هواجس ومآرب فشل مدفون بطلاء الصبر تولد فراغاً عاطفياً بين الزوجين ونهاية للسعادة الزوجية ..



إبتهال بليبل
2009 / 6 / 3

تحاول أن تلجم ذلك اليأس المسلط عليها بشكل عفوي والذي غٌَيرشاكلتها في كل شيء لتصقل الأيام شخصيتها وتجعلها أكثر حزناً وكآبة ، فهي دائمة التبرير لتصرفاتهُ وتحميلها محملاً لا ينساب ضمن التوقعات السلبية والقول في قارورة نفسها لربما هو متعب ؟!! هكذا حياتها وحياة الكثيرات اللواتي نَمَت وترعرعت بداخلهن هواجس تفرض مآرب الفشل المدفون بطلاء الصبر والأمل لتخفت من جرائها جاذبية الحياة وظلال عنفوانها المنطقي فتنزوي وتحتضن كل الجراح بقلب متعطش للحب الجارف..

خيم شبح التعاسة على بيتي
تقول سميرة / ربة بيت:
- " طرأ على زوجي تبدل في المزاج والمعاملة ، هذا الوديع الساكن أنقلب الى نمر شرس يهاجمني كلما بدر مني نقيصة أو تقصير ، لتعود التساؤلات تنهش في قلبي وتلهبني حرقة ، حتى خيم شبح التعاسة على بيتي وأقفرت زواياه المشرقة ، كنت أشعر إنها بداية النهاية لسعادتي .. لحياتي ، فقد كان زوجي يترمض على جمر ويهجرني وتارة يقول لي أنتِ سمينة ومقرفة وتارة أنا متعب ، بت أشعر بتبريرات لا أفهمها ، فهو يجلس مكتئباً امام شاشة التلفاز ، وفي الكثير من الأحيان كنت أعض على نواجذي صبراً وأحتساباً حتى أرمم حياتي المتهاوية وأنتشلهُ من هذا الغرق ، وكم حاولت أن أبعث الحيوية وأغير جلدي ولوني ومزاجي لعلي أرتشف منه ريق هناء لكنه أبداً منطوٍ على جرح لا أفهمه ومنكفىء في حداد.

يتظاهر بالسعادة والارتياح
أما ليلى وليد / موظفة تقول:
- " ليس كل ما في الأوجاع مؤلماً فقط فبعض الآلام قادرة على نسج أفظع الأحساسات وأتخمها حزناً ، ربما تنطبق هذه النظرة على حياتي مع زوجي فمنذ سنوات أشعر بأنه يتظاهر بالسعادة والأرتياح معي غير أنني أشعر بغير ذلك فهو دائم الصمت واللأمبالاة ولا يشعرني بحبه وبوجودي في حياتي على الرغم من انه كان سابقاً مختلفاً جداً فقد كان مرحاً في بداية زواجنا وتحديداً قبل ثماني سنوات وكنت المس ذلك الحب من خلال نظراته الي وحديثهُ معي.

الفراغ العاطفي
تؤكد د. مناهل باقر / أختصاص علم نفس بالقول:
- " أن أكثر النساء في مجتمعنا اليوم يعانين ما يسمى بالفراغ العاطفي وهو بات مشكلة شائعة بسبب صعوبة الوضع الأقتصادي وكثرة مسؤوليات الرجل وشعوره الدائم بالتقصير ، حيث أننا نعيش في وسط غير مستقر مادياً وأمنياً وبات الفرد لا يعرف ماهو مستقبله وكيف سيكون وضعه ، غير متناسي الغلاء المعيشي والأزمات التي مر بها البلد وغيرها من عدم تولي الدولة والجهات المسؤولة أي أهمية لمعاناة المواطن ، كل هذه الأمور خلقت جواً مخنقاً وممتلئاً بالعاهات النفسية والمرضية ، وتتابع الدكتورة باقر قولها " فالفراغ العاطفي هو أحد الأمراض النفسية التي يعاني منها الفرد سواء أكان رجلاً أم امرأة وهو حالة وجدانية تحصل نتيجة الشعور بالأحتياج للحب والأهتمام والأحتواء من قبل الزوج أو الزوجة وهذا عادة ما يولد بسبب أهمال طرف منهما للآخر وحتى هذا الأهمال أو البرود الذي يحصل بين الزوجين لأي منهما يكون مرضاً وحالة غير طبيعية لمن يصاب به على الأكثر هو فقدان الشعور بالحياة وعدم الحاجة للشعور بالطرف الأخر لتبدأ المشكلة إذ يتفق جميع علماء النفس على أن هناك معاناة فعلية من قبل الطرفين الأول هو يشعر بالفراغ العاطفي والطرف الآخر تتملكه حالة من اليأس والأحباط وعدم الشعور بالحياة ومباهجها ، فقد أخفتت عنده وربما ضاعت وتلاشت ، وهنا وَجب العلاج النفسي أولاً لفاقد الشعور بالحياة لأنه يعتبر من أخطر الحالات التي قد تصل الى الأنفصال وخراب البيوت على الرغم من أن هذه الظاهرة بدأت تسيطر على الأزواج في مجتمعنا اليوم ، أما للذي يعاني من الفراغ العاطفي فلا بد له أيضاً من معالجة هذه الحالة المرضية وبالطبع هذا يكون وفق مختصين بهذه الأمراض.

الهموم المالية واحوال العمل غير المرضية

وتتابع حديثها قائلة: " أن هذه الظاهرة التي أصيبت بها الكثير من العلاقات الزوجية قد تؤدي نتائجها الى حالات خطيرة كالبحث من قبل أحد الزوجين وممن يعاني من الفراغ العاطفي الى جو مناسب له آخر غير الذي يقطن اليه وقد يبحث الزوج عن امرأة أخرى لأشباع رغباته وأحتياجاته العاطفية وهنا يزيد من تأزم الوضع والعلاقة بين الطرفين وأن تسعة أعشار التعب عند الفرد أنما تعود الى عوامل سايكولوجية والواقع أن هذه جميعاً لا تنشأ في العقل الباطن فكثير منها ينشأ في عقولنا الظاهرة أو الواعية .. وللتعب أسباب واضحة عدة من مثل الهموم المالية واحوال العمل غير المرضية والوظيفة الباعثة على الملل والأجهاد غير الضروري في العمل والأنفعالات العافية في المنزل ودائرة العمل والخوف من فقدان الوظيفة ومئات غيرها ، فأذا كانت أمثال هذه الحالات الواضحة هي السبب في التعب والبرد الحاصل بين الزوجين كان الدواء ميسوراً ولكن إذا قام السبب في ثنايا العقل الباطن لم يكن من الهين اكتشافه ...ومن هنا نجد أن التحلي بالصبر والمحاولة في تغيير الوضع جدير بالتخلص منه لأن المعاناة لسبب خارجي وليست متأصلة في الداخل ليصعب التخلص منها".