يوم المرأة العالمي – 8 آذار في بغداد ما بين الرعب من الانفجارات والتوقيع على الدستور



منظمة حرية المرأة في العراق
2004 / 3 / 14

لم يمنع عبئ الحجاب والعباية حشداً كبيراً من النساء من أن يجتمعوا في ساحة الفردوس للهتاف بشعارات الحرية والمساواة ليوم المراة العالمي.
بعد عقود من التهميش وانكار قضايا المرأة انكشف في ذلك الصباح مارد بشري هائل وإرادة حازمة عظيمة لتغيير السيناريوالاسود الى آخر مضيئ ومشرق .

ارتفع الصوت مدوياً لدى الحشد من أجل المطالبة بدستور علماني ومساواتي. بينما اجتمع في سلطة الائتلاف الانتقالية عبر النهر، 25 عضوا من مجلس الحكم، وهم افرادٌ تم اختيارهم من قبل الامريكان، ليوقعوا على دستور مبني على اساس الانقسامات الدينية والجنسية والاثنية تاركا الملايين من النساء تحت رحمة التمييز والقمع المنظم.
ان تظاهرة من 1000 شخص ( اكثريتهم من النساء ) بدأت من مقر الحزب الشيوعي العمالي العراقي ومنظمة حرية المراة وسط الشوارع المغطاة ببوسترات 8 آذار وشعاراته. وكان اطفالهم يسيرون امامهم رافعين بوسترات لـلمناسبة نفسها تظهر صورةً بهية لجسم امرأة يتطاير شعرها في الهواء . كان يحيط بالتظاهرة مجموعات من الرجال الذين يحملون شرائط حمراء على اذرعهم وكان شغلهم الشاغل حماية التظاهرة والنساء في ظل ايام من الفوضى المطلقة والتفجيرات العشوائية. كان هؤلاء الحراس من الحزب السياسي الوحيد الذي يدعم منظمة حرية المراة اي الحزب الشيوعي العمالي العراقي.

بالرغم من تهديدين بالاغتيال عن طريق الايميل خلال الشهر المنصرم، قادت ينار محمد المظاهرة ضمن ناشطات نسويات مكافحات ودؤوبات، كما وسارت جنبا الى جنب مع قادة الحزب الشيوعي العمالي العراقي .
كانت هديل جواد سابقا مستهدفة للقتل بسبب اختيارها لشريك حياتها. أما في يوم كهذا، فقد انطلق صوت هديل عالياً بعد أن نظمت تعبئة ونقل جمهور تشكل من عدة مئات من النساء . أما ساهرة، فقد خطت خطوات جدية في تقوية حضورها الاجتماعي بعد ان رمت الحجاب جانباً قبل عدة اشهر. كانت تقود التظاهرة وتردد شعارات الحرية والمساواة. ولكن أكبرهم عمراً وتأريخاً في الحركة السياسية اليسارية، ام صباح، فقد رافقت ينار عن كثب مصرّة على ان لا تسمح لأي أذى ان يصيب ينار باي حال من الاحوال في يوم عظيم كهذا.


جاءت ناشطة نسوية من كل مجمع سكني، مع باص او باصين ملأى بالنساء الغاضبات من الاوضاع الحالية المناهضة للمراة .
أتت ام محمد، وهي ممرضة متقاعدة، في ملابسها التقليدية من مجمع الهدى وانعكست فيها صفات امرأة قائدة بالغريزة. اما اولادها البالغين فيقولون بانها الرجل القوي في البيت. أما عن ام محمد الاخرى الآتية من حي الجهاد، فهي تعمل في الخياطة، وهي امراة عصرية ولديها طريقة دبلوماسية في التعامل مع الأمور. انها تقود حملة في منطقتها للدفاع عن حقوق المظلومين الذين لم يصبهم القسط الوافر من الحصص التي يتم توزيعها على السكان من قبل مندوبي الامريكان. انها جمعت باصين مليئين بالنساء من ذلك الحي مع اطفالهن. واشتركت بشكل فعال كذلك لمعان البهية الطلة، فقد جذبها تركيز الحزب الشيوعي العمالي على موضوع المرأة مما سبب لها استياءً كبيراً من الحزب الشيوعي العراقي الذي تناسى كلياً وكذلك ساوم على حقوق النساء. انها زارت صديقاتها في منطقة المعامل وعملت على جمع خمسة عشر عاملة حول القيام بتحرك سريع حول مناسبة يوم المراة العالمي . وكذلك كانت هنالك منى، من مجمع الانصار للنازحين، وام عبدالله وغيرها من الناشطات الممثلات للمحلات الاخرى.


كانت الفقرة التالية خطاب ينار والذي اكد على العلمانية كشرط مسبق لحرية المرأة. كما وشددت على ضرورة العمل على خلق قاعدة لقوة النساء ونفوذهن ولرفع صوتهن مساهمة في رسم مستقبل العراق وليس لإذلال المرأة وقبولها بأوضاع دونية عن الرجل في ظل الاسلام السياسي الذي يساوي اربعة نساء برجل واحد.
كما وان خطابها رد على اية محاولات من قبل مجلس الحكم لتغيير يوم المراة العالمي الى تاريخ آخر اثناء السنة اي اختراع يوم اسلامي جديد لا يمت بصلة الى نضالات المرأة. انها فضحت تلك المحاولات كمؤامرة لعزل نساء العراق من التضامن النسوي العالمي كخطوة اولى للإصرار على اضطهاد النساء من خلال دعم من الدين وذرائع أخرى كالتقاليد البالية .

ان الجزء التالي كانت مشاركة تضامن ودعم لنساء وموظفات البنوك اللواتي تمت اعتقالهن للتغطية على الفساد الاداري وفشل مرتبط باختلاس مالي كبير قام به مسؤولين من اعضاء مجلس الحكم .
واخيرا اعلنت ينار بان منظمة حرية المراة في العراق تقدم البديل للنساء المهددات بالقتل " غسلا للعار" او العنف المنزلي بأخذهن الى البيوت الآمنة. ان الخطاب قد انقطع مرات عديدة بشعارت الحرية وانهاء الاظطهاد. ان الخطابين اللذين تليا كانا لقادة الحزب الشيوعي العمالي العراقي سمير عادل ومؤيد احمد. ان تاكيداتهم كانت على قضية المراة كاحد ميادين الرئيسية للصراع السياسي بين الاحزاب المختلفة، والحلبة التي تعكس طموحاتهم الاجتماعية لملايين من الجماهير. قال مؤيد احمد " حرية المراة هي مقياس الحرية والانسانية في المجتمع" بعد طرحه موجزا عن كيف ان السلطات ليست لها الربط اطلاقا بالطموحات اليومية ومآسي النساء. وانتقد سمير عادل تدهور وضع المرأة في ظل الاحزاب الاسلامية التي تقوت من قبل الامريكان.
وتبع ذلك لقاء حمزة. انها احدى موظفات البنك، هددت بالتوقيف اذا لم تسدد مبالغ خيالية للحكومة ( تساوي عشرين سنة من راتبها ) . لقاء هددت بانه اذا لم تستطع الوزارة حماية الموظفين والموظفات واذا كان مجلس الحكم لا ياخذ بنظر الاعتبار مصالح المواطنين، فانهم راغبون في البدء باضراب عام سيشل الاقتصاد..." وسف نرى ماذا يستطيعون ان يفعلوا أزاء ذلك ".
والجزء القادم من الحدث كان لناشطات منظمة حرية المراة من جميع انحاء بغداد. خمسة نساء متحدثات جريئات من شرائح اجتماعية مختلفة عندهن نقطة مشتركة. النساء قويات ...اصواتهن يجب ان تسمع ... وكذلك الانهاء الفوري لجميع انواع القمع ضد النساء. جميعهن انتهوا بصوت واحد : "... هذا هو يومنا ... يوم المرأة العالمي ".
جمع كبير من حراس شبان للحزب الشيوعي العمالي العراقي، مع شرائط حمراء على اذرعهم قامو بحراسة ومراقبة جميع زاوايا ساحة الفردوس. في نقطة معينة، حاول شرطي عراقي الدخول الىالساحة. لقد استجوب وسئل حتى اظهر هويته الرسمية الى فتاح ممند وليث اللذين كانوا من لجنة الحماية. بعد التأكد من اسمه و صورته افسحوا له المجال بالدخول.
ان الاعلام المحلي والعالمي قد ملئ الساحة في وقت تزامن مع التوقيع على الدستور. سئل احد المراسلين ينار محمد : " كيف تنظرين الى هذا الدستور الموقع " . فاجابت بعفوية : " ان المجلس الذي فرض على الشعب العراقي يستطيع ان يوقع على ما يختاره ... المستقبل ، مستقبلنا فنحن نقرره .... نحن تعلمنا كيف ننظم صفوفنا. لا نترك مصائرنا في ايديهم ".