الثامن من آذار



مازن كم الماز
2009 / 3 / 11

الثامن من آذار : النساء و الأصولية و الرأسمالية

ربما من سوء حظ أي مجموعة الآن أن نتحدث عن حريتها كضرورة , بعيدا عنها و عن واقعها , و لصالح سادة جدد في الأساس , من المحق مثلا الدعوة إلى علاقات جنسية حرة عند الحديث عن حرية المرأة , و ربما الرجل أيضا , و ذلك بمناسبة الاحتفاء التقليدي بعيد المرأة , رغم أن هذه طريقة غريبة انتقائية لتحديد معنى الحرية ليتناسب مع الطبيعة الجديدة للعلاقة بين المضطهدين وسادتهم الجدد.....الغريب اللافت للنظر , أنه كلما تزايد الحديث عن الحرية كلما أنتج ذلك قهرا أكبر , عدا عن أن تكرار الكلام عن الحرية إلى هذه الدرجة هو في الأغلب نتيجة لكم القهر و الاستبداد الذي نعيشه , نساءا و رجال , و لزيف معظم الدعوات للحرية التي تنجب في النهاية طغاة جدد و طغيانات جديدة , فالدعوة لعلاقات جنسية حرة ربما يعني أيضا حرية العاهرات , أو الفقيرات عموما , في بيع أجسادهن لمن يملك المال , هذا يعيدنا إلى المربع رقم واحد , إلى الحديث عن معنى الحرية نفسها , هل هي مثلا حرية البروليتاريا في بيع قوة عملها "بحرية" للرأسمالي , هذه القاعدة التي دخلت تاريخ الإنسانية باسم "العقد شريعة المتعاقدين" , أي أنه من حق أية قوة أن تستغل أيا كان طالما كان هذا برضا الطرف الآخر , و هكذا تتمحور الحرية إذن في إنتاج رضا هذا الطرف الأضعف التابع المضطهد و المستغل , و كل من ينتقد هذه الحرية يبدو كملكي أكثر من الملك , طالما أن الضحايا قد قبلوا "طوعا" هذا الاضطهاد , و لو بقوة الجوع و عدم امتلاكهم لوسائل الإنتاج التي يحتكرها الرأسمالي , الأكثر إمتاعا هنا هو محاولة الأصوليين "حماية" المرأة من الاستغلال و التسليع بفرض المزيد من القهر و التهميش عليها , بتحويلها إلى مجرد جثة على قيد الحياة , محرومة من كل حق و من كل ما يشتم منه رائحة الحرية , هكذا يتعين علينا الاختيار بين أن نكون عبيدا للرأسمالية أو للسماء التي تمثلها المؤسسة الدينية , كلاهما يريد أن يثبت أنه سيكون سيدا أفضل من خصمه , هذه هي الحرية التي نحتفل بها كل يوم في شرقنا و عالمنا , هذه هي الوردة التي نقدمها للمرأة في هذا اليوم , رمزا لاضطهادات مضت و أخرى تأتي , و رمزا خفيا لحرية ترفض أن تأتي طالما كنا فقط في انتظارها دون أن نخلقها , دون أن نكسبها بنضالنا الفعلي.......