تحقيق / الأنوثة للفنون !!!



إبتهال بليبل
2009 / 3 / 8

المرآة رهينة لحقيقة واحدة ومعاناة واحدة
ولا فرق بين متعلمة وأمية
في كونها أنثى
•المرآة تحمل كافة الأدوار الاجتماعية والاضطهاد مفهوم نسبي عندها
•قدرة المرآة الداخلية تم أبطالها

بينما أنا أبحث في قنوات شاشة التلفاز شاهدت خبراً عن المرآة التركية، حقيقةً جذبني الموضوع لكونه غريبا، فقد كان عبارة عن مشروع يهدف إلى معرفة مستوى التعليم ، وتدني الحياة الاجتماعية بعيداً عن الحرمان وعدم تكافئ الفرص ، حيث طرح من خلاله ، دراما للعائلة بغية الوصول إلى المرآة كونها تحمل كافة الأدوار الاجتماعية وعدم المساواة بين الجنسين في المجتمع ، فكان فكرة المشروع تنصب بتوعية أهداف المرأة في ظل الظروف التي تعيشها ، المشروع أطلق عليه أسم ( الأنوثة للفنون ) تقوم فرقة المسرحية بالتجوال في مدن وقرى تركيا وتختلط مع نسائها وتتطلع على حياة كلاً منهن مع الأخذ بالاعتبار كون المرآة متعلمة ومثقفة أو أمية ، هذا المشروع قد لاقى بعض الصعوبات في عملية تنفيذه حيث أنه يعتمد بالدرجة الأولى على عمل دراسات وتحديد نسب قبل البدء في عرض دراما المسرحية ..
أما عروض المسرحية فكانت تستنبط فكرتها من قصص وحكا يا النساء الموجودات في تلك المدينة التي يقف عندها كادر عمل المسرحية...
الغريب والمهم من كل هذا هو أنه قد أكتشف أن كل أمرآة سواء أكانت متعلمة أو أمية تعيش في سجن داخلي هو كونها أنثى ، المرآة رهينة لحقيقة واحدة ومعاناة واحدة ولا فرق بين متعلمة وأمية ، فهذا الأمر يحدد الخطوط العريضة للمجتمع والإنتاج والعلاقات ....

الاضطهاد مفهوم نسبي عند المرآة

من هنا حاولت الانطلاق لتقصي تلك الحقيقة عندها التقيت ، بالإعلامي صباح زنكنة الذي أكد أن هناك تشابه بين أمرآة وأخرى فهن يشتركن عند نقطة الإحساس والمشاعر فالمرآة الغنية المترفة على سبيل المثال يقف مفهوم اضطهادها عند حدود المشاعر وتلقي تلك المشاعر من زوجها فهي تشعر أنها مضطهدة عندما لا يغدقها زوجها بعبارات الحب أو عندما لا يتصل بها تلاحقاً عندما يكون بسفر أو بعيد عنها ، أما مفهوم الاضطهاد عن الزوجة الفقيرة أو العاملة التي تساعد زوجها مادياً فيتركز بالاضطهاد الأسري من حيث تربية الأبناء وعبء تحملها للمسؤوليات فهي تعتبر نفسها مضطهدة من هذا المنطلق لذلك نجد مفهوم الاضطهاد مفهوم نسبي بمعنى أصح السمة اللازمة أمرآة ناضجة وواعية ولكن فكرة النضوج مختلفة ، أما عن نظرته الخاصة بخصوص المرآة حدثنا قائلاً على المرآة أن تتمسك بالمجتمع وأن لا تغيب نفسها عنه وان تكون لها علاقات ضمن حدودها النفسية والاجتماعية والأسرية بما يخدم طموحاتها ، فعندما يحصل أي أمر طارئ لزوجها تكون هي من يمسك دفة الحياة بدلاً عنه وبقوة لا بضعف ..

الشعور بالغبن..........

أما الكاتب صباح محسن فقد كان رأيه " الكائن الملائكي أو نصفنا الأجمل الأم ، الزوجة ، الحبيبة ، الأخت ، الزميلة... هناك إزدواجيه في المجتمع الشرقي في التعامل معهن ، فما يلفظ بحقهن لا ينعكس تماما في أرض الواقع ...بل هناك رؤية جماعية بالإحباط ، والانزواء ، والعزلة ، والثانوية تشعر بها المرأة الشرقية بشكل عام والعربية خصوصا، فلو أمعنا بموروثنا نتلمس الاهتمام الشرعي ،والروحي، والأخلاقي بهن الجنة تحت إقدام الأمهات ، والنص يجعلها قرينه المؤمنون والمؤمنات ، لكن التعامل الاجتماعي عكس ذلك حيث تعامل بقسوة وعنف وعزل اجتماعي ومصادرة الحقوق وامتهان الكرامة ، من هنا نجد المرأة المتعلمة وغير المتعلمة تشعر بالإحباط من تلك العقليات المجوفة الذكوريه التي تستبد برأيها وتهمل المشاركة الروحية والعاطفية والعملية الحياتية هي قائمة بين طرفين ، بالطبع منظومة التفكير وبنيه العقل الجمعي الشرقي له التأثير السلبي في شعور المرأة بانتهاك حقوقها ، مؤكدا لا نغفل التطورات الإحداثية بالإعلام وبالتعليم ومشاركة المرأة إلى جانب الرجل بالعمل في المدرسة والمشفى وعموم الأعمال الأخرى قد غير نسبيا بتراكمات النظرة المتدنية ..

الاستهانة بالمرآة

أما الباحثة الاجتماعية عالية المطلك فقد أكدت أن هناك الكثير من المواقف التي تؤكد جميعها على أننا أمة شرقية نقول بسيادة الرجل ونرفض المبادئ الديمقراطية التي تقول بها وتعيش على أساسها جميع الأمم العصرية ، أننا نمتلك في الوقت الحاضر الآلاف من الطالبات في الجامعات وعدد أكثر في المدارس وبديهي أن هذه التربية التي يحصلن عليها تؤهلهن لأن يدرسن مشكلاتنا الداخلية والخارجية ، وتتابع أن الرجل قد يكون مع زوجته في وئام ولكنه لا يحتاج إلى أن يتفاهم معها فالكثير من الأزواج تكون الزوجة بالنسبة إليهم لا تستدعى كونها آلة للتفقيس ومربية لأبنائه وملبية لطلباته وطلبات الحياة المنزلية ،هذه الاستهانة بالزوجة يولد الإسراف بالطلاق وهذا الجموح إلى الزواج بزوجة ثانية وثالثة ، بل عدم الأنصاف في الميراث وغيرها من الأمور بالنسبة للبنات ، قد يكون أحد الأسباب المهمة في أن تعيش المرآة في سجن داخلي هو كونها أنثى ، وكل هذا برهان على أننا شرقيين ...

الحب يحتاج إلى التكافؤ

أثمن العواطف البشرية هي الحب ولكن الحب يحتاج إلى التكافؤ ولا يمكن لشاب أن يحب فتاة إلا إذا أحس أنها على مستواه الاجتماعي أو قريبة منه ، فإذا احتقرنا المرأة وجعلناها دوننا في المقام الاجتماعي فأننا باحتقارنا هذا ننزل بالحب إلى الحضيض بل تكاد نلغيه ولا يمكن أن نقول على الرجل الذي ينادي زوجته ( يا مرة ) أنه يحب زوجته ، فهذا هو جوهر المشكلة التي تعاني منها المرآة والتي ولدت الإحساس لديها كونها أنثى فقط ...

رأي علم النفس

والتقينا بالمستشارة النفسية ( ليلى فؤاد دلو ) حدثتنا قائلة " لم يسبق للمرآة أن كانت مسجونة ومنهارة ومستعمرة وخادمة مثلما هي عليه الآن ، حيث يمثل عصرنا أكثر العمليات دناءة في تاريخ المرآة ، فالمظاهر خداعة ، ذلك أن الفخ مموه على نحو يثير الإعجاب ، المرآة المتعلمة والمرآة الأمية يبيدان وجهاً داخلياً باهتاً على نحو متماثل ن ومع ذلك لم يظهر أي تغيير على صراعها بل ربما أصبح أكثر ضراوة ، فالنساء ينلن حقوقهن العادلة ، الاجتماعية مثلاً أو القانونية أو العمل ولكن من جهة أخرى ممنوح لهن في العالم على حد الإشباع ، ولكن في أي عالم ؟؟؟ في عالم الرجال بالطبع" ... وتستكمل حديثها بالقول " النجاح الكبير في هذا السياق هو من الخداع أن تظن المرآة أن هذه الحالة الجديدة هي حرية حديثة العهد ، ويمكن للرجال الذين يرغبون في استعباد المرأة أن يتنفسوا الصعداء ، لقد تم الأمر ووقعت في الفخ أنها على وشك أن تفقد شخصيتها وأصالتها الخاصيتين ومفعول روعتها وقدرتها الداخلية تم أبطالها ، فلا نستغرب أن يكون شعور المرأة الداخلي سجن لأنثى على حد سواء " .