حوار حول حق المرأة في التصرف بجسدها و عواطفها.



بيان صالح
2009 / 3 / 11

شدني موضوع السيد سمير حميد المنشور على الحوار المتمدن العدد 2580 بتاريخ 09-03-2009 راجع الرابط التالي:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=165217
تحت عنوان (إلى زوار الحوار المتمدن المتعصبين للفكر الرجولي رجالا و تساءا, لماذا لا يحق للمرأة ممارسة الجنس قبل الزواج؟ ليس كزائرة للحوارالمتمدن بل كامرأة و ناشطة نسائية و عضوة في ادارة الحوار المتمدن .
والذي شدني أكثر ذلك العدد الكبير من التعليقات التي وردت حول الموضوع.
وبالفعل يحتل الموضوع أهمية كبيرة في المجتمع الشرقي والإسلامي والحدث به وإثارته علناً كان محرماً, رغم وجود مثل هذه الممارسات فعلاً في المجتمع العربي والإسلامي. إذ أن محاولات التغطية والتستر عليه هي السائدة خلال القرون والعقود المنصرمة. ولكن ما هو مهم حقاً في المسالة كلها يكمن في مدى تقبل المجتمع للمرأة باعتبارها كياناً مستقلاً وراشدا ومسئولاً مسئولية مباشرة عن التصرف بعواطفها وجسدها بنفسها دون تدخل من أحد أو ضغط من الأسرة والمجتمع.
كلنا يعرف تماماً بأن الطريق لا يزال طويلا قبل الوصول إلى هذه المرحلة المهمة في حياة المرأة, الاعتراف بالمرأة ككيان مستقل, إذ أن النظام الرأسمالي و الأديان السماوية و الحكومات والذكور لا زالوا يجددون يومياً الثقافة الذكورية ويفرضونها على المرأة ويبشرون بأكثر الأفكار رجعية التي فرضها الكثير من شيوخ الدين على امتداد القرون المنصرمة وليومنا هذا.
إثارة الموضوع وطرحه للنقاش هو الخطوة الأولى على طريق كسر المحرمات والبدء بالحوار حول حرية المرأة وحقوقها ومساواتها بالرجل واحترام كينونة المرأة كشخصية مستقلة وفعالة ومسئولة في آن واحد.

كاتب المقال يطرح سؤالاً على زوار الحوار المتمدن رجالاً و نساءً من اليساريين والعلمانيين بالخصوص عن أسباب عدم هضم وتقبل حق المرأة في ممارسة حقها في التصرف بجسدها و عواطفها.
.
انه سؤال مهم و برأي على جميع الذين يهتمون بقضية مساواة المرأة وحقوقها المشاركة في الحوار والسعي لبلورة وتفسير الأسباب وكيفية معالجتها والتخلص منها. السؤال موجه بالأساس إلى الشريحة المثقفة والمتقدمة والواعية واليسارية في المجتمع, إلى أولئك الذين يطالبون بتحرر المرأة و مساواتها بالرجل, ولكن مع الأسف حتى ألان لم يستطيعوا هضم وقبول فكرة حق المرأة في التصرف بعواطفها, بزواجها ومجرى حياتها, بجسدها, والتخلص من بقايا الأفكار القروسطية التي تربط شرف وعفة المرأة بتلك القطعة الصغيرة والشفافة في جسدها التي تسمى بغشاء البكارة, إذ أصبح في مقدور المرأة إعادة إصلاح غشاء البكارة ولم يعد منذ فترة غير قصيرة صعباً على الطب الحديث.

لا شك أن دور وتأثير الأديان والأعراف وخاصة الدين الإسلامي في تصعيد وترسيخ الثقافة الذكورية والتحكم والتدخل في جميع جوانب حياة الفرد وتشريع قوانين ودساتير الدولة على أساسيها ,أي قوانين ما قبل 1400 سنة تحكم مجتمعاتنا في الألفية الثالثة وهذا لا يتناسب مع قوانين التطور الاجتماعي. نعرف جميعاً بأن الدين الإسلامي يحرم ممارسة الجنس بين الرجل و المرآة خارج نطاق الزواج ويعتبر ذلك زنا ويعاقب المرأة والرجل.
ولكن السؤال العادل هو: لماذا يحق للرجل اجتماعيا ممارسة الجنس قبل الزواج, بل حتى بعد الزواج, دون أن ينظر اليه نظرة دونية من الناحية الأخلاقية, بل العكس هو السائد, حيث يفتخر الرجل في محيطه الاجتماعي بممارسة الجنس قبل وبعد الزواج, حتى شراء الجنس في بيوت الدعارة. كما يحق له ليس الزواج بأربع نساء فحسب, بل وما ملكت أيمانكم , أي بما يملك من نقود لشراء الجاريات اللواتي يستخمهن لأغراض الجنس. جاء في سورة النساءو الأية الثالثة ما يلي:
1. وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ.
وفسرت هذه الآية كما يلي:
"وقد يراد به النساء المملوكات خصوصاً ويسمين: الجواري والسراري وملك اليمين، ويجوز لمالكها أن يطأها ويستمتع بها بغير عقد زواج بل بملك اليمين، كما في في سورة المؤمنون: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [المؤمنون:5-6] ومثلها في سورة المعارج".

هذا هو الفكر الذكوري السائد الذي يعطي الرجل الحق الكامل لا التصرف الكامل بعواطفه وجسده فحسب بل والتصرف بجسد وفكر وعواطف المرأة وحياتها, بل يمكنه أن يقرر موتها متى شاء. والدول الذكورية في عالمنا الشرقي والإسلامي تؤيد ذلك وتمارسها .
ومن المؤسف حقاً أن نرى نسبة كبيرة من النساء في مجتمعاتنا الشرقية والإسلامية لا تستطيع تقبل فكرة إمكانية تصرف المرأة بجسدها و عواطفها بنفسها ومن المحزن أن أشير إلى نسبة تصل إلى أكثر 95% من النساء يعتقدن بأن ممارسة الجنس هو إرضاء لغرائز الرجل فقط ولحماية النسل ,أي عدم إدراك أن العملية هي حق الاثنين في ممارسة تلك الغريزة الإنسانية للوصول إلى الإشباع الروحي و الجسدي.

ان ربط حق المرأة في التصرف والتحكم بجسدها و مشاعرها بالشرف والعفة والأخلاق الحميدة لها عواقب خطيرة على حياة المرأة, حيث يمارس يوميا أبشع أنواع العنف ضدها وهو سلب حق الحياة منها تحت ذريعة القتل بدافع الشرف وغسل العار, وليس فقط في مجتمعاتنا بل ظاهرة قتل النساء بذريعة الشرف بدأت تنتشر و تمارس حتى في الدول الغربية والأوربية من جانب الشرقيين والإسلاميين, في حين قطعت هذه الدول شوطاً كبيراً في مجال حرية المرأة واستقلاليتها والتي تحققت بفعل كفاح مرير من جانب الحركات النسوية و اليسارية. وأصبح موضوع بقاء غشاء البكارة لحين ليلة الزواج أو عدم وجوده لا يؤرق المرأة الأوروبية أو الغربية عموماً, بل هي ظاهرة لا تزال تؤرق المرأة الشرقية والمسلمة وتخلق لها مشاكل نفسية وعبء حقيقي على كاهلها.
وحين نتحدث عن المرأة الغربية يفترض أن لا ننسى, ورغم ما حققته من حريات وحقوق, فإنها تعيش في مجتمع لا يزال في الكثير من جوانبه ذكورياً, والذي يمكن تلمسه في التوظيف والعمل وفي مستوى الأجور الذي هو في غير صالح المرأة, كما يتم أحياناً قتل النساء بدافع الغيرة من جانب الزوج أو الحبيب.

أريد أن أشير إلى كاتب المقال بأن أغلب من صوت بـ "لا" لحق المرأة في ممارسة الجنس قبل الزواج هم الذين يعيشون في الدول الغربية, فهم لم يتقبلوا الفكرة. وهي خيبة أمل فعلية. تصوروا المأساة التي نعيشها تحت تلك القيم الدينية الذكورية البالية والتي تحول حياتنا إلى جحيم ويحرم الإنسان, سواء أكان رجلا أو امرأة من ممارسة أقدس علاقة إنسانية إن تمت ممارستها على أساس الحب و المشاعر المتبادلة بين الطرفين. إن الذين صوتوا بلا يمكن أن يكونا قد أزالوا بكارة بعض النسوة, ولكنهم مع ذلك يرفضونها للمرأة التي يتزوجونها, وهنا تبدو بوضوح الشخصية المزدوجة للإنسان الشرقي.
.
تلك العادات و التقاليد البالية يعلم الإنسان أنها مليئة بالنفاق والرياء والكذب وعدم الصراحة و ضعف الثقة بالنفس, كم من الفتيات يتعرضن لأبشع حالات نفسية مرعبة وخوف والقيام بعملية جراحية لاستعادة غشاء البكارة, أي تضطر الفتاة أن تكون غير صادقة مع من يشارك حياتها في المستقبل وبالتالي مدى التأثير السلبي على تربية الأجيال من قبل أمهات تعرضن إلى شتى أنواع الضغوطات النفسية لحماية أنفسهن من جبروت تلك العادات و التقاليد السلفية البالية.

عن طريق اختلاطي مع منظمات نسوية دانمركية, غذ يعمل جزء منهم لدعم الفتيات الأجنبيات يلاحظن بوضوح مدى المعاناة والضغوط النفسية البشعة التي يتعرضن لها بسبب التربية المتحفظة والمتزمتة والتي تحرم الفتاة التمتع بحياتها كأي فتاة عادية أخرى.
نسبة كبيرة منهم يلجأن إلى بيوت حماية المرأة هربا من العنف, نسبة الفتيات الأجنبيات اللواتي يجرين عملية الإجهاض عالية مقارنة بالفتاة الدانمركية وذلك لقلة الثقافة الجنسية عند الفتيات الأجنبيات, مثل قضايا استخدام وسائل الوقاية, كما تظهر حالات إجراء عمليات خياطة غشاء البكارة خوفا من القتل عند الزواج. إن دراسة مدققة لوضع المرأة الشرقية والمسلمة في الدول الغربية تشير إلى معاناتهن من أمراض نفسية أو روحية-جسدية psychosomatic ومن عزلة وعقد اجتماعية كثيرة وحتى التفكير بالانتحار. وظاهرة الانتحار لهذه السباب منتشرة في الدول العربية ايضاً.

انهي حواري بالمادة الأولى من اتفاقية سيداو (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة):
لأغراض هذه الإتفاقية يعنى مصطلح " التمييز ضد المرأة " أى تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من إثارة أو أغراضه توهين أو إحباط الإعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أى ميدان آخر ، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها ، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل.