المرأة في الدين خلل الذكور.. أم تجاوز الحقوق ..؟!!



سلام كوبع العتيبي
2004 / 4 / 19

مازالت القصص الليلية التي تقصها لنا أمي طابعة في ذاكرتي ؛ والتي نقلتها عن أمها التي كانت تمارس طقوس السرد القصصي الخرافي للعائلة عن حواء وكيف ولدت من جنب آدم؛ تدور في مخيلتي وطبعت في ذاكرتي ؛ وكم حاولت أن انتزعها من عقلي الطفولي ولكن عبثا أتخلص منها؛ خاصة وإن هذه حكايات والدتي رحمها الله في شتاء الناصرية القارس ولها طعم آخر ؛ عندما كان يخلوا بيتنا من ربه بعد زواجه الثاني وإهمال الزوجة الأولى !!!. كنا نتجمع ؛ أنا وأخوتي مثل القطط التي تنتظر خروج الفار من جحره محتضنين موقد الحطب المتوهج بكل ود وحنان كأنه عزيز غائب وعاد من جديد والتي مازالت رائحة دخانه عابقة في رئتي وخياشمي وفي كوخنا الطيني الذي أحن إليه كحنيني الذي تسبقه الدموع ؛ وكأنه العراق أو أن العراق بشماله وجنوبه لايسع هذا الطيني الجميل وموقده الأسود ؛ فهو ذاكرتي وتاريخي وحكاياتنا التي لاتنسى ؛ وأكثر من أي فرح آخر ؛ مازالت تلك الحكايات ترن في أذني وذاكرتي وتدور حولي كأنها سماء الله وأرضه.
كل حكايات أمي كانت عن حواء ؛ وعن المرأة التي خالفت زوجها فحولها الله إلى شيطان أعور؛ أو عن سعدية التي دخلت الجنة لأنها تسجد إلى زوجها مطيعة صاغية ؛ أو عن جدتي التي دخلت الجنة لأنها مثل سعدية لم تخالف أمرا لجدي يوما ما ؛ ولذلك كرمها الله في الجنة ؛ والغريب في الأمر إن كل حكايات أمي أو أغلبها كانت تدور حول حواء وعن واجبات حواء وكيف لابد عليها أن تتبع آدم في كل خطواته وترحاله ؛ وتطيع أوامره حرفيا لأنها لو لم يكن آدم لما خرجت حواء إلى هذه الدنيا ؛ ولأنها وكما تقول أمي ولدت من أحد أضلاعه الشمال كما رويت لها جدتي .!!
الثقافة التي سادت مجتمعنا العربي والإسلامي خاصة حول المرأة ؛ هي ثقافة التبعية والتجهيل المطلق للمرأة والتي نسجت حولها قصص كثيرة وجميلة ومخيفة كي تصل العقول بسهولة وتصديق مبهم ؛ ولم تكن من بين تلك القصص التي كانت تدور حول ثقافة المرأة شيء عن تحررها وانتشالها من عبودية الذكور وعقلية رجال الدين الذين حاولوا جاهدين أن يحولوا المرأة إلى معمل تفريخ أو سرير للمتع الليلية أو جارية في بيت سلطان أو زوجة أخرى تهمل أو امرأة نصيبها من الميراث ثلث ما يستحقه الذكر أو العورة التي حرم الله رؤيتها أو المرأة التي يحكم شرفها سكين المطبخ ويذبحها من الوريد إلى الوريد بعد أن تزغرد أمها الأنثى الأخرى معلنة عن غسل عار القبيلة ؛ هذه هي المرأة في العقل الديني والعقل العربي والتي طبعت في عقولنا وتحجرت فيه ؛ ولا يسعنا اليوم الخلاص منها . لأنها ثقافة فطرية طفولية أراد بها ناسجوها أن تتخمر جيدا في مخيلاتنا وعقولنا الباطنة .
والآن وبعد أن حاولت المرأة أن تتحرر من غبار الزمن والاضطهاد والتعسف الذي قولبها على هذا الشكل المأساوي والذي هي عليه الآن لتنطلق إلى فضاء الله الواسع أسوة في بنات حواء الأخر ؛ وقف لها جمع غفير من عناترة الفكر التخلفي البوهيمي ومن الذين مازالوا يتذكرون حكايات جداتهم مثل ما أتذكرها أنا المتخلف الآخر عن ركب البشرية في الحياة الإنسانية الجديدة ؛ وبحجج مسندة إلى تلك القصص الخرافية التي سردها علينا شيخنا الجليل ( طقطق ) أو شيخنا الجليل ( بعوض ) أو شيختنا الفاضلة ( أم الهوى ) مرة عن الحجاب ومرة أخرى عن الطاعة العمياء لمجتمع الذكور؛ أو الفضائل التي أهم بنودها أن تخرج علينا المرأة لا يرى منها شيئا ؛ سوى شبح أسود يسير باتجاه المجهول ؛ وحسب ما تقوله أمي كل هذا مستند إلى القرآن وسنة نبيه؛ والقران والسنة براءة منه .. علما أن الوقت الذي جاءت به الآية الكريمة عن الحجاب كانت متأخرة عن السورة القرآنية الأخرى والتي لم تفرض على عامة المؤمنات بقدر ما كانت موجهة بصورة خاصة إلى زوجات الرسول ( ص ) حتى إنه كان يمنع على النساء الجواري ارتداء الحجاب والتشبيه بزوجات الرسول (ص ) لكونهن وحسب وضعهن الاجتماعي آنذاك ليس بمؤمنات !!. وكانت تعاقب الجارية التي ترتدي الحجاب ؛ منذ زمن الخليفة الأول حتى نهايات الدولة العباسية ؛ وهنالك الكثير من الأدلة والبراهين على هذا ؛ والذي سوف نسرده في يوم أخر.
ولو جئنا نناقش موضوع الحجاب من الناحية الإسلامية نلاحظ أن كل الذين يهتمون به يصفونه على إنه هوية المرأة المسلمة والذي يعكس عن إسلامها وحشمتها وأخلاقها ودينها وكأنه ليس هنالك شيئا آخر خلقيا يعكس هوية المرأة المسلمة ؛ وليس لأنه أحد الأسس الإسلامية المفروضة على المرأة المسلمة مثل ما يدعون؛ وكأنما الحشمة والكرامة محصورة فقط في نصف متر من القماش يسمى الحجاب ؟!. وليس هنالك شيء آخر أهم من هذا عند البعض من الذين أباحوا أن تكون المرأة زوجة للإيجار باسم زواج المتعة لكونه يتلائم مع طموحاتهم الغريزية الجنسية والتي لا يستطيعون مقاومتها.. أو زوجة من زوجات المسيار أو زوجة من زوجات الزواج العرفي الذي حلله جامع الأزهر !! أو زواج فريند الذي جاء به البعض من علماء الدين حديثا من أمثال الشيخ عبد الرحمان الزنداني . أو الزوجة الأولى والثانية والثالثة والرابعة وما ملكة أيمانكم !!. هذه هي المرأة في العقلية المتأسلمة والعقلية العربية التي تركبت في صحراء من صحراء الربع الخالي . ليس المرأة التي وصلت إلى القمر بصحبة الذكور أو مدام كوري العالمة الكيميائية أو حتى سكينة بنت الحسين (ع ) التي كان ديوانها الأدبي أحد معالم الأدب العربي والإسلامي في ذلك الوقت . ..لماذا نبيح لأنفسنا ما نحرمه على الآخرين ؛ لماذا هذا التقصد في إهانة المرأة وهضم حقوقها المدنية والسماوية التي أباحها لها خالقها .؟!! حتى في موضوع الزواج لأكثر من واحدة للرجل الذي جاء به الإسلام من خلال القرآن والذي استغله رجال الدين بأنانية لصالحهم والذي كسر ظهر حواء أربعة مرات أو أكثر؛ بحجة عدد الإناث المتغلب على عدد الذكور في زمن بدايات الإسلام الفتوحات الإسلامية التي قضت على عدد كبير منهم..
ولكن كيف إذا كان عدد الرجال اكثر من عدد النساء مثل ما هو حاصل الآن في الصين أو اليابان أو ماليزيا الإسلامية؛ هل هنالك تبني مشروع آخر لفتوى تتساير مع الزمن والظروف الحياتية الجديدة حتى يحلل بها للمرأة أن تتزوج اكثر من زوج واحد في الوقت نفسه .... أفيدونا أفادكم الله ..؟؟!!