رحلة سريعه مع المرأةعبر العصور



سهام فوزي
2009 / 5 / 22

عندما قلت ان مأساة المرأة تعود الي عصور ابعد بكثير من عصر الإسلام وأن المشكلة لا تقتصر فقط علي الإسلام والمسلمات وانما في ثقافة تغلغلت وتوطنت في النفوس والمجتمعات رفض البعض هذا الرأي ورؤوا فيه تحيز ديني علي الرغم من أننيحرصت ان اوضح منذ اللحظة الاولي ان موقفي نابع من اني اري ان التركيز علي هذا السبب كسبب أوحد يجعلنا نعجز عن الوصول إلي حل ولذلك احاول هنا ان ابين بامثلة سريعه من التاريخ ان النظره الدونية إلي المرأة تعود الي فترات بعيده لن اتطرق لأديان رغم ان البحث فيها قد واقول قد لعدم تخصصي فيهذا الموضوع قد يؤكد أن هناك تشابه في النظره الي المراة .
لنبدأ الرحلة من اليونان وتحديدا من دولة المدينه في أثينا ،فقد كان المواطن الذي يحق له هذه الصفة ويحق له أن يدير ويشارك في امور الدولة هو الإثيني الذكر الذي ينحدر من ابوين اثينيين اي تم استثناء المرأة من صفة المواطنة ،كما كان يحرم عليها الإقتراب من الأماكن التي يناقش فيها الرجال المسائل السياسية او المدنية ، كما كانت المرأة الأثينية تزوج في سن الخامسة عشر بعد تدريبها علي أعمال المنزل ،وكانت النساء تعيش في ركن منعزل من الدار وهو ركن الحريم
أما في الأدب اليوناني فغلي الرغم من الحديث الدائم عن الآلهة اليونانية الا انها كانت تمجد لما تتميز به من صات ذكورية وفي نظرة لملحمتي الإلياذة والأوديسة سنري ان دور المرأة كان في الأغلب يقتصر علي تحمل الأعباء المنزلية والخضوع لمشيئة الزوج وان افلتت بعض بطلات الملحمة من مهانة الوضع الإنثوي ،واظهرت الملحمة علي أنها كائن محتقر لميلها إلي الكذب ولضعفها وهو نقص فيها وكان الأبطال يعيرون بعضهم عند تراجعهم كانهم نساء وقد لخص اخيلوس هذه الحرب التي تدور الملحمة حولها بانها حرب ضد رجال آخرين لإنتزاع نسائهم منهم ،وكان الطرواديون يستميتون في الدفاع عن المراة خوفا من وقوعها في الأسر ،حيث كانت الأسيرة تعد من غنائم الحرب وقد نجحت بعض الأسيرات في اكتساب محبة اسريهم مثل أخيلوس الذي أكد أنه يحب إمرأته من كل قلبه رغم أنه اسرها بضربة رمح ومع ذلك فقد كانت الاسيرة تحت رحمة سيدها وعليها أن تكون مستعده للحب وأن تساعد علي إستقبال الضوف وتقديم الشراب وكان علي المراة سواء اكانت اسيرة ام زوجه شرعية أن تنجز ما يوكل اليها من مهام واهم هذه المهام القيام بكل ما يسر الرجل المحارب والتفرغ للعناية به وبشئون المنزل كما كان يحق للمحارب أن يرغم زوجاته او اسيراته علي قبول اسيرة مفضله لديه
أما الشاعر هزيود فيقول في كتاب انساب الآلهه:لقد عاش الرجال علي الأرض فترة طويلة أحرارا بغير مرض ولا تعب ولا جهد إلي أن ظهرت باندورا للمرة الاولي والتي جلبت معها الشرور والشقاء للعالم ومنها ظهر جنس خبيث وقبائل من النساء ومصدر عظيم للاذي ،كما كان هزيود ينصح الفلاح بأن يحصل علي المنزل اولا ثم علي المراة ثانيا ثم علي الثور الذي يحرث الأرض وكان يحذر من الثقة بالمرأة .
وفي الفلسفة اليونانية فافلاطون كان يري أن الأنثي خلقت من أنفس الرجال الشريره ،وفي الكتاب الخامس من الجمهورية يؤكد افلاطون ان المرأة هي دون الرجل في كل شيئ وهذا ما أكده أرسطو حيث كان يدعم في كتاباته الرأي القائل بتفوق الرجل في كل شيئ علي المرأة ويقيم ما بين الجنسين علاقة تسلسلية تقابل العلاقة بين العبد وسيده ،وعندما يقابل أرسطو بين الأنثوية والذكورة ولا يعترف للجنسين بالمساوة في الفروق ويضع ارسطو المذكر في الجانب الطيب والمؤنث في الجانب الردئ ، وكان يري أن الذكر هو النموذج أو المعيار وكل إمرأة هي رجل معيب
وكان تعليم المرأة في بيزنطة يقتصر علي قراءة الكتاب المقدس وبعض المعارف الأولية وحياة المرأة في بيتها الذي لم تكن تخرج منه إلا لأداء الواجبات الدينية والحمامات العامة وكان عليها عندئذ أن تغطي رأسها
وفي الهند فالمشرع مانو كان يري أن الزوجه الوفية هي التي تخدم سيدها ،كما لو كان إلها ولا تأتي شيئا من شأنه يؤلمه مهما تكن حالته حتي وإن خلا من كل الفضائل ،وفي الهند أيضا عند وفاة الزوج فالمرأة كانت تشنق أو تحرق أو تدفن وهي حية كي تقوم في الحياة الآخرة علي خدمة زوجها المتوفي ولا زال هذا الوضع قائما في بعض المناطق الهندية وتجاهد الحكومة الهندية في القضاء عليه ولا يقتصر علي ديانة دون غيرها ،كما لازالت الاسر الهندية الفقيرة تحاول التخلص بشتي الطرق من الاناث نظرا لان عائلة الفتاة هي التي تقوم بدفع المهر لعائلة الرجل
أما في اليابان فكانت منزلة المراة أعلي في مراحل المدنية الأولي منها في المراحل المتأخرة فبعد إنتشار النظام الإقطاعي الحربي أصبح الذكر سيد المجتمع وأصبحت المرأة خاضعه للطاعات الثلاث الوالد والزوج والابن
واوجبت الديانات الفارسية القديمة علي المرأة وضع حجاب يفصل بينها وبين النار المقدسة لئلا تدنس أنفاسها هذه النار لأنها كانت نجسه
ولننتقل قليلا الي الدول الغربيه بداية من فرنسا التي نص قانونها المدني الصادر بعد الثورة الفرنسية واستمر العمل به حتي تم ابطاله عام 1938 علي ان القاصرين هم الصبي والمجنون والمراة ،ولم يكن لها الحق في امتلاك العقارات او المنقولات
وفي بريطانيا كان القانون يعطي الزوج حتي القرن العاشر بإعارة زوجته او قتلها اذا اصيبت بمرض عضال ،كما حرم القانون الاسكوتلندي الصادر 1567 منح المراة سلطه علي اي شيئ من الاشياء ،وكان القانون الانجليزي وحتي عام 1805 يسمح للرجل أن يبيع زوجته وحدد ثمن الزوجه بستة بنسات اي بنصف شلن
هذا وقد ظلت المراة في اوربا محرومة من ممارسة بعضا من حقوقها المدنية وكل حقوقها السياسية حتي ثلاثينيات القرن الماضي
اذا الامر يعبر عن اتجاه عام تجاه المرأة تمكنت بعض المجتمعات نتيجه للتقدم العلمي والثقافي والحضاري أن تتغلب عليه بينما لم تستطع ذلك مجتمعات اخري وبقيت تعاني من قسوة الظلم الواقع علي المراة وهذا ما تعانيه منه المراة في المجتمعات الاسلامية وغير الاسلامية في الدول النامية التي يسيطر عليها الجهل والتخلف والعادات القبلية التي وللغرابه لا تختلف من مكان لاخر اذا ان اردنا الحل لنعالج الاسباب الحقيقية كما فعلت المجتمعات الأخري لنفسح المجال للعلم والثقافة الحقيقية القائمة علي تنمية العقل والفكر ان تتغلغل فينا هنا سنبدا الطريق الصحيح للتقدم