المهاجرة التي اطاحت بوزير اعلام



سوزان خواتمي
2009 / 2 / 13

ستظل نساء هذا الشرق متهمات، فكل امرأة تختزل الى صورتها مهما كانت درجة وعيها ومؤهلاتها.. هناك وأعني هنا- تراتبيات أخرى غير (نساء- رجال) تبدأ من الجنس ولاتنتهي بالجنسية، وتمر حتماً بالأصل والفصل.. وفي كل ذلك يكون الابداع هو الضحية، الذي لا ينمو سوى في بيئة تحترم الحريات، وتؤمن بتكافؤ الفرص، بغض النظر عن الجنس واللون والمعتقد أيضاً؛ فالابداع لا لون له ولا جنس ولا دين ولاهوية ولا وطن، انه ملكة فردية تنمو أو تموت بحسب الظروف المتاحة، تلك الظروف التي أُتيحت للفلسطينية ( رولا جبريل) فنالت لتفوقها منحة مجانية للدراسة في ايطالية، حيث تخصصت في العلاج الطبيعي، ثم قررت دراسة الصحافة والعلوم السياسية، وعملت في التلفزيون الايطالي، وحققت نجاحا باهرا.. وعلى رغم من أن الصحافة الايطالية اعتادت أن تنصح المشاهدين بكتم الصوت والاكتفاء برؤية المذيعات الجميلات إلا أنها وصفت رولا جبريل بأنها ابنة القدس الجميلة والذكية كذلك..! فرولا التي تحمل لقب (المحاورة الشرسة) تعد وتقدم أكثر البرامج التلفزيونية نجاحا وتأثيرا في إيطاليا، ولها ثلاثة كتب وضعتها في مصاف أهم الأديبات الإيطاليات الشابات.. كما أن طريقتها المباشرة والواضحة في النقاش جعلت التلفزيون يعرض عليها، بغض النظر عن أصلها العربي، عقدا لمدة سنتين، ثم عقدا مدى الحياة، وانتقلت بعد ذلك إلى برنامج يطرح قضايا الساعة عبر العالم. أحرجت رولا وزير الاعلام الايطالي حين ذكرته في برنامجها بتصريح سابق له حول الأجانب ورميهم في البحر، فتساءل «من هذه الست السمراء»، هذا التساؤل العنصري جعل المذيعة الشرسة تترك اللقاء، وأدى إلى إطاحة الوزير الذي استقال من منصبه بعد ثلاثة أيام بالضبط.. ترى ما هو مستقبل رولا جبريل، فيما لو جعلتها ظروفها تهاجر الى بلد عربي، وتعمل في احد تلفزيوناته..! وما مستقبلها المهني لو قامت بفعلتها هذه أمام أي مدير إداري (مواطن) في المرتبة العاشرة من السلم الوظيفي، وليس وزيرا، أو وزير إعلام؟! بل وما الذي تتوقعونه فيما لو فعلت ذلك في بلدها الاصلي؟