المراة السودانية والاسلام السياسى



منال حمد النيل
2004 / 4 / 2

لقد ظلت المراة السودانية ومنذ وقت بعيد تتطلع دوما لنيل كافة حقوقها . وظلت الحرية تمثل قاعدة اساسية لهذه الحقوق .فالحرية هى الاساس الذى تقوم عليه نهضة الامم . ونهضة الامم ترتبط عبر التاريخ بمدى التقدم فى مجال حريات وحقوق المراة.. ومنذ لحظة باكرة فى تاريخ الابداع السودانى المكتوب . كانت المراة صاحبة قدح معلى . اذ كتبت ملكة الدار محمد عبد اللهخ روايتها( الفراغ العريض )التى شرحت فيها الانتهاكات البالغة التى تتعرض لها المراة فى مجتمع ذكورى متخلف مثل المجتمع السودانى . تحكمه العادات والتقاليد البالية التى كان الغرض الاساسى منها . ابقاء الرجل مهيمنا على جسد المراة وحياتها ..ومنذ تلك الفترة ( الخمسينيات )حتى الان ظلت المراة فى السودان تناضل فى سبيلانتزاع حقوقها .ذادها فى مسيرة نضالها الشاق ما اختطته الاستاذ بابكر بدرى رائد تعليم المراة فى السودان منذ1910.. فقد استوعب الاستاذ بدرى مبكرا ان حصول المراة على حقوقها مدخله الاساسى حصولها على حقها فى التعليم ... ومثل نضال المراة لاجل الحصول على هذا الحق القاعدة التى انطلقت منها المراة السودانية فى مسيرتها النضالية الطويلة ..لنيل حريتها وحقوقها الاجتما)عية والسياسية والاقتصادية ..وشهدت العهود الديموقراطية فى السودان( 56_58).(64_69).(85_89)نموا واذدهارا فى مجال الوعى بقضايا المراة . خلال ما بذله الاتحاد النسائى السودانى من مجهودات وتضحيات حقق خلالها مكاسبا كبيرة للمراة السودانية .زاده فى ذلك ما استلهمه من نضالات المراة السودانية منذ ( الكنداكة ) فى النوبة القديمة قبل الميلاد مرورا ب(مهيرة )و(بنونه)( ابان الاستعمار التركى المصرىحتى القرن التاسع عشر )الى اخره من العلامات البارزة فى مسيرة المراة التى سجلتها مختلف المواقف التاريخيه بوقائعها واحداثها المشرقة .
..ولكن كانت كل هذه المكاسب تتراجع اثر كل انقلاب عسكرى .شمولى اذ افقدت الانقلابات العسكرية فى السودان المراة ما اكتسبته خلال تاريخ طويل من النضال . بما احدثته هذه الانقلابات من تغييرات فى الدستور والقانون . حيث تصبح المراة هى اول ضحايا التغييرات الدستورية والقانونية المنسوبة زيفا الى الدستور والقانون فى الوقت الذى لاتمت الى ذلك بصلة .... وبمجىء حكومة الجبهة الاسلامية الى الحكم فى السودان بعد انقلابها الدموى فى 89 . تراجعت حقوق المراة بصورة لم تحدث طوال تاريخ المراة فى السودان .اذ مرت المراة فى هذه الفترة باسوا واقسى مراحل تجربتها . فى مقاومة الاستبداد الذكورى باسم الدين ..اثر التغييرات الجذرية التى احدثتها حكومة الجبهة الاسلامية فى الدستور . وما ابتدعته من صيغة ظلامية اسمتها بالدستور الاسلامى . ففى حقيقة الامر المعاش ان الجماعات المنسوبة الى الاسلام العديد من قياداتها فى السودان . تورطوا فى العديد من القضايا الاخلاقية ضد المراة وهو ما نشرت عنه الصحف السودانية فى الفترة من 86_89 حتى لم يبق امام هذه الجماعات الا الانقلاب لدرء سوؤاتها التى اصبحت واضحة للعيان .. والذى يتابع صحيفة الوطن السودانية فى تلك الفترة يدهشه مدى الانحطاط الاخلاقى للقيادات المنسوبة الى الاسلام .....( كانت صحيفة الوطن التى يراس تحريرها سيد احمد خليفة متخصصة فى ذلك الوقت فى الانحرافات الاخلاقية لتنظيم الجبهة الاسلامية )وعبرت هذه الانحرافات . عن حقيقة الوعى الجنسى المريض المهيمن على المنسوبين الى الاسلام . الامر الذى يجعلهممهمومين ومهجسين بحصار المراة وخنقها فقط لارضاء رغباتهم المريضة . وهو ما دفعهم فى السودان الى تفويج الشباب الى مناطق الحرب . بعد خداعهم بانهم سيحصلون على_( الحور العين )عندما يموتون . والملاحظ ان عبارة الحور العين ظلت تترددكثيرا طوال فترة حكم الجبهة الاسلامية على وسائل الاعلام المختلفة والخطب الجماهيرية التى استهدف بها الشباب الذى لاتجربه له بحكم صغر السن . ما يؤكد مدى الهاجس الجنسى الذى يهيمن على قادة المشروع المنسوب الى الاسلام فى السودان . فلااحد من هؤلاء المجاهدين يريد ان يموت لاجل رؤية وجه النبى الكريم مثلا . فكل حلمه وهدفه الذى يموت من اجله هو الحصول على الحور العين والغلمان ؟!!...ليحقق رغباته المريضة بصورة ميتافيزيقية . بعد ان فشل فى تحقيقها على المستوى الفيزيقى ؟!!..وهذا مبحث جدير بان يلتفت اليه علماء النفس والاجتماع لدراسته بصورة عميقة .....
ان المراة تعرضت لانتهاكات بالغة فى ظل نظام الجبهة الاسلامية التى سخرت جنودها فى مناطق الحرب لاغتصاب النساء والفتيات القاصرات . كما مارست الاجهزة المدعوه( بالنظام العام )(والشرطة الشعبية)انتهاكات لاتصدق ضد طالبات الجامعات والمدارس الثانوية .. ويمكننا الجزم بان الاسلام السياس فى السودان . نجح فى تحويل المراة الى ارملة عمل على تيتيم الاطفال . وما خلقه من وضع اقتصادى متردى ادى الى ان تفقد المراة كرامتها وكبريائها . فى سبيل الحصول على لقمة العيش .. كما مزقت الاسرة السودانية شر ممزق واضهد المراة لاقصى حد يمكن تصوره باستغلالها جنسيا واجتماعيا واقتصاديا الامر الذى خلق الكثير من الظواهر السالبة التى لم تكن موجودة فى المجتمع السودانى .