وصول المراة الى البرلمان من دون( الكوتا )!



عماد علي
2009 / 5 / 20

نحن على علم تام بما هو عليه المجتمع الشرق الاوسطي و الدول النامية قاطبة و من ضمنهم دول الخليج و الكويت بشكل خاص ، و نحن على دراية كافية ايضا بالمستوى الثقافي العام و العادات و التقاليد و الصفات و السلوك و العلاقات الاجتماعية العامة لهذه الشعوب ، و نحن على اطلاع على ما تعانيه المراة و ما امامها من المعوقات في جميع نواحي الحياة السياسية الثقافية الاقتصادية و الاجتماعية . و ان تعمقنا فيما عليه الكويت نرى ان النظام السياسي يتصف بشكل عام بالمرونة و الديموقراطية و الحرية في التعبير و الراي ، و الصحافة لها الدور البارز المشهود و الفعال في تقييم الاوضاع و الضغط في الاتجاهات العديدة من اجل تفعيل الراي العام و الشعب واعي لما فيه الوضع العام من القضايا المصيرية ،و كما نعلم ان التجربة الكويتية في تطبيق و ترسيخ الديموقراطية فتية لحد الان الا انها قدمت مثالا حيا و نموذجا واقعيا جيدا في المنطقة نسبة الى ما فيها و ما تتسم بها هذه الشعوب و محيطها بشكل خاص .
على الرغم من الوضع الاجتماعي المعلوم من وجود مختلف التيارات الفكرية السياسية و الايديولوجية من السلفية الى الليبرالية الى الديموقراطية الوطنية، و نسبة معينة من اليسارية المعتدلة ، نرى ان العلاقات تستند على الارتباطات الاسرية و القبلية اضافة الى ما يتصف به المجتمع الحداثوي و التقدمي في كثير من جوانبه ، فنحس بمزيج من السمات ، و المهم هو الاعتماد على التعددية في الاراء و المواقف ، و كل ذلك في ظل غياب الاحزاب و التنظيمات المعمولة بها في العالم .
و العالم على علم بما مرً به الشعب الكويتي في العقود الاخيرة و بعد احتلالها من قبل الدكتاتور العراقي السابق ، و نلمس ما شاهدته هذه الدولة البارعة من التغييرات الجذرية الملحوظة التي حصلت في كيانه و بنيته الاجتماعية و الثقافية و السياسية ، و المحنة علمتها كيف تخرج من الاوضاع غير العصرية الى حد ما و ازدادت من عزيمتها و اضافت اليها الدفعة القوية ،و كل ذلك بفضل العقلية التجديدية التي سلكتها و تماشت حياة مجتمعها معها و ايرزت من ثقلها ،و هي الدولة التي تمتعت باقتصاد مستقر متقدم نتيجة ثرواتها الطبيعية الوافرة على الرغم من قلقها الدائم منذ تاسيسها ، و لاسباب متعددة سياسية و اجتماعية و ديموغرافية ، و اكثرها تاثيرا هي استعلاء و غرور عدد من حكام العراق في فترات متعددة من تاريخها و ما كانت نظرتهم الى هذه الدولة الوديعة مستندين على اطماعهم و افكارهم و خيالاتهم و رجعيتهم في التعامل مع المحيط من دون الاعتماد على المواثيق و القوانين و الاعراف الدولية ، و كان لهم الحق في القلق و هم شعب صغير و ما يمتلكون من العناصر التي تقويهم لا يمكن التعويل عليها لضمان مستقبل اجيالهم .
اما ما اتسم به الوضع السياسي بعد تحريرها شابته العديد من الخلل و المعوقات نتيجة الترسبات التاريخية و المعوقات المتوارثة ، الا انها نجحت في التعامل مع الاحداث بروح الحداثة و الديموقراطية الى حد كبير و هي تتقدم خطوات و تبني و تعيد ما خربتها الحرب على الرغم من المخاض العسير للتجربة التي تمر بها و هذا شان كل الولاداة العصرية الحديثة ومن كافة المجالات .
و من الاحداث المفرحة و المثيرة بعد الازمات العديدة التي مرت بها هذه الدولة الجميلة في ادائها للتجربة الديموقراطية و تفاعل مجتمعها مع ما يجري على الارض و مؤثرات ما يتصف به شعبها من الاوضاع و الصفات الاجتماعية و تمازجها مع المباديء الاساسية للعملية الديموقراطية ، و بعد تكرار تلك التجارب و من خلال زمن قصير حدثت ما يمكن ان نعتبرها المفاجئة السارة ، و هي وصول المراة في هذه المنطقة قاطبة الى البرلمان و لاول مرة من دون الكوتا التي يخصصها البعض منة و شفقة لها ،انها لاول مرة و ما يزيد الفخر و الاعتزاز جاءت من دون اي دعم حزبي او من اي تكتل سياسي ومن خلال خبرة قصيرة و لم تمر على التجربة سوى سنين قليلات و هي قليلة جدا نسبة الى ما تحتاجها مثل هذه التجارب و عدم اكتمال الخبرة التي تحتاجها العملية الديموقراطية . و الاهم من كل ذلك ما حدث كان بجهد المراة و امكانياتها الذاتية و من دون اية منة من احد او حصة معينة يخصصها لها الرجال سوى كانت شكلية او نابعة من جوهر ايمان البعض بحقوقها ، اي دخول المراة الى البرلمان دون حصة ( الكوتا) يعتبر نجاح حقيقي باهر لها و للتجربة الديموقراطية و لجوهر التقدم الديموقراطي في مجتمع معلوم المعالم و الصفات ، و هو بداية التجربة الديموقراطية الحقيقية ، و خصوصا و هي تنافس من لم يؤمن يترسيخها و تقويتها ايضا و ليس دخولها البرلمان و منافستها له فقط . هذا هو جوهر العمل الصحيح النخبوي للنقلة الحيوية في المجتمع الكويتي و تكون لها تاثيراتها على المحيط و على مجتمع المنطقة و بما فيه النساء قبل غيرهن ، و هذا ما يشجع النساء في المنطقة على الاعتماد على النفس من دون انتظار رحمة الكوتا و ما يمكن ان يعين لهن من الاخر و اكثر المواقف تعتمد على المزايدة من دون الاعتماد الجوهري بحقوقهن و خاصة من قبل المحافظين في الفكر و العقلية .