الإمتحان المجتمعي



سهام فوزي
2009 / 4 / 5

منذ طفولة الشرقية تتعلم أمرا واحدا أنمعيار نجاحها أوفشلها كإنسانه هو قدرتها علي أن تصبح زوجة وأن تجد من يقبل الزواج بها وهذه أول وأهم درجات النجاح وهي درجات توضع حسب نجاح الشرقيه في إجتياز الإمتحان المكون من عدة مراحل صممه المجتمع وتقوم بأداء مراحلة الشرقية منذ ولادتها وحتي الممات وتعلن النتيجه أي نتيجة الإختبار بعد وفاة المرأة حيث لا مجال لمزيد من الإختبارات .
الكثيرات يجتهدن وينجحن في تحقيق وإجتياز المرحلة الأولي من الإختار فيحصلن علي الزوج ولكن ويا للهول وهذا ما يقوله المجتمع ولست أنا ففي ذات الوقت تفشل العديدات في إجتياز هذه المرحلة الهامة من الإختبار والمؤهله لدخول باقي مراحل الإمتحان المجتمعي فيعلن الفشل الفوري ويتم إعلانهن ببترهن من المجتمع لأنهن وفق مقاييس الإمتحان المجتمعي قد رسبن في أهم جزء من الإختبار وقد تنجو بعضا من نساء هذه الفئة فيتأخرن في أداء الجزء الأول وهو تاخر يكسبهن جزءا من فة الفاشلات يستمر معهن حتي الممات .
إن الفشل في إنجاز الجزء الأول من الاختبار او التاخر في إنجازه هو لعنه حقيقية تحل بالشرقية حيث أن ا لوصول الي سن معينه يحددها المجتمع بدون زواج يستتبعه تغير في تعامل المجتمع مع هذه المرأة ونظته إليها بل وحتي في تعامل الأهل ونظرتهن إلي إبنتهن التي فشلت في تحقيق ما علموها إياه منذ الطفولة وتبدأ جلسات الندب اليومية فالأم تبدأ يومها بالنواح والبكاء علي الفشل الذي منيت به ابنتها والذي لابد من حل فوري له يبدأ من التردد علي الدجالين والعرافين وزيارة الاولياء والصالحين وانتهاءا بعرض الفتاة بكل طريقة ممكن في سوق النخاسة العصري لعل حظها يتحسن وتحظي بالزوج وفي ذات الوقت تبدا الفتاة تعامل وكانها مجرمة ارتكبت الجريمة الشنعاء التي لا تغتغتفر وبالتالي ييجب إعتزالها ومعاقبتها وكأنهل هي من اختارت هذا الوضع لنفسها ولم يفرض عليها فرضا ،وفي ظل هذه النظرة ينكر ان الفتاة تتمتع باي مميزات وصفات جميلة حقا لانها وبكل بساطه لا تتمتع بصفة المتزوجه ،فالانجاز الوحيد المقبول من العربيه هو الحصول علي زوج أما العلم والثقافه والفكر فهي من الأمور الثانوية التي لا تهم المجتمع في شيئ بل وقد يراها البعض انها قد تكون السبب في حرمان الفتاة من الزواج وجعلها غير صالحه في راي الرجل للزواج، وهذه النظرة هي التي تسود وتتحكم في مجتمعاتنا فاسهام المراه هو في سرعة زواجها وعدد الاطفال التي تنجبهم اما الامور الاخري والتي تؤثر حقا في المجتمع فهي غير هامه خاصه واننا نعيش في مجتمعات تعيش علي اطراف الحضارة وتحرص علي ان تعزل نفسها عما يجري في العالم باسوار من فولاذ ،فبينما العالم يري أن اي دور انساني يتوقف علي القدره في دفع المجتمع وتنويره ولا يهم ان كان صاحب الدور رجل او امراه نقصر نحن دور النساء علي الزواج وانجاب الاطفال فهو الدور الوحيد المقبول والحيوي والجوهري والاساسي وكل المفردات التي تمتلكها اللغه العربية وماعدا ذلك فهو من الأدوار الثانوية التي يمكن الاستغناء عنها
ان نظرة المجتمع لم لم تتزوج يصاحبها عملية تحطيم وتدمير نفسي شديد تبدأ بنظرات الإستنكار والإدانه وغالبا ما تبدا هذه العملية علي إستحياء ثم تصبح مع مرور السنين وإستمرار العجز عن تحقيق الهدف الأوحد المرسوم للشرقية منذ الميلاد أكثرحدة وجراة بل وتصاحبها كلمات تحط من إنسانية وكرامة المرأة ويبدأ الحصار ويبدأ المجتمع في تجنب مثل هذه الفتاة لانها تصبح في نظر المجتمع وكانها الطاعون الذي سينتشر في المجتمع حاملا العدوي فيقضي علي أبناءه ولذلك فيجب أن يتم عزلها واجتنابها حتي يأمن المجتمع شر المرض ويتناسي الجميع ان مثل هذه المراه هي انسانه لها مشاعر واحاسيس فيتم قهرها وتحطيم ارادتها بلا ذنب جنته ويتناسي المجتمع وهو من يضع القواعد أن من أهم القواعد التي تنظم علاقة المراة بالرجل أن علي المراة أن تلعب دور الفريسه التي ستقع في شباك الصياد وانها لا يحق لها أن تبدأ باعلان الاعجاب أو الحب او حتي ان تفاتح اي رجل برغبتها في الزواج منه وكل ما يمكنها ان تفعله ان تنتظر فالرجل وفق قوانين المجتمع هو صاحب المبادرة الأولي اذا لماذا تلام المراة والمجتمع يجرم ويحرم عليها ان تعلن رغبتها بالزواج ، ولماذا تعاقب ان كانت القواعد الموضوعه تحتم عليها ان تنتظر من يطرق بابها ويحرم عليها هي طرق الابواب ،هل سيقبل المجتمع ان يغير قواعده ويسمح للمراة ان تصارح الرجل برغبتها في الزواج منه ؟بالتاكيد لا بل وسيدين المجتمع بشده اي امراة تحاول فعل هذا وسيري انها خارجه عن الاخلاق والعادات والتقاليد والعقوبة هنا ستكون اشد والادانه اكبر اذا لماذا يعاقب المجتمع من تلتزم بقواعده وتبقي تنتظر الفارس الوهمي ؟ولماذا لا يعاقب المجتمع الرجل لذات الفعل ؟لماذا يري المجتمع ان تاخر سن الزواج بالنسبة للرجل امر طبيعي لا يجب ان يواجه بالإدانه او الإستنكار ؟لماذا يقبل منه ان يصل إلي الأربعين والخمسين دون أن يوصم باي صفة توصم بها المراة التي بلغت ذات العمر ولم تتزوج ؟لماذا لا يصف المجتمع الرجل الذي تاخر في الزواج بانه عانس علي الرغم من هذه الكلمة وفقا لقاموس مختار الصحاح تطلق علي الرجل والمراة ولكن المجتمع عمدا يقصر استخدامها علي المراة تحقيرا واذلالا لها ؟ لماذا لا يدان الرجل وهو من أعطاه المجتمع الحق واقتصره عليه ان يختار وان يكون صاحب المبادره والقادر الوحيد علي ان يعلن الرغبه في الزواج
متي يمكن أن نتغير ونترك هذا التخلف والانحطاط الذي نعيش فيه ونستخدم عقولنا التي لا نعرف كيف نستخدمها في الشرق منذ ان نولد وحتي نموت ،متي نري الامور من المنطلق الصحيح ، ما هو الأهم الزوج ام القدرة علي الاسهام والعطاء وبناء المجتمع الواعي المستنير، لماذا نلغي كل الادوار ونقتصرها علي دور الزوجه علي الرغم من ان تلك الادوار التي تلعبها المراة لا تقل اهمية عن دورها كزوجه فالطبيبة مثلا خاصة في المجتمعات التقليديةالتي لا تسمح للنساء بالذهاب الي طبيب رجل ما هو اهم هنا دورها كزوجه وهو دور توجد الالف ممن يقمن به ام دورها كطبيبه وهو دور نادر خاصه وان تلك المجتمعات من الاصل تفرض قيودا علي تعليم البنات ؟لماذا لا نترك كل تلك المعتقدات الباليه ونري الامور بمنظار مختلف فغالبيه من لم يتزوجن في المجتمعات العربية لم يخترن هذا الوضع بارادتهن بل فرض عليهن فرضا ولم يستطعن تغيير هذا الواقع علي الرغم من كل محاولاتهن لتغييره وهي محاولات تبداها الام وتكملها الفتاة بعد ذلك وكل هذا من اجل الهروب من وضع عدم الزواج وكي يرضي عنها المجتمع ولكن البعض قد يفشلن فلماذا نزيد من قسوة الامر عليهن بالادانة والاستنكار ،لماذا لا نتركهن وشأنهن ، لماذا ندفع الفتاة دفعا إلي إختيار خاطئ إن إستطاعت الحصول عليه فتعيش باقي حياتها في وضع اسوء مما كانت فيه ، أو ندفعها الي الوقوع تحت طائلة الأمراض النفسية نتيجه لما تعانيه من تعامل المجتمع معها ، الا يكفي أنها حرمت ولأسباب قد تكون خارجه عن إرادتها من أمور قد لا تستطيع الكثير من النساء الاستغناء عنها (غريزة الامومة مثلا) وهي امر اساسي في حياة الغالبية العظمي من النساء ولكن بما انها امراة لا تستطيع ان تغير من امرها شيئا ، فلماذا نقسو عليها ونذكرها في كل لحظة بما تحاول ان هرب منه وتتفاداه
ان تاخر سن الزواج سؤاء للمراة او الرجل ليس مستغربا في الدول المتقدمه ويعد من قبيل الحرية الشخصية التي لا يسمح لاحد بالتدخل فيها ، ولكننا في المجتمعات العربيه نراها امرا يحق للجميع التحدث فيه وانتقاده علي الرغم من ان تردي الاوضاع الاقتصادية يوما بعد يوم ادي الي تاخر سن الزواج ولكننا ننكر هذه الحقيقة في مجتمعاتنا العربيه ونري تاخر سن الزواج بدعة وجريمة ومنفذ سيدخل الشيطان منه الي مجتمعاتنا لينشر الرذيلة وهذه البدعه خاصه بالمراة فقط والحجه الجاهزه دوما للاستخدام ان هناك عمر معين لا تستطيع بعده ان تنجبب المراة بينما هذا غير موجود في الرجل الذي يستطيع ان ينجب دون التقيد بالسن ولذك فمن الافضل بل ويجب ان تتزوج المراة باكرا بينما لا يجب علي الرجل ذلك
ان الزواج امر طبيعي ولكن عدم الزواج لا يجب ان يكون امرا مستهجنا لمن لم يقدر عليه والحديث هنا عن المراة ففي كثير من الحالات بل في اغلبها فان عدم الزواج هو امر فرض علي المراة التي حاولت تغييره وفشلت فلا يجب ان نعاقبها ونترك في روحها اثارا نفسيه واجتماعية قد يصعب التخلص منها مما يؤدي الي حرمان المجتمع من قوة عاملة ومنتجه هو في اشد الحاجه اليها وتحويلها الي قو عاجزه لا تفيد المجتمع في شيئ بل علي العكس ستكلفه الكثير فمن ناحية سيفقد مجهوداتها في العمل من اجله ومن ناحية اخري سننشا جماعه من النساء لم يستطعن تحمل نظرة واستنكار المجتمع والضغوط التي مورست ضدهن فتولدت لديهن اثارا نفسيه سيعاني منها المجتمع باسره
وبما اننا شعوب قدريه نؤمن بالقسمة والنصيب ونفسر جميع امورنا سواء بالنجاح او الفشل بانها نتيجه ان النصيب لم يحدث فلما نستثني من لم تتزوج من هذه القاعده فلنتعامل معها من هذا المنطلق ام ان هذا المنطلق هو مستخدم لتبرير الفشل في امور نفشل فيها لجهلنا واهمالنا ولكننا نرفض ان نعترف بهذا فنعلقها علي شماعة القسمة والنصيب حسنا لندخل الفشل في الزواج في الجانب المتعلق بالمراة ضمن القسمة والنصيب وندع اللوم والتنكيل بكل من لم تتزوج ففي النهاية هي بشر لم ترتكب خطيئة تستوجب القتل المعنوي الذي تلاقيه يوميا لعجزها عن امر لا تملك تغييره ولا يجب ان يكون الزواج هو الاختبار الوحيد الذي يحكم من خلاله علي المراة بالفشل والنجاح فهناك بالتاكيد العديد من الاختبارات الاشد اهمية ولكن عجز عقولنا عن استياب ذلك يقصر الاختبار علي امر واحد