مكانة الثامن من آذار هذا العام في تاريخ نضال المرأة في العراق



فهد ناصر
2004 / 3 / 8

تحرريوا العالم ومناصري حقوق المرأة والمناضلين من أجل غد ٍوحياة تليق بالانسان المعاصر،رجالاً ونساءاً،أحزاباًومؤسسات وحركات أجتماعية مختلفة يحتفلون بالثامن من آذار يوم المرأة العالمي ويزيدون من مطالباتهم الانسانية والتحررية بكسر الابواب المغلقة بوجه المرأة _الانسان المطالب بالعدالة والمساواة والحرية والساعي لتحطيم قيود عبودية الموروث والاعراف والمفاهيم الاجتماعية الرجعية التي تشكل سدا ًمنيعاً أمام تمتع المرأة بكامل حقوقها وحرياتها .في نفس الوقت فأن الدين والتشريعات القانونية المستندة الى الشرائع الدينية وممارسات ومطالب الحركات الاسلامية والارهابية التي تشكل حملاً ثقيلا ًعلى المراة والمجتمع لابد من وضع حدٍ لتدخلها في حياة وحرية وأرادة الانسان والمرأة خصوصاً كونها تقود مباشرة الى العبودية والاضطهاد والتمييز الجنسي واللامساواة والقهر الاجتماعي المتزايد ضد المرة .
نساء العراق مع القوى التحررية والداعية للمساواة التامة بين المرأة والرجل يحتفلون هذا العام بالثامن من آذار بعد سقوط نظام القهر والاستبداد،نظام البعث الفاشي وصدام حسين الذي أستلب من المرأة كل الحقوق التي يفترض أن تتمتع بها وحولها الى أنسان لايمكن أن يعيش الا مكبلاً بقيود عبودية الدين والعشيرة والاعراف الاجتماعية التي فرضت تراجعا حادا ًوقاسيا ًعلى المراة وتطلعاتها الانسانية وآمالها بالحرية والمساواة ولعقود طويلة.غير أن الاحتفال بالثامن من آذار هذا العام ياتي في ظل ضروف وأوضاع قاسية ومريرة تخيم على المجتمع العراقي برمته وتجعله يقف على هاوية الحرب والدمار المتواصل،فقوى كثيرة تسعى لفرض سياساتها ومخططاتها على العراق وتتعقب مصالحها القومية أو الطائفية المعادية للبشرية والمناهضة لابسط معايير وقيم التحضر والسعادة والرفاه الانساني.هذه القوى ومنذ اليوم الاول لجلوسها على كراسي الحكم والسلطة في مجلس الحكم فانها قد كشفت عن برامجها الرجعية المعادية للانسان الكادح والمحروم في العراق وأعلنت حربها ضد مطالب التحرروالمساواة وضد أطلاق الحريات السياسية والمدنية وكان هجومها ضد المرأة وحقوقها وحرياتها ومكانتها الاجتماعية واضحاًوصريحا أذ عبروا عن أستعدادهم لاقامة دولة أسلامية تحكمها الشريعة والقوانين الاسلامية التي تحول مصير الانسان الى الغيب والقدرات الخارجة عن أرادته وآماله الانسانية .
أن أعلان ولادة فاطمة بنت محمد يوما للمراة في العراق كان التعبير الصارخ للتوجهات الطائفية لهذه القوى أولاً وثانياًسعيها لفرض تراجع متزايد على المرأة والحركة النسوية والتحررية وفصل نضال المرأة في العراق عن نضال النساء والحركات النسوية على صعيد العالم وتجزئة مطالبها فلا شيء يربط مابين المرأة العراقية المتطلعة للمساواة والرفاه والتحرر من كل القيود والاعراف الاجتماعية والدينية الرجعية وبين فاطمة بنت محمد سوى جعلها أسيرة الموروث والصراعات الطائفية والنحيب على وقائع دامية ومرعبة وقعت قبل أكثر من 1400 سنة تسعى القوى الاسلامية في مجلس الحكم لتفعيلها وبعثها في كل لحظة وكل يوم حتى تتمكن من أستلاب أرادة ملايين البشر وتغييب أرادتهم الفاعلة في خضم تحولات ووقائع تفرض وطاتها على حياتهم ومعيشتهم وأستقرارهم .لم يكن القرار الرجعي 137 الا تحفة مسمومة من تحف أسلاميي مجلس الحكم في العراق فهو أعلان سافر لاستلاب الحوق المدنية للمراة وتحويل أمرها وحياتها الى الشريعة والعقائد الطائفية والفرق الاسلامية المتصارعة وتكريس للمكانة الدونية التي حددها الاسلام للمرأة.القوى الاسلامية الرجعية في مجلس الحكم حولت موقفها من المرأة الى عنوان لحملتها الرامية للتبشير بمجتمع يتحول فيه الانسان الى دوامة النبذ السياسي والاجتماعي والعيش في غياهب الدين والطوائف وصراعاتها فالمجتمع الاسلامي مجتمع لاستلاب أرادة الانسان وتكريس لمكانته الدونية .
مطالبة المرأة والمنظمات النسوية والقوى التحررية بالحقوق الكاملة للمرأة ومساواتها بشكل غير منقوص وأعطاءها مكانتها السياسية والاجتماعيةوممارسة دورها الفاعل والريادي وابراز قدراتها الخلاقة والمبدعة ،دفعت بهذه القوى لتشديد حملتها الهمجية وسعت الى تحديد نسبة معينة لاتتناسب ومكانة وقدرات المرأة من أجل مشاركتها في العملية السياسية ورسم مصير المجتمع والدولة في العراق.أن نسبة 25 بالمئة التي حددها مجلس الحكم لنساء العراق هي نسبة بشعة لاتعكس الا مفاهيم المحاصصة القذرة لاعضاء مجلس الحكم الذين يريدون رسم مستقبل العراق وجماهيره وفقا لمصالحهم وبرامجهم الحزبية الضيقة ،فهذه النسبة لاتعني الا 25 امراة واحدة من كل حزب شريك في مجلس الحكم. .
الاحتفال بالثامن من آذار هذا العام يشكل موقعا ويوما حساساً في تاريخ نضال ومكانة المراة والحركة النسوية والتحررية في العراق ،المساواة الكاملة بين المرأة والرجل ،فصل الدين عن الدولة،قيام دولة علمانية لاتستند الى الدين والقومية هي المطالب الواقعية للحركة النسوية في العراق في مواجهة هجمة قوى الظلام والتخلف والرجعية القادمة من عصور الانحطاط .