ايها الزوج المعترب ! لا تذبح المقدس بالمقدس !



ناديه كاظم شبيل
2009 / 6 / 2

تختلف العلاقه الزوجيه عن باقي العلاقات العابره التي تمر في حياة الرجل او المرأة على السواء ، ففي هذه العلاقة يوجد ارتباط مقدس ، يتعاهد فيه الزوجان على الاخلاص والوفاء مدى الحياة ، يهب احدهما الاخر كل ما تجود به روحه ووجدانه وعواطفه ، ينصهران ببعضهما ليصبحان جسدا واحدا وروحا واحده ،تتحمل المرأة اعباء المنزل وهموم الحمل والولاده، تعطي بيتها معظم وقتها، تنسى الاهل والاحبه ويصبح منزلها محور سعادتها ، تتفانى في العطاء الى درجة الموت ، فكم من سيدة توفيت نتيجة الولادة او تسمم الحمل او النزف الحاد بسبب الاجهاض الذي قد يؤدي بحياتها ان لم تسعف في الوقت المناسب ( هذا ما يقع على الاغلب في بلداننا الشرقيه ) .

يفرح الاب عندما تزف ابنته ويدعو الله من اعماق قلبه ان يتكلل زواجها بالسعاده ، ويتكدر من بعض المطبات والمنغصات التي تلاقي فلذة كبده ، ويرفض بصورة قاطعه ان تكون هنالك ضرة تشاركها زوجها وتشطره نصفين فكيف ان كان الرجل مزواجا ويريد ان ينشطر الى اربعة ارباع؟

المرأة الشرقية مخلصة الى ابعد الحدود ،هكذا هي تركيبتها ولا يمكنها تبديلها بكل الاحوال ، لانها رضعت الاخلاص وفطمت عليه، جسدها لا تمتلكه لوحدها ، جسدها ملك العائلة جميعا فكيف ان اصبحت اما ، والامومة اقدس ما في حياتها ؟ ربما تسمع الهمسات تدور عن زوجها او ربما تشاهد اثار وقوع خيانة او مشروع خيانة ولكنها ( سندان) لا تحركه الرياح ولا الزوابع والامطار، انها في حالة حب مقدس ، لن تتنصل عنه مدى الحياة ، انه البيت والوليف والاطفال ، فمن من هؤلاء يمكنها التخلي عنه بسبب وشاية مغرضة او نزوة عابرة يمر بها الكثير من الازواج ؟

تلتصق الزوجة بزوجها وتشاركه همومه ، ان كان سياسيا مطاردا ، تراها تضحي بالغالي والنفيس لتلتحق به ، وكم من النساء دفعت ثمن هروب زوجها ، فنالت التعذيب في الزنزانات المظلمه على ايدي اناس خلت قلوبهم من الرحمة وماتت ضمائرهم ، ليذيقوها عذابا ما بعده عذاب .
او قد يضطر الرجل للسفر الى بلد اخر ، لتبقى هي وفية صابره ، تحمي بيته وعرضه وماله الى ان يعود سالما معافى .

اسباب كثيره تضطر بسببها العائلة في وقتنا الحاضر (زمن الحروب والتهجير القسري والفقر الناتج عن الحروب المتواصله والحصار الاقتصادي ) الى الهجرة الى شتى بلدان العالم ،من اجل حياة كريمة مطمئنه، ولكن هل ستحصل العائلة على الاطمئنان المنشود ؟ كلا في اغلب الاحيان ، والدليل على ذلك حالات الاختلاف والطلاق العديده التي تقع بين المهاجرين .

الغربة ليست سفرة سياحيه لطلب الراحة والاستجمام ، انها بداية الحياة من نقطة الصفر !
عندما تبني داخل وطنك بيتا ، تضع فيه كل امكاناتك ، وتحقق فيه كل امانيك ، هل ستكون سعيدا وانت تغادر هذا البيت الراسخ البنيان وتتجه نحو مصير مجهول ؟
وعندما تترك وظيفة مرموقة في وطنك الام ، لتستبدله بعمل مقتنع في قرارة نفسك انه عمل مهين هل ياترى ستكون راضيا ؟
وعندما تذهب الى طفلك في الروضة او المدرسة فتراه يقف في الطابور وحيدا او يلعب وحيدا كونه اجنبي مرفوض من باقي الاطفال بصورة غير معلنه ، ماذا سيكون شعورك ؟

وعندما يتمرد طفلك في الغربة ، ويشعر باللاانتماء ، فلا يعرف لاية ثقافة ينتمي ، البيت ام المدرسة ، وايهم خاطئ وايهم مصيب ، ماذا سيكون موقفك وكيف تستطيع اقناعه بتقبل الامر الواقع؟

وعندما تتعمق حالة الشعور بالضياع لدىيه ويصيبه الاعياء الشديد ، فيتجه الى دائرة الشؤون الاجتماعيه ، ويطلب ان يلتجأ الى عائلة سويدية ليحدد هويته ، ويرفض الالتقاء بك رفضا قاطعا ، فماذا سيكون شعورك وانت تشعربأن امومتك او ابوتك تذبح على يد اعز مخلوق لديك ، هل سترضى بهذا الوطن ام ستلعن اللحظة المجنونة التي دفعت بك الى مهاوي الغربة القاسيه ؟

وعندما تشعر بأنك اصبحت اصما ابكما دفعة واحدة ،فلا تفهم لغة المتحدث اليك ،ولا تستطيع الرد عليه او التعبير عن مكنون نفسك ماذا سيكون شعورك ؟ بالطبع سيكون امرا فوق طاقتك وفوق احتمالك .
البطالة والجهل بالقانون واللغه ،الشعور بالوحده ، الاحساس بالرفض من الاخر،الحنين للوطن ، الاكتآب ، الشعور بالدونيه نتيجة النقله الحضاريه المفاجئه ، البرد القارس ، والغيوم والثلوج والعتمه. كل هذا يؤدي بالمغترب بالبحث عن شئ ينقذه من هذا الجحيم الذي لا يطاق ، فتبدأ الانانية وحب الذات تكشر عن انيابها، فبدل ان يكون القائد الصامد في هذه المعركة المصيريه ، تراه يفر بجلده الى بلده الام او دول الجواريبحث عن الامان عند امرأة اخرى يقترن بها ، غير ابه بما سيلحق بالزوجة الصابره التي تمر بنفس ضروفه وتعاني نفس معاناته ان لم نقل اكثر ، لان المرأة تتعلم اللغة اسرع من الرجل ، فتصبح هي مترجم العائله ،علاوة على اعباء المنزل وهموم ومشاكسة الاطفال .

تحتمل المرأة كل اعباء الاسره ،تكافح بين الدرس والعمل والبيت، فتصاب بامراض الضغط وتصلب الشرايين ، او الاكتآب ويأتي قرار الزوج الاناني بالزواج من اخرى ، ليذبح بيديه مخلوقا وهبه الحب والعطف والحنان ، وقاسمه حلو الحياة ومرها نعم كم من امرأة لفضت انفاسها بعد حصولها على ورقة الطلاق او بعد اقتران زوجها باخرى، انتبه ايها الزوج قبل ان تنحر ضحيتك بيديك ، لانك ستهدم عشك الدافئ ، وستفر طيورك البريئةالى المجهول ،رب قائل يقول ، سيرعاهم المجتمع ويقدم لهم كل احتياجاتهم ، ولكنني اقول : هل ياترى يضاهي الحليب الصناعي الحليب الطبيعي ؟ وهل تعوض الرعاية الاجتماعية حب وعطف الوالدين الحقيقيين ؟سؤال ارجو من كل اب الاجابة عليه بصدق قبل الاقدام على هدم اسرته بيديه