعة في سياسة الدولة و مؤسساتها.

أسبوع مناهضة العنف ضد المرأة ، إن كانت مناهضة حقيقية ينبغي أن يكون أسبوعا احتجاجيا ضد تشريع قانون تعدد الزوجات ، لأن من ابرز مظاهر و أنماط العنف ضد المرأة هي شرعية تعدد الزوجات و اهانة شخصية المرأة إلى حد اعتبارها سلعة لتلبية نزوات و متع الرجل اللا إنسانية . ويدعي المشرعون في كردستان بأن القانون المذكور يهدف إلى تقييد تعدد الزوجات ويضع عراقيل أمامه ، لكنه معلوم للجميع أنه ليس هناك أسهل من التحايل على القوانين في كردستان العراق وخاصة من قبل المتنفذين وأعضاء الأحزاب الحاكمة.

أسبوع مناهضة العنف يجب أن يكرس لمناهضة سلوك أغلب أعضاء حكومة وبرلمان كردستان والمسؤلين الذين يستمتعون بامتلاكهم أكثر من زوجة لرفع مكانتهم الاجتماعية و السياسية وفق القواعد والأعراف العشائرية الرجولية.

ولم تكتفي حكومة الإقليم كعادتها بشراء أقلام المثقفين و "الليبراليين" لتمجيد "انجازاتها" في نشر "الحرية و الديمقراطية و المساواة بين الرجل و المرأة" ، بل قامت أبواقها الدعائية بتتويج مسعود البرزاني إلى " محرر المرأة الكردية"، حين أقرَّت حكومة إقليم الكردستان"مجلة الأحوال الشخصية الجديدة" للمرأة الكردية العراقية. في وقت تؤكد الإحصائيات وتشير إلى مقتل 12.500 امرأة بين عامي 1991 و2007 بدافع الشرف ،أو الانتحار في المحافظات الكردية الثلاث: أربيل، والسليمانية، ودهوك. تحت قيادة وزعامة " محرر المرأة الكردية".
"
ويا لعار البشرية في القرن الحادي و العشرين في أن تنحط القيم لحد اعتبار تلك المكتسبات المنتزعة للمرأة ، وهي في حدها الأدنى مكتسبات عظيمة و حسبانها مكرمة من قادة السلطات الكردية و التي تتم في ظلها عمليات القتل و الانتحار و قطع الأنوف و رجم النساء في وتيرة لا سابقة لها في تاريخ المنطقة الحديث.

انتقادي لهذا القانون الذي أباح تعدد الزوجات لا ينفي الإشادة ببعض النقاط الايجابية في قانون الأحوال المدنية الحديث في إقليم كردستان ، مثل إعطاء العصمة للمرأة في المحاكم و إعطاء حق الشهادة للمرأة بجانب الرجل و حق الميراث و حق الولاية للمرأة عند فقدان الزوج، ما يسجل لصالح المرأة من نقاط ايجابية عديدة ، مقارنة بالقوانين السابقة و القوانين الجارية في المناطق المتوسطة و الجنوب الخاضعة تحت أحكام و شرائع الدين الإسلامي المطلق البعيد عن كل المواثيق و البنود العالمية لحماية حقوق المرأة وذلك تحت رعاية الاحتلال الأمريكي الداعي إلى جلب "الديمقراطية و الحرية للعراق "..
كما هناك نقطة مهمة لابد من الإشارة إليها وهي إن القانون صوت له بفارق أربعة أصوات فقط ، وهذا يعني انه من الممكن إلغاءه بنضال المنظمات النسائية والقوى اليسارية والديمقراطية وتلاحم القوى التحررية والتقدمية وتضامنها.