حركات التحرير الكاذب – من مراكش الي كوردستان –



صلاح الدين محسن
2008 / 12 / 28


حركات تحرير .. حركات تحرير واستقلال ، منظمات تحرير ، ثورات تحرير .. ثورات مباركة .. - هكذا كانوا يسمونها .. - تصاعدت وتعددت ببلاد المنطقة الناطقة
بالعربية .. منذ أكثر من نصف قرن .. كلها تصيح في شعوبها للكفاح لأجل الحرية وما اسمته ب " الكرامة " . للخلاص من الاستعمار الغاشم ..- هكذا قالوا و هكذا وصفوا الاستعمار ..- الذي ينهب خيرات البلاد ويستذل العباد ..
وقد صدقتهم الشعوب وقامت لتقدم الغالي والنفيس من ارواح أبنائها ودمائها وأموالها .. لأجل التحرر من نير الاستعمار الذي ينهب خيراتها ويسرق ثرواتها ..هكذا قالوا وهكذا رددت وراءهم الشعوب وصدقتهم ..
وبعد التحرير واستلام الثوار المسمون بأبطال التحرير أو الاستقلال وحاملي لقب المناضل ، المكافح .. الخ ...
اتضح أن ما كان ينهبه الاستعمار المسمي بالبغيض . ترك في مقابله من البناء الجيد ومن البصمات الحضارية . ما يتساوي –أو يكاد – يتساوي مع ما نهبه ذاك الاستعمار البغيض ..
أما ما نهبه ولا يزال ينهبه الثوار .. والمناضلون . والمكافحون ، أبطال التحرير أو لاستقلال .. فهو يفوق بكثير البناء – لو كان ما يبنونه أصلا ليس محشوا في داخله بسوس الفساد ولن يعيش ابدا عمره الافتراضي ... !
أما سجون ومعتقلات الاستعمار الغاشم . فانها تقف قصيرة قزمة أمام عملقة سجون ومعتقلات الثوار ابطال التحرير والاستقلال الوطني من الاستعمار الغاشم ..!
وأغلب هذه الحركات او المنظمات التحريراوية والاستقلالوية .. حملت لقب الديموقراطية أو الشعبية أو كلاهما معا ، أو الاشتراكية أو الثلاثة ألقاب معا .. ديموقراطية اشتراكية شعبية .. الي آخر تلك الأشياء التي اوجدوها لشعوبهم . حيلا خداعية ..!
وعقب تسلم السلطة بعد التحرير . خلع الثوار . أبطال التحرير والاستقلال . أقنعة المثالية والملائكية ، وظهرت في ملامحهم وسياساتهم سحنات الشياطين الرجيمة ، واعتي أشكال الديكتاتورية ..!

فلماذا كانت تضحيات الشعوب ؟! ولماذا كانت ارواح ابنائهم الذين قدموهم شهداء فداء لتحرير الاوطان وتلبية لنداء الواجب الوطني ..؟!
وكيف جوزيت تلك الشعوب من أبنائها المدعوين بالثوار المحررين .. باذلال اضعاف الاذلال الاستعماري . وبسجون اعتي وأكثر ظلمة ..

انها سلسلة مقالات تحت العنوان أعلاه – حركات التحرير الكاذب - جمعنا مادتها وكنا نفكر في نشرها علي أن نبدأ بالمغرب لا بكردستان – من الغرب للشرق .
ولكن النشرة التي أرسلها موقع " الحوار المتمدن " للكتاب . والصادرة يوم 24-12-2008 . هي التي جعلتنا نبدا بكوردستان العراق . حيث أحدث سلطة لاحدي حركات النضال أو الاستقلال – الاحزاب الكردستانية الحاكمة الآن بشمال العراق - .
العراق
اذ جاء بالنشرة :

أقر برلمان كردستان بعد جلسات متعددة خلال شهري تشرين الاول والثاني من عام 2008 قانون الاحوال الشخصية المعدل، برغم الاعتراضات والاحتجاجات من قبل ناشطات ونشطاء الحركة المساواتية والتحرريين والعلمانيين. يرسخ قانون الأحوال الشخصية هذا، وبشكل سافر وصارخ عبودية المرأة ودونيتها في المجتمع من خلال تجسيده للتمييز الجنسي ضد المرأة (الابارتايد) في شتى المجالات. فالقانون المذكور يجيز للرجل الزواج باكثر من امرأة ويفرض على النساء ما يسمى بولي الامر، ويؤكد على دونية المرأة بترسيخه لعقود بيع وشراء المرأة في الزواج والطلاق والميراث، ويفرض التشريعات التمييزية المستمدة من الشريعة الاسلامية المعادية للمرأة. ان اقرار القوى والاحزاب القومية والاسلامية والعشائرية المسيطرة على برلمان كردستان لهذا القانون التمييزي هو تجاوز صارخ على حقوق وانسانية المرأة. اان سجل تلك القوى ملئ بالاف الانتهاكات الصارخة ضد المرأة وترسيخ قيم الدين والعشائرية وجرائم "قتل الشرف" على مدى الــ 17 سنة الماضية. بامكان قوى الانسانية والتحرر والمساواة والعلمانية والتمدن في كردستان والعالم الغاء هذا القانون المعادي للمرأة.
==
كان ذاك ما أرسله " الحوار المتمدن " في نشرته للكتاب .
ومما سبق – وما سوف يلحق في مقال آخر عن كردستان العراق ضمن سلسلة " حركات التحرير الكاذب " - يتضح لنا :
ان حركات أو أحزاب أو منظمات الكفاح والنضال الكردستاني ومناضليها الأشاوس النشامي – بلغة اعلام صدام – وهم الذين حصلوا علي حكم ذاتي حقيقي . أو استقلال . بعد طول معارك مع النظام العراقي منذ الستينيات . وتضحيات ودماء بذلها الشعب الكردستاني العراقي . و بعد حلابجة ...
بعد كل ذلك ها هم الحكام المناضلون وحكم الثوار الابطال – سابقا – وهم في القرن الواحد والعشرين .. فيما يتعلق بحقوق المرأة . لم يرتقوا لمستوي ما حققه الزعيم " بورقيبة " للمرأة في تونس . في منتصف القرن الماضي !
لم يقم الثوار الكردستانيون بشمال العراق بفرض العلمنة وقوانين حقوق الانسان فرضا.. كثوار .. كلا وانما تركوا تحت قبة البرلمان وتحت مظلة الديموقراطية . الرجعية والسلفية هي التي تحكم وتتحكم وتعيد عقارب الزمن للوراء .. بينما الثوار فوق كراسي السلط هانئون مرتاحون ..
و هكذا لا يكون الذنب ذنب الجهل والأصولية والرجعية العقائدية التي عششت في البرلمان الكردستاني . وانما هو ذنب السادة الثوار الذين صاروا حكاما الآن . وحرصا منهم علي جلوس مريح هاديء فوق كراسي السلطة ... هم الذين كرسوا وقننوا واعتمدوا : شريعة بدو شبه جزيرة العرب منذ اكثر من 1400 عام مضي ..!

والي حلقة أخري عن كردستان العراق . من حلقات : " حركات التحرير الكاذب .. "
*********