تأنق مجهودكن وارتقى تحت شجرة زيزفون صحفية عراقية مزهرة يا ميسون



جاسم المطير
2009 / 1 / 5


لأول مرة اطلع على مجلة نسائية عراقية اسمها ( نون ) أرسلتها لي رئيسة تحريرها مشكورة الصديقة العزيزة ميسون الدملوجي . كان العدد يحمل الرقم 29 الصادر في الأول من كانون الثاني 2009 وقد وصلني العدد صباحا في نفس يوم الصدور مما يوحي بان هذه المجلة راسخة تتصاعد إصداراتها الشهرية مع مواعيد طلوع نجومها كل شهر وهذا سر أول كما بدا لي من أسرار نعيم تحريرها وإنتاجها في زمن تتعثر فيه الصحافة العراقية كلها بضباب صدور غير منظم وغير منتظم وأولها عدم الالتزام بمواعيد الصدور .
كان هذا جميلا حقا كما أسعدني أيضا جمال آخر تعزز بوجود روح هادئة ورائعة في الهيئة الاستشارية الدكتورة فوزية العطية وخلود العبيدي والدكتورة سهام الزبيدي مما جعلني منذ البداية ناظرا لهذه المجلة على أنها حضور مميز للصحافة النسوية العراقية مؤثرة منذ اللحظة الأولى في أعماق نفسي بالإضافة إلى مطالعتي لعدد من مقالاتها وتحقيقاتها التي كانت عزيمة في قوتها لتقديم أفضل الصور والآراء والأفكار عن حقائق المرأة العراقية ومعاناتها في أودية الأحزان الكبرى التي تدفق طوفان اضطهادها في غابات الإرهاب الدموي في الشارع العراقي خلال السنوات الخمس الأخيرة التي تولهت فيها أسلحة التكفيريين بقتل المرأة وغمط حقوقها واغتصابها واختطافها مما أودى بالكثير من اليأس في صفوف الحركة النسائية الديمقراطية وتجمعاتها .
مجلة نون في عددها 29 كما رأيته لم يكن عددا محزونا بل كان مثل طائر صغير جميل يحمل نشيدا حيويا لمنح المرأة العراقية أملا حقيقيا مشبوبا لمستقبل واعد وكان المقال الافتتاحي يحمل عنوان ( كل انتخابات وانتم بخير ) تضمن معنى ساميا موهوبا إلى مستقبل المرأة العراقية في ظل طبيعة ديمقراطية تتكون تدريجيا في العراق لكنها بوتائر غير بطيئة مما يعزز الشعور أن للمرأة مكانة فاعلة في قلب الأحداث القادمة بما في ذلك الأحداث السياسية .
كانت جميع صفحات المجلة وأبوابها أمام القراء جميعا بمثابة خميلة ساجية تجري تحتها نشاطات نسوية متنوعة الأشكال والعُـدد وفيها تأمل عارم لما تقوم به المرأة في مختلف المحافظات . فمن الاهتمام بقضايا تتعلق بسرطان الثدي والمؤتمرات النسائية واللقاءات الثقافية المتنوعة إلى المتعة المؤكدة بجميع عطايا المحررات الموهوبات التي تحض على مواصلة الكفاح ليكون العراق الجديد صورة جميلة بإصرار واهتمام المرأة والحركات النسوية المتطلعة إلى جديد الحياة الديمقراطية تنعم فيها المرأة بحقوقها .
الشيء الذي أقوله هنا هو تحية من القلب لهذا المخلوق الجميل ( نون ) الماشي بسرور تحت جمع من الكفاءة النسوية العراقية من أمثال هيئة التحرير وأجد الآن في هذه المناسبة أن عيد رأس السنة الجديد كان عيدا مضافا بصدور هذا المستوى الصحافي في العراق متمنيا أن تكون نون قلادة لؤلؤية في صدور المرأة العراقية في المدن العراقية كلها وصولا إلى أعماق الريف وعسى أن تتواصل جهود المناضلات لتوفير جواهر صحفية أخرى لنساء العراق في إصدارات أسبوعية . كم سأسر لو صدرت جريدة يومية تغدو وتروح في كل بيت تستغرق في أفكار النساء ومعاناتهن وتطلعاتهن .
تحية أخيرة لكل من ساهم بصدور هذا العدد آملا أن أرى العدد القادم مزينا بأسماء هيئة التحرير التي أحاطت بهذا المجهود وحفظته بهذا المستوى الراقي والمتألق من المضامين إلى جانب جهود الفنيين أنور نمر ورسلان سالم اللذين جعلا ملكوت هذه الصفحات مليئا بنشوة تستولي على القارئ .