رشيدة داتي.. ونقاش ساخن



باسنت موسى
2009 / 1 / 7

رشيدة داتي هي وزيرة العدل الفرنسية وقد وضعت منذ أيام طفلتها الأولى التي يعرف الجميع من هي والدتها مع التحفظ على إسم والدها الذي هو حتماً ساهم في وجودها بالحياة دون إطار شرعي واضح يربطه بالأم "داتي".
هذا التحفظ من قبل "داتي" على إسم والد طفلتها الوليدة جعل خبر مجيء الطفلة للحياة عنوان بارز في العديد من الصحف الإليكترونية العربية، خاصة وأن الوزيرة الفرنسية ذات أصول عربية لها شكل ثقافي معين لا تسمح أو تقبل أن يكون للمرأة أبناء خارج إطار علاقة زواج واضحة للجميع وإلا فسيكون في أفضل الأحوال لقب "ساقطة" من نصيب تلك البائسة أو قد يكون نصيبها أكثر قسوة من هذا عبر موت من خلال سكين رجل من العائلة يرى أن القتل هو الحل الوحيد لمحو عار مجيء طفل دون أب في تاريخ عائلته.
لذا حمداً لله أن رشيدة في فرنسا وعلى ما يبدو أن تأثير أصولها العربية عليها لم يتعدى حدود الإحتفاظ بالأسماء العربية حيث أن والدها سيحتفل معها بمجيء طفلتها ولن يذبحها بل ربما سيسعد لأن إبنته صارت أم رغم أنها تعدت الأربعين بسنوات.
ردود أفعال القراء الإليكترونيين لحادثة إنجاب رشيدة تتخذ منحى واحد وهو الرفض ثم الرفض بل وإعتبار رشيدة إمرأة جاهلة ساقطة وما شابه ذلك رغم أنها سيدة ناجحة إستطاعت أن تكون وزيرة في مجتمع حر لا ينجح فيه أنصاف الكفاءات والقدرات، لكن ما أدهشني هو رأي رجل أعتبره صديق إليكتروني لي وهو يعمل بالمحاماة منذ ما يقرب من ربع قرن حيث أكد لي بعبارات جميلة منسقة تبدو وكأنه يترافع أمام المحكمة أن رشيدة إمرأة جيدة حرة ناجحة ولهذا ووفق مرافعته ليس من العجب أن يفخر والدها بإبنته وحفيدته التي أتت لحياة دون إسم أب تحمله!!
لكنني ولشعور داخلي غريب لا أعرف محركاته لا أصدق الرجال عندما ينادون بأفكار تحررية عن النساء خاصة وأنني كأنثى وأنتمي لعالم النساء وجدت صعوبة في البداية عند تقبل الكثير من الأفكار الخاصة بتحرر المرأة والإيمان بإستقلاليتها على كافة المناحي، لذلك الشعور سألت هذا الصديق هل كنت ستعلن مرافعتك العصماء تلك أمام الجميع لو كانت إبنتك هي التي قامت بفعل مماثل لما أتته رشيدة؟ وجدت الرجل تجهم وظهر هذا لي من خلال صوته الذي بدأ في التراجع بعد أن غاب عن نبراته الحماس والتأييد ليقول لي عبارة لا أنساها "الحريات التي أؤيدها للأخريات ليست جيدة بالضرورة لذا لا أتمنى لإبنتي أن تمارسها كحريات" أي أنه ينادي ويكتب مقالات ويتحدث لتحقيقات صحفية عن حريات المرأة المطلقة العابرة لكل التقاليد والأعراف والخطوط والدين وكل شيء لكن مع إبنته لا يغني سوى بنغمات معروفة يصفها بالرجعية في غناءه على البشر من خلال وسائل الإعلام.
هذا الرجل يشبه كثيرين جداً أقابلهم كل يوم ويدفعون بشعوري الداخلي لمزيد من التوجس من الرجل الذي يدعى الإيمان بأفكار يروج لها ليستفيد هو من تطبيق الأخريات لها معه لكن مع بناته الأمر مختلف وكأن الأخريات فئران تجارب في معمله المليء بالقاذورات فبئس أمثال هؤلاء الرجال.