عيد الأم عيد الأرض الوطن...؟



مصطفى حقي
2009 / 3 / 6

الأم نصف المجتمع الجميل الرائع الذي يفيض حباً وحناناً وعشقاً ونبع عطاء لا ينضب ومدرسة الأجيال ومسبار حضارة الشعوب وازدهارها وتقدمها .. الأم الشعلة المقدسة التي تنير دروب الحياة للأبناء في خطوات مدربة تشق الطرق الوعرة بوعي وإدراك مسؤول .. والجنة تجت أقدام الأم وفوق رأسها .. وكما تلتقي أعين الأطفال وجه الأم الأنيس لأول مرة في تواصل وجداني إنساني روحي كذلك يتحسس الوليد محيطه الروحي الأوسع ليندمج في عشق مزدوج الأم والوطن .. الأرض الأم الأكبر والأوسع .. الأم والوطن صنوان لا يفترقان الأبناء يتساوون عند الأم وكذلك المواطنون سواسية كأبناء وطن واحد الأم لا تفرق بين أبنائها ولو اختلفت أفكارهم وآرائهم .. وفي البلد الواحد يختلف المواطنون في معتقداتهم الدينية والمذهبية ولكن بالنتيجة الدين لله والوطن للجميع وهذه الأم العظيمة الرائعة يحبط الإسلام حقها أي إحباط بل ينزل بقيمتها وقدرها إلى الحضيض عندما يجعل الرجال بعنجهيتهم يفرضون قوامتهم على النساء ويهجرونهن في المضاجع .... وياللأسف وضربهن ... ؟ عبدة مطيعة للسيد الذكر الذي من حقه أن يزرب أربعة نساء في قفص الزوجية بالحلال ... بالإضافة إلى عشرات الإماء شرعاً وفق قدرته المالية أو حصته من غنائم الغزو المشروعة ..ومن حقه أن يقسم بالطلاق بالثلاثة ويرمي بالزوجة قارعة الطريق .. ولكنه يتوجس خيفة أمام الأم العظيمة الأرض وهذه الأرض المعطاء بطبيعتها المعطاء مخزن ذكرياتنا ومسلسل تاريخ أجدادنا وصورة مستقبل الأجيال من ترابها خلقنا وإليها نعود .. هذه الأرض الوطن تتعرض للخيانات والجور وتلويث البيئة من مواطنين يجهلون قيمتها ويطعنون قداستها .. من لاوطن له لاأم له وبلادي وإن جارت علي عزيزة ... أهلي وإن ضنّوا علي كرام ..وكما يقدس الوطن تُقدَّس المرأة كرمز للحنان والعطاء والنصف المكمّل للحياة ..في الغرب أعطوا المرأة حقّها في الحياة والحرية سياسياً واقتصادياً واحتلت مراكز مرموقة مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركر وزيرتي خارجية السابقة واللاحقة لأقوى دولة في العالم ( .. ) بينازير بوتو التي نافست الرجال وقُتلت في مؤامرة دنيئة من قبل الرجال وفي الهند أنديرا غاندي وتانسو شيللر رئيسة الوزراء التركية التي فاقت كثيراً من السياسيين المخضرمين من الرجال والمرأة الانكليزية الحديدية مارغريت تاتشر ورئيسة الفيليبين جلوريا أرويو ... والوزيرة العربية الرائعة التي أثارت غضب الرجال الملتحين وبالمناسبة أعيد جزء من مقالي حول هذا الموضوع نشر في الحوار 4-6-008.. ويقولون لماذا نتأخر ونعود كل يوم مئات السنين إلى الوراء وهم يتقدمون أعواماً في كل ثانية .. ومسبار يطير منذ تسعة أشهر يخترق الفضاء اللانهائي ويحط على سطح المريخ وابن باز يكفر كل من يقول أن الأرض كروية وآخر يفتي أن بول الولد الذكر لايبطل الوضوء بينما بول الأنثى يبطله ويفسره الفقيه الألمعي أن الرجل خُلق من تراب والتراب نظيف ويمكن التيمم به بدل الماء المفقود بينما الأنثى خلقت من ضلع آدم أي من اللحم فهي نجسة والفقيه الفهمان يؤكد أن آدم من تراب وبالتالي ضلعه أيضاً من تراب .. مهزلة ويكفي؟ ولكن شر البلية ما يضحك فالبارحة وباجتماع مجلس الأمة المنتخب بحضور أمير البلاد كانت وزيرة تجلس سافرة بين الرجال الملتحين ( معظمهم ) فثارت ثائرة عشرة عقول منهم وخرجوا من القاعة احتجاجاً على مشاهدة امرأة سافرة .. ولم تمض أشهر على مشاكسة هذه العقول البرمة للأفكار الحضارية التي حاولت أن ترسخها وزيرة التعليم العالي السيدة نورية الصبيح وثارت ثائرتهم أيضاً وتكراراً ففي المرة الأولى عندما أدت يمين القسم سافرة متحدية الغطرسة الذكورية والجهل الأنثوي أيضاً حيث أن النساء الناخبات في الكويت يشكلن أكثر من 50% ومع ذلك لم تنتخب ولا امرأة واحدة مما يؤكد مشاركة المرأة بالذات في إهدار حقوقها أمام الرجل ولكن وبالتأكيد وجود نساء مثل السيدة صبيح سيكسر هذا الحاجز السلفي التخلفي المصطنع وستنال المرأة حقها ان شاء المتزمتون من الرجال والنساء أو أبو لأن عقارب الساعة لن تدور إلى الخلف والزمن لن يعود إلى الوراء والمستقبل للأذكياء والعلماء والمفكرين) (انتهى)
ومما تقدم المرأة والأرض صنوان لايفترقان ولنحتفل بعيد الأم وبعيد الأرض الوطن معاً كرمز للعطاء الإنساني لا ينضب... ؟