الإنسانية محور وجودنا الأبدي



إبتهال بليبل
2009 / 2 / 5

وكما قلت سابقاً وأقول أننا نعشق الحرية ولكن لا نعرفها ، ونعرف الوحدة ونجهل الذين نتحد معهم ، ونجهل كم الاتحاد معهم محتوم إذا أردنا البقاء ... سيدتي العربية أينما كنتِ أخاطبك ، أروي لكِ أمراً ـ إذا كانت هنالك حكمة يمكن تخليصها من قتل الأبرياء والذين أكثرهم أطفال ونساء باسم الجهاد وعلى حساب دماء الأبرياء الذين لا ذنب لهم ، واستمرار الاستهانة بقوانين السماء وحقوق الإنسانية ، وتحويل مفهوم القتل والدمار لديهم إلى مفهوم الجهاد ... فإذا حاولت الاطلاع على حقيقتهم لوجدتهم لا يمتلكون أي صفة من ذلك ولأذهلتك ضحالة وضعهم وقدراتهم ومعلوماتهم عن مفهوم الإنسانية ، ولأذهلتك مفاهيمهم الوحشية ومعتقداتهم ...
وحين تكون المرآة هي الأداة فذلك شنيع ، فعندما تسيء استعمال غريزة الحب والعطاء وغريزة الاحتضان ، فهي بذلك لا تشكل ظاهرة بذاتها ، وإنما هي جزء من ظاهرة أعم وأشمل هي إساءة استعمال الإنسان لإنسانيته كلها ...
أن ذات المرآة هو جزء من إنسانيتها في الوجود ، وأن ما حصل لتلك المرأة المسماة سميرة أحمد جاسم ، الملقبة بـ"أم المؤمنين" والتي يعتقد أنها مسؤولة عن تجنيد أكثر من 80 امرأة لتنفيذ عمليات انتحارية في محافظتي بغداد وديالى، وعلى صلة بأكثر من 28 هجوماً بالمتفجرات ، ليس إلا نظرة محدودة وضيقة إلى المأساة الإنسانية الأبعد شمولاً ، أن قتل وتفجير المرآة نفسها ليس سبب شقاء هذا العالم ولا سبب حروبه التاريخية ولا سبب الجشع والقبح والبؤس الذي يغمر العالم ، ولكنه مجرد ظاهرة من الظواهر الكثيرة التي تعبر عن انحراف الفكر البشري وبالتالي شقائه ، أن وئد المرآة وجلدها أقل شراً في نظري من أن ترمي نفسها وهي مفخخة لتقتل عشرات من الأبرياء لا حول لهم ولا قوة ... وإذا كان لا بد من الاختيار بين وئد النساء ورجمهن على تفخيخ أنفسهن لاخترت الشر الأول ما دام هناك نساء بهذا الكون يحملن مثل هذه الأفكار !!! وربما اختلقت اختيارا ثالثاً .... ولكن ما هو هذا الخيار الثالث ؟؟ هل سيكون فيه الحل للمشكلة ؟؟
تستحضرني الآن دراسة طريفة كنت قد قراءتها سابقاً حول الثورة الروسية ـ تقول أن الشيوعية وجدت خصمها الأكبر في المرأة ، لان المرأة تكون ميالة بطبعها إلى أن تكون فرداً استهلاكياً يشجع الموضة وآخر صرعات العصر ، وحتماً أنا هنا لا أتحدث عن موضة الملابس والأزياء ولكن أتحدث عن طبيعة المرأة وبما أن العصر مودته الإرهاب والتفخيخ والقتل نجدها تحدو إلى كل جديد وتسير على مسارهُ ...
ورغم أن هذه النظرة في اعتقادي ضيقة الأفق وقاصرة وتحاول تجاهل حقائق أبعد غوراً في النفس البشرية ، ألا أنني أجد فيها بعض الحكمة لو قارنتها ببعض نساء اليوم ...
أن المرآة التي تنهج نهج الدمار والإرهاب والقتل ، لديها رغبة قوية للتفرد بذاتها ، فنجدها تعبر عنها بهذا الصدد ، فكل إنسان يظل فريداً بذاته وحتى أن جنح إلى الدمار .. وبذلك يتحول مفهوم بطولتها إلى انتصار رخيص للمرآة من أجل أثبات ذاتها ..
وبعد وهذا العالم الذي تنازعهُ قوتان ، الخير والشر ، فالأولى تحاول تطبيق قوانين العدالة الإلهية بتوحيد الفكر الصادق البناء وتعميم الحب الحقيقي في العطاء ، والثانية تحاول تحويل رغبتنا الإنسانية في الدمار أحياناً إلى سلع استهلاكية وأحياناً تحولنا إلى مهازل بهيمية ، وبين هاتين القوتين التي تتجاذباننا ، لا أعتقد أن على المرآة أن تختار ، بل يجب أيجاد حل آخر ينبع من أصالتنا وتاريخنا وحبنا للآخرين وبالذات حبنا واحترامنا لإنسانيتنا وخاصة في هذه المرحلة التي تمر بها بلادنا الحبيبة ....
ولذا رغم كل ما يحيط بنا من ظروف موضوعية مؤلمة قد تجرنا إلى اختيار النمطية كحل على كل الأصعدة ، تظل الإنسانية هي محور وجودنا الأبدي ...