ليكن 8 آذار اليوم العالمي للمراة يوم التضامن مع اعتراض المراة العراقية



بيان صالح
2004 / 3 / 8

ياتي اليوم العالمي للمراة هذا العام بعد مرور عام على حرب امريكا وحلفائها على الشعب العراقي و سقوط النظام البعثي الفاشي.
لقد عاشت المراة العراقية ظروف و حياة عصيبة في ظل النظام البعثي و سلبت منها الكثير من الحقوق الانسانية و المدنية وفرضت عليها ابشع رموز الاضطهاد والتخلف.
انها عانت ماساة حربين متواليتين وفقدت اعز اقربائها من الاب و الاخ والزوج .
فرضت عليها معيشة متدهورة كثيرا تحت الحصار الاقتصادي القاتل الذي دام ثلاثة عشر عاما، حيث دمرت خلالها بنية المجتمع العراقي بكل سماتها الحضارية و المدنية.
سوء وتدهور المعيشية ادى الى تزايد بيوت الدعارة واضطرار المراة لبيع جسدها حتى تساهم في ادامة المعيشة لعائلتها.
لقد شنت عليها حملة الذبح و قطع الرؤوس من قبل عصابات فدائي صدام وثم رمي راسها في الشارع لتكن عبرة للنساء الاخريات باسم الحملة الايمانية.

واليوم بعد مرور سنة على سقوط نظام صدام الديكتاتوري و احتلال القوات الامريكية للعراق و الوعود البراقة بعد سقوط الديكتاتورية و خلق اجواء الديمقراطية والامن والسلام للمجتمع العراقي ،حيث نرى خلافا لهذه الوعود تماما،
حيث الوضع يسوء يوما بعد يوم و ان الخدمات الضرورية للمجتمع والتي لا يمكن العيش بدونها بدات تضمحل و عدم توفير الماء و كهرباء لاهالي اكثر المدن العراقية وانعدام توفير الخدمات الصحية الاجتماعية الكافية بحيث كان من المكن توفيرها بشكل اوسع من قبل قوات الاحتلال، وازدياد معاناة الشعب العراقي وازدياد حقد وكراهية الشعب على الاحتلال و بالتالي ازدياد العنف الذي يؤثر على الامن العام والحياة الطبيعية ، الانفجارات الارهابية التي اصبحت شبه يومية تقريبا في كافة المدن العراقية من قبل عناصر ارهابية اسلامية وعناصر مؤيدة للنضام الفاشي المخلوع.
وتسابق الشركات العالمية في نهب ثروات العراق والتي تعمل بشتى الطرق و الاساليب من اجل الحصول على الربح مهما كانت النتائج سلبية على معيشة سكان العراق.
وفي ظل غياب الدولة والقانون وانفلات الامن فقد توضحت اولى مظاهر تراجيد يا العنف ضد المراة عندما تفشت ظاهرة اختطاف النساء في وضح النهار من قبل جهات وعصابات ارهابية متطرفة و خلق اجواء من الخوف و الرعب ،بالاضافة الى حالات الاغتصاب الجنسي والقتل في الشارع العراقي حيث ادى الى عدم امكانية التحاق الطالبات بمدارسهن و جامعاتهن و العاملات الى مؤسسات ودوائر العمل،


و صعوبة خروج المراة بمفردها الى الشارع حتى في وضح النهار، وكثير من النساء المخطوفات يتم تهديدهن وأهانتهن وبعض منهن يرجعن الى بيوتهن ليقتلن من قبل ذويهن غسلا للعار وبالنسبة للنساء اللواتي يتعرضن للخطف والاغتصاب يعتبر طلب المساعدة من السلطات الطبية والشرطة امرا مهينا و عسيرا الى اقصى حد. وتسبب العادات والتقاليد البالية الشرقية شعورا قويا بالعار و الخجل يجعل الاسر والاهالي عاجزين عن التعاطف مع الضحايا.

كذالك فرض على المراة ارتداء العباءة السوداء و الحجاب عن طريق تهديد العصابات والجماعات الاسلامية الارهابية بكتابة الشعارات الدينية على جدران المدارس والجامعات و التي تهدف الىاهانة السافرات غير المحجبات ورمي الحجارة عليهن.
و هناك امثلة عديدة لتهديدات الحركات الاسلامية لناشطات الحركة النسوية كتهديد الناشطة ينار محمد بتاريخ. 29.1.04 عضوة منظمة حرية المراة عبررسالة الكترونية .
واغتيال السيدة عقيلة الهاشمي عضو مجلس الحكم الانتقالي بتاريخ 3.11.03 من قبل جماعة فدائي صدام.
نشاهد اليوم مرور عام على اجواء الانفلات الامني الذي يعيشه الشعب العراقي بشكل عام و المراة بشكل خاص وشارك مجلس الحكم الانتقالي بتجسيد هذا الواقع المرير ضد المراة باصدار قوانين وقرارات رجعية مجحفة بحق المراة و فرض ابشع القوانين الاسلامية السلفية عليها. ومن تلك القوانين تغير تاريخ اليوم العالمي للمراة بيوم ولادة فاطمة الزهراء (ابنة محمد نبي المسلمين وزوجة علي بن ابي طالب ) المصادف
18 اب واختيار تاريخ ولادة امراة مسلمة لكونها ابنة رسول وزوجة احد الخلفاء وليس لدورها البارز في نضال الحركة النسوية كيوم للمراة العراقية هو محاولة لفرض تراجع كبير على المراة العراقية واخضاعها الى سنن وقوانين 1400 سنة قبل الان وابتعاد المجتمع من سمات الحضارة والتمدن.
وبعد ذالك وبتاريخ 29/12/03 قام مجلس الحكم باصدار قرار 137 من قبل عبدالعزيز حكيم رئيس مجلس الحكم انذاك والداعي الى الغاء قانون الاحوال الشخصية لسنة 1959, وفرض الشريعة الاسلامية في قضايا الزواج ,الطلاق النفقة،......الخ.
وعدم اعطاء الفرصة الكافية لمشاركة العنصر النسائي في مجلس الحكم رغم ازدياد نسبة النساء في المجتمع العراقي .
هكذا نشاهد من جهة الاضطهاد والظلم المفروض على المراة في شوارع المدن العراقية وقوانين وقرارات مجلس الحكم ولكن في الجهة الثانية نرى تصاعد صرخة المراة العراقية ضد الواقع المرير الموجود ، لقد وقفت صامدة ومعترضة ونزلت الى الشوارع وحاملة الشعارات المناهضة لقرارات مجلس الحكم وطالبت بالغاء قرار 137 ، لقد زينت شوارع المدن بالاف النساء المعترضات،الغاضبات،المناضلات للحصول على حقوقهن المسلوبة خلال حقبة طويلة من الزمن. نعم لقد اثبتن وجودهن وبنضال وكفاح المراة وكل انسان شريف ومناهض لعبودية المراة وانعدام المساواة في المجتمع، وكل انسان
داعي الى مجتمع مدني وعلماني بعيد عن جميع انواع واشكال التمييز، ومشاركة جميع المنظمات والجهات العلمانية والمدافعةعن حقوق الانسان في داخل وخارج العراق وبقيام حملة عالمية كبيرة ضد هذا القرار.

حتى تم الغاء هذا القرار رسميا يوم 27شباط.04 من قبل مجلس الحكم .

لمحة تاريخية سريعة ليوم المراة العالمي:
أن جذوريوم المراة العالمي تعودالى القرن التاسع عشر في امريكا وخروج عاملات معمل النسيج في وهن الاغلبية الساحقة من العمال.
في عام 1857 خرجت عاملات النسيج الى الشوارع احتجاجا على سوء ظروف و شروط عملهن والعمل لاكثر من 12 ساعة يوميا ،حيث واجهت الشرطة الامريكية المظاهرة بوحشية و قساوة فاضحة لكن المظاهرة كان لها دور كبير في ابراز و طرح مشكلة المراة العاملة على جدول الاعمال اليومية انذاك.
لقد تم تشكيل اول نقابة نسائية لعاملات معمل النسيج بعد عامين من المظاهرة الكبيرة.
وفي 8 اذار 1908 اي بعد خمسين عاما خرج ما يقارب 15 الف عاملة بمسيرة في مدينة نيوروك وكان مطلب العاملات خفض ساعات العمل اليومي ، تحسين شروط العمل،زديادة الاجور والغاء عمل الاطفال وحق الاقتراع.
لقد جرى اكبر اضراب لعاملات النسيج في عام 1909 حيث شارك ما يقارب 20ـ30 الف عاملة ،ودام الاضراب 13 اسبوعا،واعتبر اكبر اضراب نسائي في تلك الفترة ومطلب العاملات كان : تحسين ظروف العمل وزديادة الاجور.
ونشاهد ان مظاهرات و اضراب المراة العراقية كان له دور بارز في الغاء اكثر القرارات الرجعية من قبل مجلس الحكم الانتقالي في العراق.
تهانينا ايتها المراة العراقية بانتصارك الذي كان نتيجة لاحتجاجك واعتراضك.
ليكن يوم 8 آذار هذا العام استمرارا وديمومة لنضالك لاجل كسب حقوقك الكاملة في مجتمع المستقبل ولخلق مجتمع حضاري وعلماني بعيد عن التمييز.
ليكن يوم حصولك على نسبة متساوية في مواقع صنع القرار في السلطة.
ليكن يوم نضالك لتعديل وتحسين قوانين الاحوال الشخصية في العراق.
ليكن يوم ضمان حرياتك الشخصية والفردية ،كحرية ارتداء الملابس،حرية اختيار شريك حياتك،حرية السفر وحرية االتعبير عن ارائك وعدم فرض اجواء الرعب عليك.
ليكن يوم حرية تجوالك في الشارع بامان وسلام وعدم خوفك من الاختطاف والقتل والاهانات.
ليكن يوم مشاركتك الفعالة في بناء مستقبل العراق وابراز امكاناتك وكفاءاتك الخلاقة التي دفنت لحقبات طويلة من الزمن.
ليكن يوم المطالبة بفصل الدين عن الدولة لعراق الغد وبناء مجتمع على اساس المساواة الكاملة.


عاش يوم 8 آذار يوم اعتراض المراة العالمي
عاشت االحرية و المساواة في عراق الغد ومستقبل افضل.

بيان صالح