العرف فوق القانون والديمقراطية عرجاء :



سليم محسن نجم العبوده
2009 / 6 / 5

العرف فوق القانون والديمقراطية عرجاء :
على ما يبدو ومن خلال التجربة نحن نفهم الديمقراطية كونها انتخابات واستفتاء وان نقول ما نشاء وان ننتقد و ابتسامة المسئول المشرقة والكلام المعسول و الطعن بالآخرين و تعمد التصدي للدولة وعدم الرضا عن أي شئ و كل شئ مبرر كان او غير مبرر هكذا نفهم الديمقراطية مع الأسف " ديمقراطية توافقية " و الديمقراطية التوافقية هي في الحقيقة دكتاتورية جماعية وتفتيت للسلطة وضياع القرار بزحمة الفتاوى السياسية النابعة من تعدد المرجعيات المقدسة لمعتنقيها . مما يزيد عدد المحاور فبدلا من ان يكون هناك محور واحد مقدس اتفقت عليه الجماهير و خضعت له مراقبة " فعله وأثره " تحول الواقع السياسي الى مشهد فوضوي يفتقر للقاعدة والمصداقية .
ألا ان الحقيقة في ان "روح الديمقراطية وجوهرها" يكمن في أمر واحد يسكن الآم الجماهير و يحدد توجهها و يصهر معتقداتها المتباينة في معتقد اكبر و أوسع لا يختلف علية المتنازعون و لا يتجادل فيه المختلفون الا وهوا " الانتماء للوطن " ان هذا الأمر السحري الذي نتكلم عنه هوا باختصار شديد " القانون " .
لكن أي " قانون " قانون لا يكون له رديف او موازي من أعراف او معتقد او دين . بل يجب ان يكون " القانون " قيمة عليا يسمو فوق كل الثوابت والمعتقدات لسبب بسيط جدا الا وهوا " القمر " الكل يشاهده بنفس الهيئة ونفس اللحظة و كل ما حوله ضئيل ومتضائل رغم ان بعض الأجرام اكبر منه حجما و أعظم شأن منه في الحقيقة وهذا يعود لذاتنا كوننا نحن نريد ان يكون القمر كبيرا وان كان غير ذلك .
ان المشكلة التي التي التبست على العامة في فهم الديمقراطية بعد ان ضللتها الخاصة هي ان الديمقراطية تعني تساوي في الحقوق والواجبات على أساس معيار واحد لا خلاف علية هوا " القانون " . أما ان يخضع القياس الى معايير متعددة ومشارب متنوعة كلا حسب اعتقاده وانتمائه وهواه فهذا لا يعطي صورة الديمقراطية الحيوية الحية التي ننشدها بقدر ما يبين لنا و يعكس مدى الفوضى التي حلت على المجتمع بدعاوى الديمقراطية .
لكن بعد ان خطت الدولة خطوات مهمة على طريق آليات الديمقراطية الصحيحة الا وهي حرية الانتخاب والشفافية في الفرز وانتقال السلطة السلمي . الا ان ذات الدولة تهدم ما تبنيه في اليد الأخرى من خلال إعطاء الدعم المادي والمعنوي لمؤسسات التشريع العرفي بالمجتمع وتحويلها الى رديف حقيقي للقانون من خلال التعامل مع مسألة القبائل بطريقة "الند للدولة" وليس "الرعية" و استجداء الموقف بدلا من الطلب المباشر. كل هذا اضعف القانون ورفع الأعراف فوق القانون فستحال ضعيفا هزيلا في عيون جماهيره فراحت تبحث عن ملاذ أخر أكثر أمانا و سلطة وسطوة فوجدت ضالتها في العرف . هذا من جانب ومن جانب أخر فان الدولة لم تختار الواجهة الصحيحة لمطبقي القانون في الواقع العملي " الشرطة وقوى الأمن الداخلي" فكان الاختيار عشوائيا فافسدوا بدلا من ان يصلحوا واسائوا بدلا من ان يقوموا فبالفعل كانوا أسوة سيئة و وجه قبيح لتطبيق القانون .
مما تقدم تتأكد جملة مسائل مهمة منها ان للعملية الديمقراطية جزئان يكمل أحداهما الأخر الأول "آليات الديمقراطية " و يقصد بها آلية الترشيح والانتخاب و الموسسات القائمة عليها والموسسات المعنوية المختلفة المطبقة لروئيتها على ارض الواقع . الجزء الثاني " روح الديمقراطية " متمثلة بالقانون الوضعي الذي استفتى علية الشعب فقبل به وخضع له . ومسؤولية تطبيقه تكافلية بين " الخبير المختص" مثل كافة موضفوا الدولة وخصوصا المنتسبين للموسسات القانونية و بين المواطن البسيط والذي يجب ان يكون مثقفا عارفا بحدود حقوقه وواجباته .
أذا ما طبقت الديمقراطية بتكامل ما ذكر كانت ديمقراطية حقيقية و لا نقول كاملة مطلقة . لكن في حال كان هناك خلل في تطبيق احد أجزاء الديمقراطية او طغى عنصر خارج هذه المنظومة مثل العرف الاجتماعي او الديني او ألاثني ففي تلك الحالة ستكون الديمقراطية عرجاء و عاهتها مستديمة .
مما يجعل المجتمع في حالة عدم استقرار ممكن ان تصل إلى مرحلة محاولة قلب الأوضاع بالقوة وهذه مرحلة خطيرة جدا تؤكدها التجربة في انتفاضة 1991م حيث طفح كيل المجتمع فبدى غاضبا مدمرا فوضويا يصعب احتوائه واسألوا الرفاق الذين سبقوكم كيف (------) في الشوارع . و من المعروف لديكم أيها القادة الجدد يا دعاة الديمقراطية ان لا شئ مقدس لدى الشعوب أكثر من حريتها ورفاهيتها .