شهريار العصري



سهام فوزي
2009 / 2 / 16

علي مر الزمان والعصور والرجل يهوي أن يلعب دور شهريار وان يعيش في جو ألف ليلة وليله فيستبدل النساء كما يشاء ومسرور السياف مستعد دائما لقطع رقبة الجارية التي انتهي دورها ،ولا يختلف الرجل العصري مهما بلغ علمه ومهما وصل من مكانه عن شهريار ألف ليلة وليلة إلا في أن شهريار العصري تعلم حيلة شهرزاد ألف ليلة وليله التي ابتكرتها لتبقي علي قيد الحياة ولذلك فشهريار العصري يأبي أن تولد شهرزاد أو ان تبصر النور يرفض أن تشاركه شهرزاد الحياة كشريك له مساوي له تماما في الحقوق والواجبات ،فالمرأة دائما وأبدا هي جارية وجارية فقط في نظر شهريار عليها ان تمتعه وتسليه وتتحمل أغلاطه وقسوة طباعه وأن تكون متواجدة لخدمته دائما ليل نهار ولا يختلف في ذلك رجل المدينة أو رجل الريف ، الرجل الحاصل علي أعلي المراتب العلمية أو الرجل الأمي الجاهل فكل الرجال سواء .لا زالت عقدة الشك والريبة تتملك شهريار العصري في كل ما يصدر عن شهرزاد ،لا زال شهريار يخشي ذكاء شهرزاد دائما يري انها تريد السيطرة عليه وامتلاكه وذلك لأنه هو خلق علي حب التملك والسيطرة ولذلك يحرص دائما علي إبقاء شهرزاد في موقف المتهم ويحرص علي ان يختلق لها الاتهامات الباطله كي لا تتمرد يوما ،إن الدور الذي يرتضيه شهريار دوما لشهرزاد هو موقف المدافع عن نفسها ، وجل ما يتوقعه منها أن تتحمل أن تهان وأن تجلد كل يوم وأن ترضخ بلا شكوي لأن الشكوي هي تمرد علي شهريار لا يسمح به ،فالقاعده الأساسية في العلاقة بين الطرفين والمقبولة لدي شهريار أن شهرزاد هي جارية والجارية لا إرادة لها ولا حق لديها سوي القبول بما يمنحه لها سيدها الرجل وإن رفضت شهرزاد هذا الدور فمسرور السياف موجود وسيفه جاهز واللبيب بالإشارة يفهم .
تنشأ شهرزاد العربية علي الخوف والقهر ، الخوف من الغد بلا رجل ، والخوف من أن يهجرها الرجل ، والخوف من أن يطلقها الرجل وأه من عقدة الطلاق التي للأسف الشديد تزرعها شهرزاد الأم في نفس شهرزاد البنت ،فالطلاق في مجتمعاتنا العربية هو عار يلحق بشهرزاد وجريمة كبري لا تغتفر عليها أن تتجنبها مهما حدث لها ومهما كان الثمن الذي عليها أن تدفعه راضخة صاغره ، عليها أن تقبل الإهانة ، أن تقبل التحقير ، أن تقبل الذل مقابل أن لا يسجل في خانة الحالة الإجتماعية لقب مطلقة ،فمهما كان الرجل فهو رجل له الحق في أن يفعل ما يشاء أن يخون ويهين ،أن يتجني علي المرأة وأن يستغل السلطة التي أعطتها العادات والتقاليد له ، وعلي المرأة أن تقبل بكل هذا شاكرة حامده أنه تفضل عليها وأبقاها في نطاق ممتلكاته كشيئ من الأشياء ولم يعمل سيف مسرور السياف فيها .
أتعجب حقا من صمت المجتمع عما يجري لبعض النساء ،كيف يقبل المجتمع أن تحطم إرادة المرأة باسمه ، كيف يقبل لها أن تهان وتضرب وتشتم بأفظع وأقسي وأحقر الشتائم ، كيف يصمت المجتمع عن الجرائم التي ترتكب باسم العادات والتقاليد ، وأي جيل ونشئ يتوقع المجتمع أن يتربي علي يد إمرأة مسلوبة الإرادة مكبلة بالقيود البالية .
لماذا علي المرأة أن تتحمل القهر ؟لماذا عليها أن تكون دائما من يضحي بكل حقوقها من أجل أن يستمر الزواج ؟لماذا عليها أن تقبل الهوان إما من أجل أطفالها أو من أجل نظرة المجتمع إليها ؟ لماذا عليها أن تتحمل عقد الرجال وشعورهم بالنقص ؟ لماذا كل هذا التجبر والغرور ؟ من هو الرجل بدون إمرأة ؟
عفوا شهريار العصر والزمان أنت لست أقوي أو أفضل مني بل علي العكس أنت أضعف مني ،أنا كشهرزاد أقوي منك بكثير أو تعلم لما ؟ لأن شهرزاد هي من أنجبتك ، هي من إستطاعت أن تتحمل تسعة أشهر من الألم والضعف والجهد ، استطاعت أن تتحمل لحظات المخاض الصعبة من أجل أن تهب لك الحياة ، شهرزاد هي من أعطتك من روحها لتكبر ويشتد ساعدك ، شهرزاد هي التي أوصلتك إلي ما أنت فيه الآن ، وأكملت شهرزاد أخري الدور المكتوب فجاءت شهرزاد الزوجه التي استطاعت بقوتها أن تمنحك واحة ظليلة تستريح فيها قسوة الأيام ،شهرزاد الزوجه هي من منحتك نفسها وولدت لك أطفالك وحمت بيتك وعرضك ،شهرزاد الزوجه هي من يضحي في اليوم ألف مرة من أجلك ومن أجل أبنائك ، شهرزاد التي تقف إلي جوارك في المجتمع كي تشاركك صنعه والقيام بمسئولياته وواجباته .
عفوا أنت لست بأفضل مني ولكنك حقا تتمتع بغرور لا حد له تتصور أنك السيد المطلق ،لك الحق في الأمر والنهي وعليا واجب الطاعة ، تتصور أن لك الحق أن تعطي ما شئت وتمنع ما شئت ،اعتذر فهذا غير مقبول لانك بدوني تصبح ولا شيئ ، وعليك أن تعي هذا الأمر جيدا وأن تكف عن الغرور والأنانية فإن كان المجتمع يعطيك الحق بأن تأمر وتنهي وأن تتحكم في مصير النساء فذلك لأن المجتمع ظالم لا يري الواقع ولا يري إلا ما تريده انت أن يراه ، مجتمع ربي في نسائه الخوف والقهر فولدت النساء رجالا غير أسوياء .
اعتذر فلن أقبل بعد اليوم أن أكون مجرد شهرزاد عليها أن تلعب دور الجارية الحمقاء ،لن ألغي مشاعري ،لن أقبل أن تستهين بذكائي ،لن أتحمل غرورك ، ولن أدفع ثمن عقدة النقص التي استوطنت نفسك، لن أقبل أن تهان كرامتي أو أن تسلب حريتي ، سأكون متمرده ثائرة تحطم كل الجدران لتخرج إلي النور في وضح النهار لتقول إنني إنسانه كاملة الأهلية ، لن أخضع للقهر ولن أكون محل إتهام لن أقبل أبدا بعد اليوم أن أظلم أو أهان او ان يسلب حق لي ،لن أضحي من أجل الخوف من المجتمع ومن نظرة الناس لي ، وانت شهريار إن شئت أن تقبل هكذا فسأنظر في أمرك وإن رفضت واستمررت في البحث عن شهرزاد تقبل الذل والخضوع فلن أبكي عليك لأن مثلك لا يبكي عليه