التحرش الجنسي بالمرأة


رؤى البازركان
2008 / 12 / 7

من أين يستمد الرجل مشروعية فعل التحرش بالمرأة ؟
ولماذا تبقي المرأة تعرضها للتحرش سر لا تبوح به ؟
تتعرض النساء في أغلب دول العالم الى ظاهرة التحرش الجنسي .. الذي يعتبر من أنواع العنف المقصود والموجه ضد المرأة ويصل في أحيان كثيرة الى جريمة الإغتصاب.
ويقصد بالتحرش الجنسي أي سلوك تطفلي مضمونه جنسي يجعل المرأة مهددة في أمنها وسلامتها بدنيا ونفسيا تحت الضغط دون رغبتها من شخص تعرفه أو لاتعرفه. لكن في عالمنا العربي الذي تغلبت فيه الخطب بالمثل العليا دون تطبيقها والواقع هو لاأخلاق فلا قانون يردع أو يعاقب المتحرش ,هل منكم من يؤكد انه شاهد أو سمع امرأة تصرخ في مكان ما نتيجة تعرضها للتحرش؟ وكم منكم من راح يدافع عن امرأة تطلب حمايتها من متحرش؟ وفي دراسة أعدها المركز المصري لحقوق المرأة تضمنت رصد أشكال متعددة من التحرش مثل البصبصة بعيون وقحة والتلفظ بالكلمات الجنسية البذيئة وترديد صفات تشير الى مفاتن المرأة والتغزل بها أو التصفير والملاحقة وتصل نسبة هذا النوع من التحرش الى 38% .. ويتطاول المتحرش الى لمس مناطق من جسم المرأة وخدش حيائها وكانت نسبة هذا التحرش 40% وأما المتحرشون المرضى نفسيا الذين يقومون بكشف أعضاءهم التناسلية بوجه النساء في الشارع كانت بنسبة 15% ومن حالات التحرش القديمة الحديثة الإتصالات التلفونية المزعجة والمتكررة في أوقات متأخرة من الليل والتلفظ بعبارات غير مهذبة وتوجيه إتهامات كاذبة كانت نسبتها 28% .. وفي العمل يأخذ التحرش الجنسي شكل آخر من الضغوط والتجاوزات التي تقلق المرأة كتكرار دعوتها للخروج أو فرض إيصالها لسكنها لتكون طوع الرجل وهذا التحرش نادرا ما تبوح به المرأة خوفا من فقدان الوظيفة وتكون المرأة مع الأسف أسيرة الحاجة في مجتمعات تعتبر حاجة إنسانها نوع من سياسة الإخضاع .. وأفعال التحرس المقصودة واللاأخلاقية هذه شائعة في مجتمعاتنا العربية ومنتشرة في الأماكن العامة كالشارع والمواصلات بالإضافة الى تفاقمها في أماكن العمل والجامعات وصولا الى البيت .. ولهذا كان وما يزال يخشى على المرأة الخروج أو السير وحيدة فالخوف والقلق مرافق لنا نتيجة عدم وجود أمان وحقوق للإنسان في الشارع مما يسهل القيام بفعل التحرش لأن الضمائر غافية في سبات عميق.

من أين يستمد الرجل مشروعية فعل التحرش بالمرأة ؟
وهل التحرش بالمرأة صفة ذكورية؟

غالبا ما نسمع تكرار وجهة نظر الرجال على أن المرأة هي التي تساهم في تعزيز تعرضها للتحرش.. مبررا ذلك إرتدائها الملابس الغير لائقة أو سلوكها الغير منضبط الى إختلاطها بالرجال .. ويصرح الغالبية منهم بصوت عالي إنكن تغالين بالموضوع لأن المرأة تفرح بالمعاكسات وحتى تطالب بها وإن لم تفصح عن ذلك !!!! .
كل هذه المبررات لفعل فيه إهانة وإنتهاك لإنسانية المرأة وإن لم تعي هي ذلك .. فالرجال يتعاضدون في هذه القضايا لكي يستمروا في أفعالهم اللاأخلاقية تجاه النساء وإن زاد وعي المرأة بحقوقها وساندها القانون فبمن سيتحرش الرجال !!! فالمتراكم من المفاهيم في اللاوعي المجتمعي الذكوري عن جسد المرأة بأعتباره مصدر الغواية والدنس وهو أداة للمتعة والملكية الخاصة يفعل فيه الرجل مايشاء , من هنا إذن كان فعل التحرش هو نتيجة متوقعة وحتمية في ظل هذه البيئة التي تكرس هذه المفاهيم الخاطئة.
اما الجانب النفسي لشخصية المتحرش نتعرف عليه من أستاذ الطب النفسي في جامعة الأزهر الدكتور هاشم بحري فيقول هو شخص غير منضبط نفسيا و يعاني من إضطرابات جنسية مترسبة من الطفولة .. لأسباب متعددة منها التنشئة في بيئة منحرفة أخلاقيا تكون نظرة الرجل لأمه الغير محترمة في المجتمع تشكل شخصيته المدمرة والمنتقمة من المرأة فيعميم صورة العقدة الراسخة في الذهن التي ترافقه ضد النساء .. وسبب آخر هو علاقة الأم والأب وما تحمل من عنف وتسلط وعدم إحترام لأن للتربية أهمية في صقل الشخصية الايجابية والمتوازنة للانسان .. وسبب آخر هو تعرض الرجل في طفولته لإعتداء أو تحرش جنسي .. بالإضافة الى الكبت الجنسي وعدم الأشباع النفسي والعاطفي يجعل من بعض الأشخاص منفلتين في سلوكهم الغريزي وإحتكاكهم الجسدي بالنساء يكون كتعويض عن النقص الداخلي عندهم, من كل هذه الأسباب وغيرها يأخذ التطاول الذكوري القبيح تجاه المرأة في أفعال تحرشية تشعره بتفوقه الذكوري المزعوم بإعتبار المرأة الكائن الأدنى والأضعف.. ومن هنا ساد الإعتراض في مجتمعاتنا على عمل المرأة من قبل الأب أو الأخ لأن في الغالب إما أن يكون هو متحرش أو إنه شاهد على التحرش.
لكن لماذا تبقي المرأة تعرضها للتحرش سر تفضل أن لا تبوح به ؟
هل هي راضية فعلا ؟ ولاتشعر بأنوثتها الإ من خلال التحرش؟
فلمرأة التي ترضى بالتحرش هي ايضا شخصية تعاني من عدم التوازن النفسي ولاتمثل إلانفسها ....... فواقع المرأة العربية يشير الى إنها لاتستطيع إثبات واقعة التحرش وتخشى( التكذيب) والفضيحة وتشويه السمعة؟ وإذا ما لقنت المرأة المتحرش درسا بلي ذراعه إتهمت هي بالتحرش به فغالبا ما يلقى اللوم عليها من قبل المتحرش و المجتمع وحتى ردة فعل العائلة تكون في بعض الأحيان عقابها كحرمانها من الدراسة أو العمل ..وبهذا إزداد تكريس مفهوم المرأة كائن جنسي متحرك .. وتسجل المحاكم قضايا طلاق تمت بحق المرأة لإنها أرادت أن تدافع عن نفسها وإستنجدت بالزوج لحمايتها لكن قضيتها لم تنصف وقوبلت بالرفض ثم الطلاق وأعتبرت مصدر للعار وتشويه السمعة .. فهذا ما تحصده المرأة العربية حين تدافع عن نفسها وتصرح بما تتعرض له من تحرش .. وفي مجتمعاتنا العربية قلما نهتم أو حتى نفكر بالجانب النفسي وما تسببه صدمة التحرش من آثار سلبية على شخصية المرأة أقلها فقدان الثقة بنفسها وبالآخرين وإهانة جسدها الذي تعرضت بسببه للتحرش.
تقول الدكتورة سحر الموجي أستاذة الأدب الأنكليزي في جامعة القاهرة والناشطة في حقوق المرأة , إن التحرش الجنسي يشكل اليوم ظاهرة تحاصر المرأة من جميع الجهات ولايمكن السكوت عنها .. وهذا الفعل السيء مرتبط بطبيعة حدود العلاقة بين الرجل والمرأة أي بين الأقوى والأضعف.. الطالب يتحرش بزميلته والموظف بشريكته في العمل والمدير يضغط على موظفاته بالإستجابة لنزواته ..وحتى العامل يلاحق بنظراته النساء دون خجل ولم تنجوا من التحرش لا النساء المحتشمات والمحجبات ولا حتى كبيرات السن مما أصبحت ظاهرة التحرش عقبة أساسية أمام سلامة النساء ومشاركتهم في الحياة العامة .. خاصة إن المجتمع يعاني من البطالة، الفقر، الفراغ، الأخلاقي وإزدواجية المعايير.. وأضافت أن نتيجة لتفاقم هذه الظاهرة وبسبب الصمت الطويل بدء الإهتمام الجاد من قبل المنظمات النسوية بإقامة حملات توعية بموضوع التحرش الجنسي للنساء والرجال على حد سواء وإصدار بيانات صحفية مناهضة لظاهرة التحرش الجنسي وتشجيع النساء بالإبلاغ عن واقعة التحرش وعدم الخوف من الفضيحة .. وقد طالب المئات من النساء المصريات بتشريع قانوني يجرم التحرش الجنسي ووقعن على وثيقة تطالب بذلك ..وقد تبني المركز المصري لحقوق المرأة هذه المطالبة ضمن حملته "شارع آمن للجميع" .. وكان من المفترض أن تقوم مؤسسات الدولة الأمنية بدور حماية النساء لوضع حد لمعاناتهم .