حواء رحلت عن كوكب الارض .



اسامة الرفاعي
2009 / 3 / 8

بعد استياء حواء مما يفعله ادم وبعد ان حاولت جاهدة ان تقنع الاخرين بان لها الحق في ان تقود نصف المجتمع وبعد ان حاولت مرات عدة ان تاخذ حقوقها بكل ماوتيت به من قوة قررت حواء بعد تفكيرا عميق اللجوء للقرار الصعب والاخير وهو قرار الرحيل عن كوكب الارض لتجد لها كوكب اخر تستطيع ان تمارس فيه حريتها الاجتماعية والثقافية .
وقررت حواء مع جميع نساء الارض من الرحيل نهائيا عن كوكب الارض حتى يستطيع ان يلقنوا الرجال درسا قاسيا في كيفية العيش بدون امراة وكيف ستكون الحياة في الارض بدون نساء .
استهزاء الرجال وادم وخاصة رجالات الدين ( من كافة الاديان ) من هذا العمل وقالوا للنساء وحواء افعلوا ماشئتوا اننا مسرورون ان كنتم تستطيعون تحقيق قراركم الفاشل وقرا الشيخ الفلاني والسيد الفلاني والقس الفلاني والكاهن الفلاني بعض الموعظات لعلها تنفع في العدول عن قرار النساء الاخير ورغبتهم للرحيل عن الارض وفي النهاية عندما ضاقوا ذرعا ولم يقم الرجال باي مبادرة للتنازل ولو قليلا لاعطاء بعض من حقوق المراة المسلوبة .
هنا قررت النساء ان تركب المركبة الفضائية وان ترحل عن كوكب الارض وطبعا وقف جميع الرجال وخاصة رجال الدين في وداع النساء في مقولاتهم التي تبدا بان كل ماقيل عن النساء من مدح هو اصلا كان مجاملة وان النساء من الافضل ان يرحلوا عن الارض ليعرفوا قيمة الرجال وعليهم اذا فكروا في الرجوع الى كوكب الارض ان يرجعوا راكعين ومقبلين احذية الرجال .
وبعد مرور عام من الرحيل لم يتبقى اي جنس للمراة في الارض كثرة حالات الانتحار بين الرجال والدخول الى مستشفى الامراض النفسية وقلت الانتاجية وتحطمت المعنويات ولم يبقى هناك هدف للرجال لان يحققوه فقد تحطمت الامال واصبحت اشعار الغزل مجرد اضحوكة يتناقلها الرجال . ولم يستطع اي من الاطباء او اي تهديد من الحكومات او رجال الدين من ان يعالج الموقف بل على العكس فقد زاد الامر سوا.
واتفقت جميع رجالات الدين على يوم يجمع جميع الرجال ليلقوا فيهم خطابا يهز مشاعرهم وقام الكاهن وتكلم وحاول ان يبث الصبر في جموع الرجال المتهسترين ومن ثم قام القس واكمل حديث الكاهن بعبارات جميلة من النظر الى الحياة ومعرفة قيمتها وغيرها من العبارات التي لم يستطيع اي من الرجال الجالسون ان يستوعبها لان الكلام ليس كالفعل وانتهى القس ليبدا الشيخ بالقاء موعظة يبداها بمقولة ان كيدهن عظيم ويقول انهم شياطين الارض وان عليكم ان تنتظروا وتصبروا لتنالوا الجنة .
وهناك في نهاية الحاضرين نطق احدهم وقال ياشيخ اذا كانوا شياطين على الارض لماذا تزوجت اربع واذا كان كيدهم عظيم فمن الذي ولد الانبياء والاولياء واذا كانوا غير قادرين على القيادة فمن الذي قاد المعارك واسس الامبراطوريات ومن الذي جعل المبدعون في الشعر والادب ومن الذي جعل الامراء يبنون القصور وجنائن بابل وتاج محل وغيرها من قصور العالم .
فقاطع الشيخ الشخص المتكلم وقال له اخرس لقد فتنك الشيطان انك لفي رجس عظيم . عليك ان تتعوذ من الشيطان يابني انك الان في خطر لن تدركه انك اقرب الى النار بافكارك الهدامة . وانتهت الخطبة وبعد مرور سنتين قام جميع الرجال بثورة على ( رجال الدين من جميع الاديان ) وحذروهم من المتاجرة بالدين وطالبوهم على التوقف عن الموعظة والكف عن العظات المنمقة .
وقاموا بعد ذلك بالاتصال في الكوكب الاخر الذي استقر فيه النساء يتفاوضون معهم ويترجونهم على العودة والنساء يرفضون حاولوا بشتى الطرق ولكن دون جدوى لان النساء يعرفون ان جميع من يتكلم عن حقوق المراة هو في داخله يضحك ويستهزء بهذه الحقوق .
وبعد فترة قرر الرجال ان يرحلوا عن هذه الارض ليذهبوا الى الكوكب الذي استقر فيه النساء وان يتركوا رجال الدين ( جميع الديانات ) في الارض علهم ينتظرون القدر الذي سيحرر الارض من الشياطين .
وبعد رحيل الرجال وبقاء رجال الدين وحدهم مرة خمس اعوام قرر فيها الرجال مع النساء الرجوع الى كوكب الارض وعندما رجعوا وجدوا ان جميع رجال الدين الذين تركوهم قبل رحيلهم قد انتحروا مع افكارهم ولم يتبقى منهم الا العقلاء الذين عرفوا الحقيقة بعد ان نالوا درسا قاسيا . .
احببت ان اذكر هذه القصة ليس لانني اشجع على مساواة النساء والرجال فانا اعترف بالمقولة التي تقول ( المراة نصف المجتمع وهي التي تلد النصف الاخر ) .
فانا لااستطيع ان اتاجر بقضية المراة فالمراة اكبر من ان نتاجر في قضيتها .
وانا اعرف ان بعض الشركات والجهات استغلت المراة في منظور دعائي وجسدي لايليق اصلا بثقافتها واتزانها ولكل قاعدة في اي مجتمع شواذ انني لانستطيع ان نرى امراة عارية في اعلان لنقول ان كل نساء الارض ليسوا سوء عارضات اجساد انك هنا عندما تعمم انما تدمر المجتمع وكل مشاكل المجتمع الشرقي هي بسبب قضية التعميم .
علينا ان ندرك ان المراة التي نتكلم عنها قد تكون امنا واختنا وزوجتنا وحبيبتنا ووطننا وتاريخنا ولانستطيع ان نغير الواقع المرير الذي نعيشه اذا لم نبدا بتغيير انفسنا وكما يقول تولستوي الجميع يفكر في تغير العالم ولكن لااحد يفكر في تغيير نفسه .
واحب ان اقول في نهاية مقالتي للذين يستهزون بحقوق المراة ان الحرية اتية ليست من امريكا او الغرب بل من التغير في ثورة الافكار الذي نعيشه الان ( واصم الناس هم اولئك الذين يرفضون الاصغاء ).
مع تقديري واعتزازي بكل النساء المحاربات من اجل حقوقهم واجمل قول اقول فيهم هو قول ...شوريك
(أحيّي الذين يؤمنون أنهم سينتصرون على الأزمة.. فالحظ يبتسم لهؤلاء!)