المرآة والأسطورة



إبتهال بليبل
2009 / 1 / 29

الحكمة تتجسد وتُبنى من المعاناة وألاوجاع ، ونحن غالباً ما نكون غير دقيقين في وصفها أوتفسيرها ، لأن خبرتنا تكون كالعدسة التي تنظر الى الناس من خلالها ، فقد تكون مقبولة أو غير مقبولة ..
اليوم سأعقد النية للحديث عن علاقة المرآة بالأسطورة ، وخاصة أنني لم أجد أسطورة قديمة لم تسلط الضوء عليها ، حيث أنها جميعاً تشير الى الدور المهيمن للإناث ، وهذا ما نلاحظهُ من خلال التطور الواضح في تشكل روح المحاربة ، ونظامها الأمومي ، وإلالهة من الإناث ، فبرزتها كعطاء دائم للمحبة والحكمة والقوة بدلا من جلب الموت والدمار ، ولهذا فأن من أهم صفات ذلك المجتمع أنه كان يتمتع بكثيرمن الحرية والمساواة مع الرجال ... كما وان أكثر الأدوار التي كانت تلعبها المرآة هو دور الآلهة في مرحلة ما قبل الأديان، حيث كانت مزدوجة الشخصية بين الأنثى الجميلة والساحرة لتتحول في نهاية المطاف الى قوة عظمى ، منها أسطورة جزيرة النساء وأوزيس والثعبان وآلالهة وغيرها الكثير من الأساطير ... ولو حاولنا الولوج الى أعماق تلك الأساطير لوجدنا أهم خصائصها ارتباط المرآة فيها بالخصوبة ودورة الطبيعة للحياة ، وبما في ذلك الوفاة أيضاً ، ولعل هذه الخاصية تمثل سمة الأبداع للمرآة لكونها تتعلق بأعطاء الحياة من جميع جوانبها ، ولم تبتعد الأساطير وصف المرآة المحاربة وأحترامها للموت كجزء طبيعي من الحياة والتي تبدو كترجمة حقيقية لها ، وهذا يتجلى لنا من خلال الزواج الرمزي بين الملك وألآلهة السيادة وهذا الاتحاد هو بحد ذاته ضمان لخصوبة الأرض الى السنة المقبلة .. كانت معتقدات تلك الأساطير تؤكد على حقيقة تَبني رموز وغموض وعواقب مآساوية لحالة الأنسان في الطبيعة من مأساة الحياة والموت كرمزاً لعبادة الألهة ( المرآة ) ... وبما أن مصدر الحياة كان بشكل متكامل مرتبط بالمرأة ، نجد ان في بعض الأحيان ومن لحظات الفرح أو الألم يتحول البشر إلى ألالهة والتي كرمتهم في العديد من مظاهرها ، فإنه لم يجد غرابة في ذلك الحين إلى عبادة إله أنثى ، يبدو أن الحياة الحياة الطبيعة ذات قيمة أكبر من المعنى المادي. ومن هنا تأتي أهمية المرأة . شكلت الإناث رمزاً من أقدس الصور الدينية في الكون ، وعلاقتها مع الأمومة هي من العناصر ألاساسية في النسيج الاجتماعي للمجتمع...
ولكن التغيرات التي طرأت على المجتمعات والتي جعلتها إلى حد كبير ، أسطورة إبداع للمرأة على تحقيق الرخاء والازدهار ، وتطورت إلى المحارب في وقت أصبح وضع المرأة في المجتمعات في انخفاض مستمر ومحط هجوم ، حيث تم التركيز على الدماء والموت بدلا من التركيز على احترام الحياة والموت. ومع ذلك ، بدأ الرجال ، يشعرون بأنهم مهددون من قبل النساء ، وبذلك خُلقت قوة المنافسة بينهما. وفي أكثر من جانب وبدأ الكهنة بالهجوم على المرآة ، لأن النظام الأبوي في معتقداتهم يقف على النقيض المباشر خاصة عبادة الأنثى كمعبودته وأنتشرت عمليات العنف في المجتمع ضد النساء وقتل الكثير من النساء ..
من الصعب أن نقول على المرآة بأي قدر من الدقة الحقيقية سواء أكانت أم لم تكن موجودة بأنها عكست قدرا كبيرا من الأدب في المجتمع القديم ، ولكن يحدوني الأمل في أن تفعل ذلك فمن السهل الاشارة بأصابع الاتهام الى الرجل ووسائل العنف التي يتبعها ، فهي احد الاسباب المهمة لتعطيل السلام في العالم ، ولكن بطبيعة الحال الأمور ليست بهذه البساطة. فيمكننا أن نرى بعض الأدلة على العنف من قبل النساء أيضا، ومن المؤكد أنها لا تقتصر على الرجال فقط.، ولعل البعض يرغبون في أن ننظر إلى الماضي كدليل على أنه أفضل الأوقات بالنسبة للنساء في العالم ، ونحن نتطلع الى تلك الأسباب نقول لماذا أصبح العالم عنيف ومتعطش الى الدماء. إنه حقا كحلم المتشبث بالقش في ان نضع اللوم على مجموعة معينة ليتسبب ذلك في خلق الكثير من المشاكل في العالم .