حجاب المرأة بين التقاليد الاجتماعية، والبيئة، والموروث الديني.....55



محمد الحنفي
2009 / 4 / 11

إلى:

• الحوار المتمدن في جرأة طرحه للمواضيع الشائكة، والساخنة، التي تقف وراء حركة الفكر التي لا تنتهي.

• كل امرأة ناضلت من أجل إعادة النظر في القيم التي تكرس دونيتها.

• من أجل امرأة بمكانة رفيعة، وبقيم متطورة.

• من أجل كافة الحقوق الإنسانية لكافة النساء.

علاقة التقاليد بالمعرفة الدينية بتنوع مذاهبها:.....41

وهنا نصل إلى بيت القصيد، من خلال طرحنا للسؤال الذي يفرضه سياق الموضوع:

هل تعتبر المذاهب الدينية وسيلة لاعتبار حجاب المرأة مسألة دينية صرفة تستلزم وجوبه؟

إن مجمل ما ورد في المعرفة المذهبية الدينية، سواء تعلق الأمر بفهم كل مذهب للكتاب، والسنة، أو بالمسلكية، يعالج شكليات ممارسة المسلمين الدينية، والمعاملاتية في إطار مذهب معين.

ونحن نرى أن ما ورد في القرآن الذي هو أصل التشريع للممارسات الفردية، والجماعية، في إطار مجتمع المسلمين، لم يرد فيه تشكيل معين لكيفية ظهور المرأة، أو الرجل على حد سواء، وما له علاقة بتشكيل المسلكية الفردية، أو الجماعية، لا يتجاوز العمل على تكريس الاحترام الذي يجب أن يقوم بين جميع أفراد المجتمع، سواء كانوا ذكورا، أو إناثا. ومن ذلك ما ورد في القرآن: "قل للمومنين يغضوا من ابصارهم، ويحفظوا فروجهم، ذلك أزكى لهم؛ إن الله خبير بما يصنعون، وقل للمومنات يغضضن من إبصارهن، ويحفظن فروجهن، ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، وليضربن بخمرهن على جيوبهن، ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهمن، أو آبائهن، أو آباء بعولتهن، أو أبنائهن، أو أبناء بعولتهن، أو إخوانهن، أو بني إخوانهن، أو بني أخواتهن، أو ما ملكت إيمانهن"... الآيات. وهكذا في باقي الآيات التي وردت في هذه السورة، أو تلك. ولو وقفنا عند حدود النص الديني، ولو لم يتدخل ذوو الحاجات لتوظيف هذا النص لخدمة هذه المصلحة، أو تلك، لما كان هناك حديث عن شيء اسمه الحجاب، ليبقى الحديث عند حدوث الاحترام بنسبيته المرتبطة بعملية التحول الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، وفي إطار صيرورة التطور الذي تعرفه البشرية بصفة عامة، ويعرفه المسلمون بصفة خاصة.

وبما أن ذوي الحاجات، من الحكام، يسعون إلى جعل المجتمع في خدمة مصالحهم الطبقية، بالخصوص، فإنهم يستهدفون كل شيء بالاستغلال، بما في ذلك النص الديني للدين الإسلامي، لإعطائه فهما يتناسب مع خدمة مصالحهم الطبقية، في مستوياتها المختلفة.

ونظرا لأن المرأة تشكل نصف المجتمع، وانطلاقا من حاجة الطبقات الحاكمة إلى الإمساك بالمجتمع ككل، فإن الأنظمة التي قامت، عبر التاريخ، في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، وكامتداد لاستغلالها للدين، فإنها دفعت في اتجاه أن ترى المذاهب الدينية المختلفة، والمتناقضة، أن حجاب المرأة واجب ديني، بدونه لا يتحقق إسلامها.

وحجاب المرأة، باعتباره حجابا دينيا برؤيا مذهبية مالكية، أو شافعية، او حنفية، أو حنبلية، يحقق أهدافا محددة، ومقصودة:

1) تكبيل نصف المجتمع بسلطة الدين، التي تفرض حجاب المرأة.

2) تحويل الرجل، باعتباره وصيا على المرأة، باعتبارها دون مستوى الرجل، إلى وصي على الدين الإسلامي.

3) تحويل الاشتغال بحجاب المرآة فكريا، وعلى مستوى الممارسة، إلى وسيلة للفكير في المشاكل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية الناجمة عن استغلال الطبقات المستفيدة من استغلال المجتمع المادي، والمعنوي.
4) تحويل المرأة إلى وسيلة لجعل الرجل يقبل بذلك الاستغلال الممارس عليه، عن طريق ممارسة الضغط عليه، من أجل الاستجابة لحاجياتها الضرورية، والكمالية، سواء تعلق الأمر بمستوى الأسرة، أو بمستوى العلاقات العائلية.

5) تعريض المرأة للاستغلال المزدوج، المتمثل في استغلال الطبقات المستفيدة من الاستغلال الذي يستهدف الرجل والمرآة على السواء، واستغلال الرجل للمرأة.

6) حرمان المرأة من التمتع بحقوقها المختلفة، وفي مقدمتها الحقوق المدنية، التي تمكنها من المساواة بالرجل اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، ومدنيا، وسياسيا.

7) التعامل معها كسلعة، أو كمتعة، أو كعورة، يجب تخليص المجتمع من فتنتها، حتى يبقى المجتمع سليما معافى من المصائب، والكوارث، التي تقف المرأة وراء انتشارها حسب رأى مسلعيها، ومحنطيها، ومعوريها.

8) إقحام العادات، والتقاليد، والأعراف المعتمدة في كل بلد من البلدان العربية، ومن باقي بلدان المسلمين، كأدوات لفرض سلطة الحجاب على المرأة في كل أماكن تواجدها.

ووجوب الحجاب، كشرط مذهبي ديني، تختلف حدته من مذهب إلى آخر، ومن بلد إلى آخر، ومن زمن إلى آخر، تبعا للانفتاح على الواقع، أو الانغلاق عليه، وانطلاقا من الشروط الموضوعية القائمة في كل بلد، وفي كل زمن، كما أوضحنا ذلك، بما فيه الكفاية.

وانطلاقا من الرؤيا المذهبية، وتحت تأثير سلطة العادات، والتقاليد، والأعراف، واستجابة لرغبة المستفيدين من الاستغلال، فإن المرأة تعاني التردي على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. الأمر الذي ينعكس سلبا على الرجل بصفة خاصة، وعلى جميع أفراد المجتمع بصفة عامة.

وانطلاقا، كذلك، من الوضع المتردي لواقع المرأة التي تقع تحت تأثير سلطة الحجاب، فإنه يصير من الضروري أن تنخرط المرأة في النضالات الحقوقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، من أجل تحقيق مكاسب تؤدي، بالضرورة، إلى تحرير المرأة من:

1) سلطة المذاهب الدينية التي تفرض حجاب المرأة، باعتباره واجبا دينيا.

2) سلطة العادات، والتقاليد، والأعراف التي تكبل حرية المرأة على أرض الواقع.

3) سلطة المعرفة التقليدية المذهبية الدينية / الأسطورية / الخرافية، التي توجه المسلكية الفردية، والجماعية، التي تكبل قدرات المرأة الإبداعية، والفكرية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

4) سلطة الرجل الذي يستغل قدرات المرأة لصالحه، من أجل تأبيد سيادته عليها.

5) سلطة الطبقات التي تمارس الاستغلال على المجتمع ككل.

سلطة القوانين التي تستند إلى المعرفة المذهبية الدينية، من أجل تكريس دونية المرأة.

سلطة الدولة الاستبدادية، التي تشرف على فرض تكريس دونية المرأة، وعلى فرض استغلال الرجل للمرأة، وعلى فرض استغلال الطبقات الحاكمة للمجتمع ككل، والنضال من أجل دولة الحق، والقانون.