نوال السعداوي تحاور في فيينا



الحزب الشيوعي العراقي
2002 / 6 / 10

 

عن صحيفة صوت الشعب الناطقة بلسان الحزب الشيوعي النمساوي الصادرة في 20/5/2002

 

أنا لا أفرق بين مقاومة محلية وعالمية . نحن نسمي هـذا بالمقاومة العالمية ، حيث يوجد الترابط في كل مكان .

بهذه الكلمات بدأت نوال السعداوي ، البالغة من العمر سبعين سنة ، والتي زارت فيينا بدعوة من اتحاد النساء والعائلة المصري ومعهد رينر  في طرح وجهات نظرها السياسية وبشكل اتخذ طابع الحماسة . واستمرت في حديثها قائلة " أنا أعيش منذ عام 1991 في المنفى ، بسبب وقوفي ضد حرب الخليج . لقد كانت هذه الحرب إضافة إلى الحروب الأخرى في الصومال ، أفغانستان ، وفلسطين كارثة اقتصادية . إن مثل هذه الحروب ، تنطوي على مصالح اقتصادية . لقد استغل مفهوم ما يسمى " الصراع  بين الحضارات أو الثقافات أو الأديان "  كحجة لتغطية المقاصد الاقتصادية . هناك 500 مؤسسة اقتصادية تسيطر على 80% من ثروات العالم ، وحتى الناس في النمسا شعروا مؤخرا بازدياد الفقر . "

إن الكاتبة المصرية التي تطالب بحق المساواة بين المرأة والرجل لا تجد الكثير من يساندها ، بل على العكس من ذلك ، وخصوصا بين قطاعات معينة ، حيث رفعت دعوة في القاهرة بمطالبة زوجها للطلاق منها ، وفي الآخر كسب الزوجان هذه الدعوة . والجدير بالإشارة هنا لم تبعث السفارة المصرية من يمثلها في هذه المحاضرة وكذلك غياب مراسل أكبر صحيفة مصرية " الأهرام " . ورغم هذا فإن هذه الكاتبة لم تفارقها الابتسامة التي طغت على وجهها معلنة من المنصة " أنني متفائلة لأن الحركة المناهضة للعولمة والحركة النسوية يوحدان جهودهما ، وكان لقاء ( Porto Alegre ) إحدى النتائج التي تمخضت عنها هذه الجهود . وفي 18 نيسان من العام الماضي قام المنبر المنبثق من هذا اللقاء بالحصول على قرار ضد البنك الدولي وصندوق النقد العالمي على أثر ذكر الأسباب الداعية إلى إلغاء ديون بعض الدول للبنك الدولي . التحالف القائم منذ بداية الاستعمار بين سلطة القمع الطبقي والسلطة الأبوية  من أجل تحقيق الأرباح ، مثال على ذلك أن المتاجرة بأجساد النساء وممارسة البغاء تدر سنويا 7 ميليارد دولار سنويا . " .

وكانت الطبيبة نوال السعداوي قد  عملت من عام 1966 وحتى عام 1972 مديرة في وزارة الصحة في القاهرة ، إلا أنها فقدت عملها هذا على أثر صدور كتاب لها حول " المرأة والجنس " . وليس هذا فقط ، فقد دخلت الكاتبة في عهد أنور السادات عام 1981 السجن ، وقد علقت الكاتبة على هذا بشكل لطيف يتميز بالسخرية وعلى شكل سؤال أيضا في فيينا: " أنا طبيبة ، فلماذا أخوض في أمور السياسة ..؟ أنا ضد العسكرة واستغلال النساء وضد الفاشية الجديدة . في فرنسا خرج 1,3 مليون مواطن إلى الشوارع ضد الفاشية الجديدة . والرأسمالية بحاجة إلى الحرب لغرض فتح أسواق جديده لبيع السلاح والنفط والمواد الكمالية . إنهم يجربون أسلحتهم على رؤوسنا ـ ولهذا فما علينا إلا أن نوحد قوانا العالمية لوقف مثل هذه الأعمال وأن نخلق جبهة ضد العسكرة التي يتبعها بوش بعد زيادته للميزانية العسكرية التي وجد لها سندا لدى المجموعات المسيحية المتطرفة . "

وتطرقت نوال السعداوي في حديثها هذا إلى القضية الكردية وأوضاع الأكراد في كل من العراق وإيران ، وكذلك القضية الفلسطينية " يجب أن نكون على جانب كبير من الحذر ، لأن القوى الاستعمارية تستغل وضع هذه الاقليات القومية من أجل زرع الشقاق والخلاف في أوساطها . أنا ضد اضطهاد وقمع الأكراد بالتأكيد ، لكن الاستعمار البريطاني يستخدم الأكراد ضد مصالحنا . إنه لمن الخطأ في البحث عن مسألة العنف بمعزل عن موازين القوى الاجتماعية والاقتصادية ، كما نلاحظ هذا عند الحركة النسوية في أمريكا ، إذ أنها تعالج قضية العنف بمعزل عن تلك الموازين التي ذكرت أعلاه . وهذا شئ مستحيل . وتحدثت الكاتبة عن سياسة بوش الخارجية ومواقفه تجاه الأنظمة الدكتاتورية ، والتخلي عنها ، بل والوقوف ضدها ، حينما تصبح حجر عثرة أمام مصالحها وقد فسرت هذه العلاقة على أساس أبوي عندما يصبح الابن عاق يعصي أوامره . وتساءلت الكاتبة : " لماذا ساندت الحكومة الأمريكية نظام السادات ، وسهلت له الطريق باستلام السلطة بالتعاون مع " الأقباط المسيحيين " ، أو لماذا تساند الولايات المتحدة النظام السعودي ، أو لماذا تخلت عن نظم دكتاتورية ، كصدام حسين ..؟ إن المسألة ليس إلا إعادة لموازين القوى لخدمة مصالحها . فالأب يقتل ابنه كما هو بالنسبة لبن لادن ، الآن ، "

وحول القضية الفلسطيبنة فقد ذكرت السعداوي : أن الكثير من الناس يتهمني بأنني ضد عملية السلام ، ولكن ألم يكن اتفاق كامب ديفد اتفاق حرب . فبعد فترة قصيرة من هذا الاتفاق بدأت الحرب في لبنان . أخذوا من الفلسطينيين الأرض والماء ، وإنهم لا يملكون اليوم سوى 11% من الأرض . أليس من المفروض ا، يتقاسم الناس الأرض فيما بينهم .

أنا ضد الدولة الدينية ، التي تفرق بين الناس حسب انتمائهم الديني . أنا مع الدولة العلمانية، التي تعتبر الدين قضية شخصية ، وإنها ( أي الدولة ) هنا لخدمة الكل . "

ترى نوال السعداوي أن الله ، قضية تخص ضمير الانسان .

وتعرضت السعداوي إلى بعض انتقاد الحاضرين من المهاجرين ( المغتربين ) وقد ردت على البعض منهم قائلة " يجب أن تعود إلى مصر ، وأن تقوم بالاحتجاج هناك ، وليس هنا في الغرب تقوم بانتقادي . إنني أجابه الكثير من المصاعب في الولايات المتحدة الأمريكية ، لأنني أنتقد الحومة هناك . وأن الصحف لا تتكلم سوى عن " طلاقي الإجباري " ، ولكن ليس على الاحتجاجات التي أقوم بها . من الذي سيحارب الدكتاتورية في السعودية ..؟ الناس في السعودية ، أم الذين يعيشون في فيينا ..؟ لقد ناضلنا ضد الملك فاروق والاستعمار البريطاني . وإذا كنت فقيرا فإما عليك أن تناضل أو تقتل ، وإذا انتم هنا في النمسا خرجتم بمليون إنسان إلى الشارع هل ستسقط الحكومة غدا !

تطلق المجموعة التي تنتمي إليها السعداوي عل نفسها اسم " حركة النسوة الاشتراكية التاريخية ، عل أساس أن المسواة الطبقية لم تبدأ مع ماركس ، وإنما بدأت بالمقاومة النسائية ضد العبودية والرق في مصر القديمة . " نحن بالتأكيد ضحايا ، ولكن لا نريد أن ينظر إلينا كذلك ، فالناس يناضلون معي  بوعي وضمير . " هكذا تحدثت السعداوي ردا على سؤال مكتئب من الحاضرين " من أجل دحر سلطة السلاح والمال "