المرأة العراقية ويوم المرأة العالمي



اميرة بيت شموئيل
2004 / 3 / 8

بعد مرور سنة على ازاحة النظام المجرم من التسلط على رقبة العراقيين، وانبعاث الامل من عودة الحياة الطبيعية للعراق وعودة الحرية والكرامة الى ابناء هذا الوطن الكبير، تعود المرأة العراقية لاستقبال يوم المرأة العالمي في جو يشوبه الحذر والتشكك، نتيجة الارتباك الذي احدثه القرار ( 137) المجحف بحقها بشكل خاص، والمجتمع العراقي بشكل عام ونتيجة لنسبة تواجدها في مجلس الحكم، هذا القرار الصادر من قبل مجلس الحكم الجديد، والرامي الى مصادرة حقوقها الانسانية حتى بين اخوانها في الثورة ضد الجحيم الصدامي، الذي غدر وصادر حقوقها المثبتة في الدستور العراق، اعلى سلطة في الدولة، بعد ان احكم قبضته على العراق.

فقبلا، لم تمر اشهر على ازاحة صدام وزمرته من الحكم في العراق الجريح ، حتى اثبتت الحقائق والواقائع من الداخل مدى وحشية هذا النظام في التعامل مع المرأة وحقوقها الانسانية، التي تشكل احدى اسس الحياة المستقرة في كل مكان من هذا العالم. المقابر الجماعية التي اكتشفت بعد رحيل اكبر طاغية عرفه التاريخ، ضمت بينها النساء الى جانب الرجال، بالاضافة الى مقبرة خاصة بالنساء من مختلف الاعمار الى جانب الاطفال. كل هذا يثبت للعراقيين والعالم اجمع مدى مشاركة المرأة العراقية في النضال الى جانب اخيها الرجل في ازالة قيود العبودية والتسلط الدكتاتوري الرجعي المتخلف للنظام البائد، هذا النضال الذي، ومع الاسف، لم يوضع له اي اعتبار في قرارات البعض في مجلس الحكم، فذهبوا اول ما ذهبوا الى محاولة نسف حقوق المرأة الانسانية في الدستور العراقي الجديد، متناسيين ان الانسان انما يناضل ويدفع بالغالي والنفيس من اجل حياة حرة كريمة وليس لينتقل بين ظلال الاسعباد.

لسنا نخالف الحقيقة والواقع اذا قلنا ان العراق لن يخرج من دائرة المشاغبات، حدود القتل واراقة الدماء، اذا حاولت الاطراف السياسية، التي تمثل النسيج العراقي في مجلس الحكم، الالتفاف على الحقوق الانسانية العادلة للعراقيين ولبعضها البعض او تهميش بعضها البعض كما كان يفعل صدام وزمرته من قبلهم، فالحقيقة السائدة في العراق اليوم ان كل ابناءه يعيشوا الان في مرحلة الغليان والثورة من اجل حقوقهم الانسانية، بحيث لم يبقى لديهم مجال يتحمل الجور والبطش او التهميش والتظليل بحقوقهم المشروعة. والمرأة العراقية التي عاشت المعانات اضعاف مضاعفة، لن تقف مكتوفة الايدي امام سياسات التهميش وعدم الاعتبار لدورها الرائد في خدمة المجتمع.

المطلوب من الجميع ان يشعروا بمأساة اخوانهم واخواتهم، من حيث ان جميعنا تعرضنا الى نفس الظلم والمآسي ومن نفس الدكتاتورية المتسلطة سابقا، ومن حيث ان الجميع قد قدم الكثير من التضحيات على صرح الحرية، فما بال البعض اليوم لا يشعر بمأساة الاخرين؟؟؟

المطلوب من الجميع ان يعوا ان الانسان العراقي المناضل حي ويعي حقوقه جيدا، كما ان المرأة العراقية المناضلة تدرك بانها ليست كائن غريب عن الوطن او جزء منزل من كوكب اخر فيه، انما هي احد قطبي الوطن الرئيسيين واحد قطبي الحياة. فاي محاولة لشل حركتها في عملية بناء المجتمع هو محاولة لشل احد قطبي الوطن واحد قطبي الحياة وهذا يعني وضع القطب الاخر ( الرجل) تحت ثقل كبير، وبالتالي عرقلة حركته بنسبة 50% او اكثر ان لم نقل شلها.

نحن بحاجة الى الاسراع في بناء الوطن، والوطن يملك من الموارد الشيئ الكثير ولكنه فقط بحاجة الى تعبئة جماهيرية واسعة، وهذا يعني اشراك الطرفين ( الرجل والمرأة) في عملية البناء والاصلاح والتجديد داخل العراق. نحن بحاجة الى ابداء المزيد من الانفتاح واحترام الرأي الاخر وافساح المزيد من الفرص لبعضنا البعض واعطاء المزيد من الحقوق لبعضنا البعض لنتمكن من بناء واصلاح ما افسده الطاغية صدام الاجرام.

ان محاولات عرض العضلات والقوة بين الاطراف السياسية المتصارعة، لاتخدم القضية العراقية في شيئ . المطلوب من الجهات السياسية في مجلس الحكم، العدالة والوطنية عند النظر الى اي مسألة تخص العراق والعراقيين ( كحقوق المواطنة والمرأة والعامل والفلاح والطفل والقوميات والاديان وغيرها) ، وليس معادلات الاغلبية والاقلية ( وهنا نود ان نسترعي الانتباه باننا ضد مسألة الاغلبية والاقلية، بالرغم من انها لو اخذت فعلا بنظر الاعتبار في مجلس الحكم، لفازت النساء باغلبية مقاعد مجلس الحكم والرئاسة العراقية، من حيث ان نسبتهن هي اكثر من 60% في جميع محافظات العراق)، لان الوطن هو الذي يجمعنا والعدالة هي كل ما نتوقى اليها جميعنا.