ما العمل لمواجهة ظاهرة تعدد الزوجات المهينة في كردستان العراق؟



بيان صالح
2009 / 3 / 31

هاتفني قبل يومين احد زملائي الأعزاء في الحوار المتمدن – جمال احمد - ليخبرني عن زيارته الأخيرة إلى كردستان العراق في نهاية شهر شباط الفائت، حيث تم الحديث عن الأوضاع السياسية و المعيشية هناك ، كما ابلغني بحزن و الم شديدين تلمستهما في نبرة صوته بوجود ظاهرتين بارزتين هناك ، وهما غلاء المعيشة بشكل غير متوقع و فظيع إذ أن الأسعار باتت تنافس الأسعار في دولة السويد ولكن بدأت نبرة الحزن والأسى تطغى علي صوته، عندما شرع بالكلام بألم و حسرة عما شاهده بنفسه في كردستان العراق من انتشار ظاهرة بشعة بحق النساء ، أصبحت مألوفة و عادية عند اغلب الشرائح الاحتماعية ، ألا هي ظاهرة تعدد الزوجات، و عدم اخفاء أكثر الرجال رغبتهم " بامتلاك" أكثر من امرأة. و هذه الظاهرة المتفشية اليوم كانت معدومة أو استثنائية في السابق ، ولكن انتشارها اليوم بهذه البشاعة والتي باتت تهدد حياة المرأة وكرامتها و تعمل على إحباطها أخذ ينذر بمستقبل أكثر قتامة في المجتمع الكردي . فهذا الخطر لم يعد يخيم فقط على المرأة الأمية وربة البيت ,بل باتت هذه لظاهرة مثل الوباء تهدد النساء المثقفات و صاحبات الشهادات العليا والمرأة العاملة و الموظفة أيضا.



علمت من زميلي أن الحديث عن الزواج الثاني و الثالث و ربما الرابع امسى الشغل الشاغل للكثيرين و نزوة عندهم وحلمهم ، فالزواج من اكثر من واحدة بات امتيازالرجل و ارتفاعا لمكانته الاجتماعية وهيبته في المجتمع كجزء من ممتلكاته التي يتباهى بها لتعزيز دوره و مكانته الرجولية في الأسرة و المجتمع .



و لاشك أن المرأة تعيش حياة رهيبة و مخيفة في ظل هذه الأجواء الغير إنسانية و فيها تضطر أن تقبل جميع شروط الرجل خوفا من أن يتزوج عليها بزوجة ثانية ,مع العلم يمارس الرجل علانية العلاقات الجنسية خارج الزواج وربما تضطر المرأة لقبول ذلك و تعتبره أهون من الزواج الرسمي الثاني و الثالث عليها .


كما أشرت في مقالة سابقة أن في ظل إقرار برلمان إقليم كردستان تعدد الزوجات في تشرين الثاني من عام 2008 رسميا انقطع الأمل في خلق ظروف أحسن للمرأة ، بعد منح شرعية قانونية لاهانة إنسانية المرأة وذلك بإفساح المجال أمام الرجل ممارسة رجولته وقوامته ونزواته الحيوانية غير إنسانية بامتلاك عدد من النساء وقانونيا وفرض أسوء الشروط على المرأة من الخضوع و الاستسلام خوفا من طردها خارج منظومة الأسرة وخارج ظل الرجل ومن ثم العزلة و الإقصاء الاجتماعي والاقتصادي حتى من أهلها ، في ظل غياب قانون يحميها اقتصاديا و اجتماعيا من العنف النفسي والجسدي الممارس ضدها داخل الأسرة و المجتمع . لم يمر أكثر من ستة أشهر على إقرار برلمان إقليم كردستان لتعدد الزوجات وما خلفه من انتشار هذه الظاهرة حتى أصبحت ظاهرة عادية ومنتشرة مألوفة في المجتمع .

ناقشت آنذاك مع عدد كبير من الأصدقاء عواقب هذا القرار المجحف بحق المرأة و عواقبه في إرجاع المجتمع إلى الوراء و,من المؤكد ان تلك الظاهرة موجودة في كل الدول الإسلامية و الشرقية و من ضمنها كردستان العراق ولكن إعادة تثبيتها قانونيا لهي جريمة قانونية بحق المرأة و المجتمع المدني المتحضر .

طلبت من زميلي العائد من كردستان لعمق تأثري وغضبي من هذه الجريمة اليومية بحق المرأة أن يكتب سطورا عما عايشه بنفسه لوصف الحالة :

***********************************************

(في السبعينات، كيساري كنا نعادي التخلف العشائري أكثر مما نعادي الرأسمالية، وإحدى هذه الظواهر المتخلفة كانت تعدد الزوجات، أنها كانت مسالة مبدئية. كنا نبحث عن هذه الظاهرة، وأتذكر إني قد سمعت أنها متفشية في الريف، و في محلتنا كانت ثلاثة عوائل فيها تعدد الزوجات. ولكن كان قبول هذه الظاهرة اوتائيدها يعد كفرا ، فلم يتجرا احد للدفاع عنها أو تبريرها. بجانب هذه الظاهرة كان تأثير حكومات الملالي(المحاكم المحلية لعقد القران حسب مزاج الملا) لحد الستينات من القرن الماضي ، أثره الأكبر في هذه المجال ، والذي انتهى من بعد جيل لة جيلين.

لكن المصيبة الكبرى عايشتها بعد زيارتي الأخيرة مع اختي للعراق في نهاية شباط 2009 بعدما سمعت منها عن شكوى كثير من النساء من تهديدهن بالزواج عليهن ، لم أثق بكلماتها سالت بنفسي عنهن، فكانت حقيقة ، وبدأت اسأل صديق يساري قديم إن كان يحب أن يتزوج على زوجته فقال "سأفعل إن استطعت ذلك". بعد الإمعان رأيت كما في السابق أن الذين لهم أكثر من زوجة هم اقل من 5% لكن مثل مرض السرطان الذي هو اقل من 5% أخذ يهدد كل المجتمع. وهذه الظاهرة أيضا كالسرطان يطبق ب 5% لكن يهدد به كل المجتمع.

إن هذه الظاهرة لم تعد تقتصر على الأغنياء فقط دون الفقراء ولا على الاميين دون المتعلمين ، انه بات سلاح الكل ضد النساء . إن نصف الشعب العراقي يعيشون تحت هذا التهديد.

فما لعمل من اجلهن؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ )

*******************************************************
قال لي زميلي العزيز ماا لعمل من اجل دعم المرأة في كردستان وعموم العراق و إنقاذها من شبح الخوف و إخضاعها لأبشع أنواع العنف النفسي و الغبن وعدم الثقة بالنفس و تهديدها بالزواج الثاني و الثالث في ابسط حقوق تطالب بها و حتى إذا لم تطلب بأي حق من الزوج (صاحب الجلالة ) الأكثر منهم المتيسرين من أعضاء و رجالات الأحزاب القومية الحاكمة و الذين ينعمون بثروات ضخمة و هائلة مما يتوفر لديهم الإمكانية لاختيار أي فتاة حتى لو كانت بعمر بناتهم .كل ما يروجونه تلك الحفنة من الرجال المتخلفين عن سبب وجود و انتشار هذه الظاهرة الغير حضارية هو للتستر على النساء العوانس والأرامل من ضحايا الحروب والأنفال! ولكن كذب و رياء ترويجهم واضح بما يختارونه من فتيات صغيرات و جميلات وإغرائهن بالمال أو شرائهن.هنا أضم صوتي لكل من يناشد ما العمل من اجلهن واقول :

يجب على جميع المنظمات النسوية والتحررية فضح سياسة و قرارات برلمان إقليم كردستان والمطالبة بمنع تطبيق قانون تعدد الزوجات وتحريم ذلك قانونيا .

العمل على توعية المجتمع و الضغط على الجهات الرسمية بمنع تلك الاهانات اليومية و العنف ضد المرأة عن طريق وسائل الصحافة و الإعلام و الفضائيات .

فضح سياسات الأحزاب القومية و الدينية في ترسيخ عبودية المرأة عن طريق تطبيق شرائع القروسطية الإسلامية ,وطلب الدعم الدولي لمنع تعدد الزوجات وتطبيق الشريعة الإسلامية في قوانين الأحوال الشخصية .

العمل على تطبيق المواثيق الدولية ومنها معاهدة سيداو (مناهضة التمييز ضد المرأة) بدون أي تحفظ.

العمل المشترك بين المنظمات النسوية للدفاع عن حقوق المرأة بشكل أكثر فعالية و بعيدا عن مصالح الأحزاب السياسية وجعل قضية حقوق المرأة ومساواتها هي الأساس وفقا للمواثيق الدولية وفي ضوئه العمل من اجل تشكيل اتحاد عام مستقل لنساء كردستان العراق .

العمل المشترك بين الأحزاب اليسارية و العلمانية المناهضة للعنف ضد المرأة و المطالبة بمساواة المرأة في المجتمع.



روابط ذات الصلة:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=154893

اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة

http://www.c-we.org/ar/show.art.asp?aid=404

الحملة العالمية لإلغاء قانون الأحوال الشخصية في كردستان العراق

http://www.c-we.org/frame/camp.asp?id=141