تهنئة الى المرأة العراقية فى عيدها الجديد



عبدالله مشختى
2009 / 3 / 5

اطلت من جديد ذكرى 8 أذار من عام 2009 لاستقبال عيد جديد للمرأة العالمية فتحية للمرأة فى العالم وخاصة الشرقية وبالاخص العراقية منها ، والكردية بالذات . ان المرأة اليوم تعيش اوضاعا غير طبيعية نظرا لاستمرار اوضاعها التى كانت ولازالت تعانى من ظلم مزدوج ظلم ذكورى وظلم مجتمعى ، رغم الحملات العالمية والمحلية المكثفة فى جميع دول العالم ونشاطات الامم المتحدة ومنظماتها فان المرأة لازالت بعيدة عن التمتع بحقوقها الطبيعية كمسواتها بالرجل على سبيل المثال وخاصة فى مجتمعاتنا الشرقية . نعم المرأة فى المجتمعات الشرقية وخاصة فى مجتمعاتنا الشرق الاوسطية محترمة ومبجلة فعند حضورها الى المخبز لشراء الخبز فهى لن تقف فى الطابور لانتظار دورها بل الرجال يفسحون لها المجال كى تأخذ الخبز وتذهب تحت مبررات كثيرة هى حرمة لايجوز ان تنتظر الطابور او هى صاحبة اطفال دعوها تذهب لرعاية اطفالها فى البيت . وعند صعودها الباص نرى العديد من الرجال او الشباب ينهضون لافساح المجال لها للجلوس ايضا لهم المبررات الكافية لذلك فهى اما حامل لاتتمكن من الوقوف على قدميها او العرف لايقبل ان تقف المرأة والرجل جالس والى غيرها من التفاهات . وهى عنما ترد الى دائرة ما لانجاز معاملة نرى بان الموظف او حتى رئيس الدائرة يستقبلها بابتسامة عريضة ويردد لها الف عبارة تحية ويبدا بالدردشة معها وقد يتوسط لدى الاقسام الاخرى لانجاز معاملاتها وبسرعة . ونشاهد كذلك عنما تمر من مكان ضيق فان الرجال يفسحون لها اولا المجال للعبور . او قد يقدموهن فى المقدمة عند السير او انهم يقومون من مقاعدهم فى الحفلات او المناسبات عندما تأتى امرأة ولا تجد لها مقعدا فارغا . هكذا نحترم المرأة فى مجتمعاتنا ، هذه اشياء جميلة هى محل اعتبار وتقدير من قبل الذكور تجاه المرأة ولكن هل حقا ان ما نتصرف به فى الشارع يمثل ما نحمله فى دواخلنا تجاه هذه الانسانة الرقيقة المشاعر والعواطف ؟؟؟ اقول قد يكون ذلك صحيحا عند نسبة قليلة من الرجال اما الاكثرية فهم يخدعون انفسهم لانهم فى قرارة نفسهم لا يمنحون هذا الاحترام للمرأة . ففى البيت القول المأثور شائع اسمع المرأة ورأيها ولكن لاتعمل بها كونها فى نظرنا ناقصة العقل والدين وحجم دماغها اقل من الرجل كما يقال . او ان معرفة واحترام المرأة هى فى حضنها فان قامت من مجلسها فرغت معرفتها وعقلها ، او انها ليست لشئ سوى للانجاب وارضاع الاطفال ، او انها نعمة من الله وهبها سبحانه وتعالى للرجال كى يتلذذوا بها ....... والخ من المقولات التى تؤكد كليتها عن مدى عمق التخلف الاجتماعى لذكور مجتمعاتنا . وتبين مدى النظرة الاحتقارية للمرأة عندما يجرى الحديث عن حريتها ومساواتها وحقوقها . المرأة فى نظر العديد من الشرقيين هى كسلعة تباع وتشترى وهى لذة للرجل ووسيلة للحفاظ على النسل العائلى لاغير اما دون ذلك وما يتعلق بالحقوق فلا تحدث عنها .
ان المرأة الشرقية عموما والعراقية خصوصا اليوم تعيش فى ظل تخلف وموروثات اجتماعية ودينية وثقافات غريبة لا تمكنها من التمتع بحقوقها كمواطنة وانسانة لها حق التصرف والتثقف والمشاركة فى ادارة مجتمعها مع الفارق من مجتمع الى اخر وحسب درجات الوعى الثقافى والحضارى السائد فيه . ففى مجتمع كالمجتمع العراقى الذى تسوده العديد من الاعراف والتقاليد العشائرية المتخلفة من ثقافات القرون الوسطى والفاعلة الى اليوم تكبل المرأة بالعديد من القيود التى لاتسمح لها بالخروج من اطار تلك القيم والعادات وهى محرمة لها لانها تمثل شرف العائلة والعشيرة .لقد ظهر خلال العقد المنصرم وبفعل تأثير الثقافات الوافدة وبحكم نشاطات المنظمات المجتمع المدنى فى اوساط المجتمع العراقى ان تنال المرأة قسطا من الحقوق المبتورة لها كحق استيزارها وفسح المجال لها بالعمل فى المؤسسات التى تقوم بادارة الدولة وهذه نسبية ايضا ، فيمكننا ان نرى الوزيرة وعضوة البرلمان والمديرة العامة والصحفية وغيرها لان عددا من الاحزاب العراقية امتثلت للضغط الذى تمثله الحياة العصرية الجديدة بان تفسح لها فرص للمشاركة السياسية والادارية للدولة ولكنها قليلة لحد الان . فى حين نرى تكوين قيادات هذه الاحزاب خالية من العنصر النسوى تماما ، والان الرجل يسمح للمراة بان تتزين وتتبرج عند خروجها وتضع اجمل الاصباغ وتلبس ابهى الحلل والملابس كى تتجه الانظار اليها فى المناسبات ولكنه فى مراقبة دائمة لها كى لاتنظر هى الى احد ما والا سيعتبر هذا خيانة زوجية او انتقاصا للشرف الذى ينتهك اذا ما نظرت المرأة الى احد او ابتسمت او تحدثت مع احد ما ، ولكنه معصوم ومسموح له ان يتلذذ باختلاس النظر الى النساء او حتى اقامة علاقات غير شرعية من وراء علم زوجته تناقضات غريبة وعجيبة فى مجتمعاتنا من العنصر الذكورى .
هى محترمة ومبجلة ولكن الى حدود معينة عنما تستسلم لرغبات الرجل وشهواته وتصبح اسيرة بين يديه تطيع ما يأمرها حتى وان كانت هذه الاوامر غير واقعية ولكن هى صحيحة بنظر الرجل ولايمكن مناقشته بها ، لان ذلك يعد انتقاصا من قيمة الرجولة امام امرأة لا تساوى شيئا بنظره وهى الة للانجاب ولاشباع الرغبات فقط وعليه اطعامها واكسائها . هناك العشرات بل المئات من القصص التى تحكى حالة المئات من الفتيات والنساء البريئات اللاتى انخدعن من قبل الذكور واسقطن فى الهاوية وانحدرن الى سلوكيات مشينة فقدن ازواجهن او حياتهن بسبب العديد من الرجال وخاصة من المسؤولين فى الاجهزة والمؤسسات الذين حاولوا وبكل السبل فى اسقاطالعديدات منهن فى شباكهم عن طريق الاغراء والخداع والوعود بالحياة الجميلة والمناصب والوظائف ولكنهم تركوهن على قارعة الطريق بعط ان نالوا ما رغبوا به منهن فمنهن من قتلت او احرقت او طلقت وفقدوا مستقبلهن الذى كن تحلمن بها ولا يزال وحتى اليوم هذه الممارسات من اهم مهمات العديدين من الرجال الذين هم فى مراكز ومناصب فى مؤسسات الدولة المختلفة . والمرأة فى العراق محرومة من حقوقها كلية عدا شريحة او نسبة ضئيلة . ولهذا نرى بان اعداد المنتحرات حرقا او القتيلات تزداد عاما بعد عام ففى احصائية لوزارة حقوق الانسان فى اقليم كردستان لعام 2008 هناك 450 امرأة وفتاة قتلن اما حرقا كانتحار او قتلا متعمدا تحت مبررات الشرف . ان المرأة لن تتمكن ان تمتع بحقوقها فى مجتمعاتنا الشرقية حاضرا وحتى مستقبل قريب ايضا فالحرية ممنوحة لها فى الخروج والتبضع ومراجعة الدوائر والدراسة والتوظيف واختيار الملابس ، اما غير ذلك فهناك خطوط حمراء فليس لها الحق فى اختيار شريك حياتها الا ما ندر ولا يحق لها اقامة علاقة صداقة مع احد والا فقد اخلت بالشرف وعندها تقتل او تحرق جسدها بقدرة قادر . انشأت اخيرا مراكز لمحاربة العنف ضد المرأة ولكن المرأة العراقية لم تتعود بعد على ممارسة الحرية التى منحتها اياها بعض القوانين الجديدة التى صدرت من الحكومتين العراقية واقليم كردستان فاصبحت تمارس هذا الحق بطريقة خاطئة ويمكن ملاحظة ذلك من خلال كثرة حالات الطلاق التى تنظر اليها المحاكم وهى بازدياد من سنة الى اخرى ، وتعود اهم اسبابها الى عدم معرفة المرأة لممارسة حقوقها فى ظل القوانين الجديدة التى تحميها من ظلم الرجل وبدأت لاتفه الاسباب تقيم دعاوى على زوجها وقد تودى به الحجز او السجن فى حالات كثيرة مما يؤدى بالزوج الى طلب طلاقها والتخلص منها وهذا جلب مشاكل اخرى للمجتمع حيث ستزداد حالات الفساد الاجتماعى والخلقى مما ينذر بعواقب اكثر مأساوية فى ظل انعدام دراسات وابحاث اجتماعية لكل الظواهر الجديدة التى تنشأ فى المجتمع . لان العبرة ليس فى استصدار قوانين ولكن العبرة تكمن فى دراسة الافرازات التى تصاحب تطبيق هذه القوانين وايجاد الحلول والمعالجات لها قبل ان تتحول الى كم من التراكمات الاجتماعية التى من العسير انذاك ان تحل او تعالج .
مرة اخرى تحية لكل تلك النساء اللواتى ضحين بحياتهن وارواحهن فى سبيل خير بنى جنسهن وتحرير المرأة من كابوس التخلف الاجتماعى ، نامل ان تصل المرأة الشرقية الى المستوى الذى تؤهلها لقيادة مجتمعاتها .