المرأة اليوم في الجزائر



مفهوم
2004 / 3 / 8

إن السيدة زهرة البالغة من العمر الثانية والأربعين، وعاملة المختبر، هي عازبة، على غرار 20 في المئة من الجزائريات اللواتي يعشن في الأوساط المدنية. (وقد تصل نسبتهن الى 30 في المئة في العام 2010). وهي تقيم وحدها في مبنى في وسط الجزائر العاصمة حيث بعض الأيادي المجهولة درجت على كتابة الحماقات على غلبة بريدها أوعلى باب بيتها. وهي تعبر عن ضيقها قائلة: " إن منطق هؤلاء الحمقى بسيط، فبما أني وحيدة يعتقدون أنني لا أتمسك بفضيلتي. لكن الحمد لله إن لي اخاً يزورني بانتظام،والذين يفكرون بالاعتداء علي يعرفون أن هناك رجلاً في عائلتي."

إلا ان السيدة زهرة تجد نفسها مضطرة الى ملازمة الحذر ولا تفكر حتى في دعوة بعض الاصدقاء أو حتى في استقبال أي شخص يحتمل أن يطلب يدها للزواج. "أنا بذلك قد أحكم على نفسي" هذا ما تؤكده وهي منقبضة الوجه مذكرة بأن الاعتداءات على النساء العازبات قد تكاثر منذ سنوات بدون أن تتحرك السلطات العامة لمعالجة الأمر. بل بالعكس إن مرتكبي الاعتداء الوحشي على النساء العازبات، في تموز/يوليو عام 2001 في حاجي مسعود، لم تجرِ ملاحقتهم، كما أن المدن والقرى الجزائرية تشهد بشكل منتظم هذا النوع من الحملات التي يقودها في الغالب رجال دين باسم الأخلاق ضد نساء خطؤهن الوحيد أنهن يعشن وحدهن.

وتحذر إحدى القاضيات أن "تزايد عدد النساء العازبات قد أصبح واقعاً قائماً يفرض على السلطة أن تتصرف بسرعة إذا أرادت ألا يرتد عنف المجتمع عليهن"، معتبرة أنه من الملح إلغاء قانون الأسرة. هذا التشريع القضائي الشهير وللأسف الذي يسمح خصوصاً بتعدد الزوجات ويجعل من المرأة الجزائرية كائناً خاضعاً لوصاية الذكور حتى نهاية حياتها، قد وضع منذ عشرين عاماً. فقد أقرهفي 9 حزيران/يونيو عام 1984 نواب جبهة التحرير الوطني يوم كانت لحزب الوحيد الحاكم.

وهذه الذرى حركت الجمعيات النسائية الجزائرية اللواتي يطالبن، تحت شعار "20 عاماً، يكفي!" بالغاء هذا القانون بكل بساطة. وبشيء من السخط تقول الصحافية ناديا: "إن هزيمة الارهاب لم تغير شيئاً، فوضع المرأة هو نفسه دائماً. وقد استغلنا هذا النظام لكي يحظى بدعم من الخارج، لكنه الآن لا يريد أن يخاطر بأي شيء يمكن أن يوقظ الاسلاميين!"

ولان المرشحين الى رئاسة الجمهورية يدركون حجم الأصوات الاسلامية ويرغبون في تأمين دعم الأحزاب الدينية "المحترمة" ومنها حركة المجتمع من أجل السلام (حماس سابقاً)، فانهم يفضلون البقاء غامضين في موقفهم من حقوق المرأة. فحتى الآن لم يجرؤ أي منهم على التحدث عن إلغاء قانون الأسرة ولا حتى عن تعديله. وفي ربيع العام 2003 سرب الرئيس بوتفليقة أنه سيعدل هذا القانون بموجب مرسوم لكنه مذاك لازم الحذر. فيجب القول أن الجزائر في هذه المسألة لم تحسن التمثل بالمغرب، بعد أن قرر الملك محمد السادس تعديل "المدونة"، أي قانون الأسرة المغربي.


جميع الحقوق محفوظة 2003© , العالم الدبلوماسي و مفهوم