فرع جمعية -لا عاهرات ولا خاضعات- بالمغرب



إدريس ولد القابلة
2009 / 2 / 25

فرع جمعية "لا عاهرات ولا خاضعات" بالمغرب
مشروع بين التعميم والتنكر لغرض في نفس يعقوب
يبدو أن هناك تعتيما، بدأت تطفو ملامحه، بخصوص الرغبة في خلق فرع جمعية "لا عاهرات ولا خاضعات" بالمغرب، إذ قليلة هي وسائل الإعلام التي تطرقت إلى هذا الموضوع، كما أن مختلف الفعاليات النسائية، إما أكدت أن لا علم لها بالأمر، وإما أن بعضها تنكر له ، جملة وتفصيلا، في حين طلبت قلة منهن مهلة للتقصي لكن دون الوفاء بمتابعة القضية وإمدادنا بالنتيجة كما وعدننا بذلك. فهل الأمر يتعلق بسر وجب الحفاظ عليه إلى حين الإعلان عن ميلاد الفرع المذكور، سيما وأن جمعية " لا عاهرات ولا خاضعات"، تعرضت لانتقادات كثيرة من طرف المسلمين المقيمين بأوروبا. وذلك نظرا لأهدافها وظروف نشأتها والنساء اللواتي أخذن المبادرة لخلقها.
فكل المصادر التي أشارت إلى خلق فرع الجمعية الفرنسية بالمغرب في مارس المقبل مواكبة للاحتفاء باليوم العالمي للمرأة، أجنبية، ولم يظهر إلى حد الآن مصدر مغربي يقرّ بهذا الأمر.
أكدت زينب ذو الفقار، إحدى العضوات البارزات بالجمعية، أكثر من مرة وفي العديد من المناسبات، أنها أجرت اتصالات مع فعاليات نسائية نشيطة في مجال الدفاع عن المرأة دون ذكر أي اسم، وصرحت أن جمعية " لا عاهرات ولا خاضعات" تعمل على تأسيس شبكة مغربية بتنسيق مع باقي الجمعيات النسائية التي تعمل في القطاع لخلق فرع لها بالرباط، سيما وأن الجو العام في المغرب يتميز بنشاط العديد من الجمعيات التي تناهض العنف الزوجي ضد النساء والزواج الإجباري، مما يجعل الباب مفتوحا أمام تأسيس الفرع بالمغرب.
وقد تأكد الآن أن القيمات على الجمعية الفرنسية يرغبن في التسلل إلى مجتمعاتنا عبر الاهتمام بمجموعة من الأهداف النبيلة تهم كافة المغاربة، من قبيل ما تسعى إليه جمعية "ما تقيش ولدي" ودعم تمدرس الفتيات القرويات والاعتناء بأطفال الشوارع.
ومن المعلوم أن "لا عاهرات ولا خاضعات" ولجت مجتمعنا سنة 2006، بفضل شراكتها مع إحدى الجمعيات المغربية تحت غطاء تشجيع تمدرس الفتيات في العالم القروي، ويبدو أن هذا هو السبيل الذي سترتكز عليه لمحاولة خلق فرعها بالرباط في مارس المقبل.
فالمغرب دولة عربية إسلامية، دينها الإسلام، حسب محتوى الدستور، فهل الجمعية الفرنسية يمكنها أن تتماشى مع واقع بلادنا، علما أنها رأت النور في ظروف مرتبطة بالمجتمع الفرنسي الذي ينشط في دولة علمانية؟
هذا ما دفع الكثيرين ـ بغض النظر عن صحة مبادرة خلق فرعها بالمغرب ـ إلى اعتبار هذا الأمر لا يعدو أن يكون، بكل بساطة، استيراد لثقافة غربية وأفكار دخيلة قد تكون انعكاساتها خطيرة على المجتمع المغربي المسلم.
تأسست جمعية "لا عاهرات ولا خاضعات" في غضون سنة 2003، حيث قادتها في مرحلة التأسيس الأولى، فضيلة عمارة، فرنسية من أصل جزائري، كاتبة الدولة في الشؤون الاجتماعية ضمن حكومة ساركوزي، وخلفتها في شتنبر 2007، سهام حبشي، وهي كذلك فرنسية من أصل جزائري، وكلاهما ترعرعت في إحدى الضواحي الباريسية المهمشة التي تضم الجاليات المغاربية والسود والأفارقة والأتراك.
ناضلت هذه الجمعية ضد كل أنواع العنف اتجاه المرأة ونددت بسياسة الإقصاء والتهميش، لكن مع مرور الوقت تجاوزت هذا الإطار لخوض معركة من أجل تحرير المرأة المسلمة من الرجعية والتخلف، مما جعلها تكسب بسرعة تعاطف اللوبيات المناهضة للإسلام والمناوئة للمسلمين في الديار الفرنسية. وكانت أولى معاركها ضد الحجاب كرمز للأصولية الإسلامية حسب زعمها، وسجلت أول انتصار لها عندما قام البرلمان الفرنسي بإصدار قرار منع الحجاب منعا باتا.
وللإشارة تضم الجمعية في صفوفها شواذ مشهورين بفرنسا، وتدافع على العلاقات غير الشرعية، إذ تعتبر أن للمرأة كل الحق بان تتصرف بجسدها كما تشاء، وأن عليها أن لا تبالي بأي فتوى لكون الفتاوى رجعية وأصولية خطيرة، كما نعتتها فضيلة عمارة، كاتبة الدولة بـ "الفاشية الخضراء التي تهدد المبادئ العلمانية لفرنسا".
ومن المعلوم أن الرئيس السابق جاك شيراك وعمدة باريس "دولانوي" الذي أعلن منذ سنوات بأنه شاذ ومثلي، قاما بتدشين مقر جمعية "لا عاهرات ولا خاضعات" سنة 2006.
وتسعى هذه الجمعية إلى الدفاع عن المرأة وعن تحريرها من جميع أنواع الإقصاء والتهميش والعنف، وهذا جميل، لكنها تدافع كذلك على الكثير من الأهداف الأخرى، التي تقصف المبادئ الإسلامية التي يقوم عليها المجتمع المغربي. والتي نعتها الكثيرون بكونها جاءت في إطار مخطط "عولمي" (نسبة للعولمة) يستهدف المجتمعات الإسلامية عبر قنوات من قبيل جمعية "لا عاهرات ولا خاضعات" المكرسة للمجون والانحلال الأخلاقي والفساد، خصوصا وأنها تركز على الفئات الاجتماعية سهلة الاستمالة بالمال والدواعي الإنسانية، وتستعمل نفس النهج المعتمد من طرف المبشرين الجدد ببلادنا.
وتحيا جمعية "لا عاهرات ولا خاضعات" بفضل دعم مالي عمومي من طرف الحكومة الفرنسية وتبرعات ترد عليها من جهات متعددة، إذ يتجاوز الدعم الحكومي 500 ألف أورو (أكثر من 5 ملايين درهم، كما تقدر تبرعات عمدة باريس بـ 30 ألف أورو، علاوة على الاستفادة من تسهيلات ممنوحة من طرف مجلس الحسابات الأوروبي بخصوص تدبير ماليتها.