الشربيني ليست -شهيدة حجاب ولا ما يحزنون-



ابراهيم علاء الدين
2009 / 7 / 15

بداية اؤكد باعلى صوت ادانتي القاطعة للمواطن الالماني الذي قتل السيدة مروة الشربيني، واي كانت دوافعه فهو مجرم ويستحق اقسى العقاب واظن ان العدالة الالمانية لديها من الكفاءة والمقدرة على الاقتصاص من المجرم.
ومع ان حادثة مقتل السيدة الشربيني يحدث الاف بل مئات بل ملايين مثلها في اركان الارض الاربعة بما فيها دول الحجاب الاسلامية ، الا ان ما دفعني للكتابة ليست ردة الفعل العاطفية للجماهير "الغفورة" وخروج حشود كبيرة في جنزتها وهتافاتهم ذد المانيا، او اضراب الطالبات في الجامعة الاردنية احتجاجا على مقتلها ... بل تنطع بعض الكتاب العرب سواء المتاسلمين او القومجيين أوبدافع الارتباط العرقي من المصريين باستغلال الحدث بصورة بشعة وتصويره على انه حادث عنصري يؤكد على عنصرية الشعب الالماني والشعوب الغربية عموما ومعاداتها للاسلام والمسلمين ومن ابرز هؤلاء المتأسلمين المدعو الدكتور جمال المرزوقي الذي كتب يقول "لاشك أن مصرع الصيدلانية مروة الشربيني المسلمة المحجبة‏..‏ الأم الحامل في شهرها الثالث‏..‏ علي يد متطرف ألماني من أصل روسي داخل إحدي المحاكم الألمانية ,‏ يكشف عن سرطان التعصب والحقد والكراهية والعنصرية والخوف المرضي من الإسلام والمسلمين في أوروبا‏..‏ فهذا الحادث البشع يؤكد أن مروة الشربيني قتلت لأنها مسلمة وليس لأنها مصرية‏.‏
وغيره من عشرات الكتاب او انصاف الكتاب المصريين والعرب الذين سنو "الكي بورد المصنوع بامريكا ) ليعلنوا احتجاجهم على العنصرية، ليزروا بذلك الحقيقة ويعاكسوا الوقائع في محاولة منهم لتسجيل موقف يعبر عن وطنيتهم او اسلامهم او قوميتهم ومحصلة كل ذلك عنصريتهم.
ويبدو ان هؤلاء عميان بصر وبصيرة عما يحدث في بلاد العرب ولبنات العرب قبل ان يحدث للاجانب او الاقليات غير المسلمة في بلدانهم. وسناتي لاحقا على ذكر نماذج منها. بعد ان نبين حقيقة القصة ولماذا قتلت السيدة الشربيني حيث لم تكن دوافع القتل لا لكونها مسلمة او عربية او لانها تلبس حجابا ليطلق عليها البعض شهيدة الحجاب.
فالقصة الرسمية والتي نقلتها جميع وسائل الاعلام الرصينة تقول ان خلافا نشب بين السيدة الشربيني وشاب الماني من اصول روسية في احدى الحدائق بسبب استخدام ارجوحة ، مما دفع القتيلة لتقديم شكوى ضد القاتل
واتهمته باهانتها ونعتها بالارهابية الفاسقة وكان ذلك في شهر نوفمبر من العام الماضي أي قبل ثمانية اشهر تقريبا.
وخلال وجود الطرفين في المحكمة الشاكية والمتهم وبعد ان ادانته المحكمة بعد ان قدمت السيدة افادتها ودليلها على ما قام به .. تحرك الشاب نحوها بسرعة وهاجمها موجها لها عدة طعنات ادت الى وفاتها.

ورغم انني لا امت بصلة الى محققي النيابة العامة وليس عندي ادنى خبرة في هذا المجال لكن المشهد يفيد بانها جريمة عادية تمتد جذورها الى فترة زمنية تصل عدة اشهر ، ناتجة عن خلاف شخصي يحدث مثله الاف المرات يوميا .. ولا يستدعي كل هذه الضجة ولو حصل في بلد عربي لما عرفت اسرة القتيلة بالحادث الا بعد اسبوع وربما اكثر. ولخرجت الشائعات لتملأ الصحف عن الدافع وراء القتل ولا شك بان الدافع الجنسي والعلاقات الغرامية المشبوهة ستلاحق السيدة اشهرا قبل ان يكتشف ان سبب الخلاف تافه ولا يستحق اصلا الذهاب للمحكمة للشكوى ، لان محاكم العرب لا تقبل مثل هكذا دعاوي.
وعلى الرغم من كون الحادث فرديا ولا يعبر عن اية ابعاد عنصرية ، وانه صادر من رجل تملكه الغضب بسبب ادانة المحكمة له ربما لانه يعتقد انه لا يستحق الادانة او العقوبة، لكن بعض ابناء بلاد العرب اوطاني ودعاة النزاهة المطلقة والاراء السديدة من المتاسلمين لا تقبل ان تمر حادثة كهذه دون التحريض على الغرب الكافر.
واقول وعلى الرغم من فردية الحادث الا ان مجلس بلدية مدينة "دريسدن" الألمانية، اقام حفل تأبين للقتيلة شارك فيه عدد من الشخصيات السياسية ومسؤولين في الحكومة الألمانية، من بينهم رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي فرانتس مونتيفيرينغ، ووزيرة العلوم والفنون بولاية "سكسونيا" إيفا ماريا شتانغر.
كما قامت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالاعراب عن تعازيها الشخصية للرئيس المصري حسني مبارك، خلال لقاء على هامش قمة الثمانية بمدينة "لاكويلا" الإيطالية.
كما بعث وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، رسالة إلى نظيره المصري أحمد أبو الغيط، أبلغه فيها تعازيه لشعب المصري، وخاصة لعائلة الضحية مروة الشربيني وفقاً لما نقل الموقع الرسمي لراديو "دويتشه فيله" الألماني.
وأعرب شتاينماير، في بيان صدر عن وزارة الخارجية الجمعة، عن "بالغ أسفه لمقتل المواطنة المصرية"، وشدد على قوله: "سنبذل كل ما في وسعنا للحيلولة دون حدوث مثل هذه الجرائم"، وتابع قائلاً: "لا مكان في ألمانيا لمعاداة الأجانب أو معاداة الإسلام."
وأثارت الجريمة، التي لم تلق اهتماماً إعلامياً في ألمانيا إلا بعد أسبوع من وقوعها، حالة من الغضب الشديد، امتدت إلى وسائل الإعلام الألمانية نفسها، .
تصوروا معي المشهد الرسمي والشعبي الالماني الرافض للجريمة من قمة الهرم السياسي الى وسائل الاعلام ومع ذلك يتنطع بعض الكتاب والكاتبات بدمغ الجريمة بانها ناتجة عن فعل عنصري.
فماذا نقول بما يحدث في بلادنا ولم نرى أي من هؤلاء قد تفوه بكلمة عنصرية عندما قتل العديد من الالمان في هجمات ارهابية في مصر وفي حوادث متفرقة، وهل نسي هؤلاء المنزهين عن صفة العنصرية اختطاف الالمان من مصر وحجزهم كرهائن في السودان، ولماذا لم يقل احدا ان مقتل الدكتور الامريكي الذي كان يقوم بعمل انساني في نواكشوط (موريتانيا) قبل اسابيع انه عمل عنصري.
واين كان هؤلاء الكتبة الكسبة عندما اختطف العديد من السياح الاروبيين في الجزائر وقتل سبعة منهم، ولماذا لا يتفوه احد بكلمة عنصرية امام عمليات الخطف المتكررة للاجانب الغربيين في اليمن وقتل بعضهم.
هل تظاهرت طالبات الجامعة الاردنية عندما قتل المجرم معمر الجغبير الذي قتل رجلا امريكيا عمره 62 سنة وسط عمان سنة 2002 والذي كان يعمل مع الوكالة الامريكية للانماء الدولي وليس ضابطا في قوات المارينز، واعتراف القاتل بانه تلقى تعليماته من المجرم الزرقاوي التلميذ النجيب للمجرم اسامة بن لادن الذي حظي بدعم وتأييد ابرز رجال الدين السعوديين واكثر من اصدر فتاوي اثارت الجدل والذي يعتبر ثاني اقوى علماء الدين في السعودية والذي آزر بن لادن واثنى على جرائمه بقتل الامنين ووصفه "بانه مقاتل على طريق الله وتمنى له النصر". وحض بن جبرين الذي توفي اليوم الاثنين على قتال الشيعة والمسيحيين واليهود.
فمن هو الارهابي اذن .. رجل مجرم قام بعمل فردي ككل المجرمين امثاله ام من يحض على الارهاب ويدعو لقتل الامنين من الشيعة والمسيحيين واليهود..؟
وما هي نتائج فتاويه .. لنقرأ ما اوردته وكالة الانباء الفرنسية على لسان احد رجال الدين المسيحيين في العراق الذي وصف ما يجري ضد المسيحيين وكنائسهم هناك بانه "اسوأ من الحرب لانك لا تعرف من يواجهك".
وقال اسقف الطائفة الكلدانية شليمون وردوني لوكالة فرانس برس، ان "الوضع صعب جدا جدا. انه امر مرعب فهو اشبه بالحرب بل اسوأ لانك في الحرب تعرف من يواجهك، اما هنا فلا تعرف". وتساءل مسؤول كنيسة القلب الاقدس التي استهدفت بسيارة مفخخة "لماذا..؟ لماذا..؟ هذا ما نسأله دائما، لماذا... تستهدف الكنائس ..؟". وكان انفجار سيارة قد ادى مساء يوم الاحد قرب الكنيسة الواقعة في شارع فلسطين في الجانب الشرقي من بغداد، الى مقتل اربعة مصلين واصابة نحو 21 اخرين منهم 15 مسيحيا و6 مسلمين بجروح. وبالاضافة الى القتلى الاربعة الذين سقطوا عند كنيسة القلب الاقدس، اصيب 32 شخصا اخرين بجروح في انفجارات وقعت قرب كنائس في بغداد، خلال اليومين الماضيين. واعلنت السلطات المحلية في محافظة نينوى، كبرى مدنها الموصل (370 كلم شمال بغداد)، اغلاق مناطق الحمدانية وتلكيف خشية وقوع هجمات ضد المسيحين هناك.
ويبلغ عدد سكان الحمدانية حوالى خمسين الف نسمة اكثر من تسعين بالمئة منهم مسيحيين في حين يسكن تلكيف ما لايقل عن عشرين الفا من المسيحيين.
وفي هجوم اخر، اغتال مسلحون عزيز رزقو نيسان وهو مسيحيا يعمل مسؤولا في دائرة الرقابة المالية في محافظة كركوك. وقال قائد الشرطة ان "المسلحين اوقفوا نيسان عندما كان يستقل سيارته برفقة ابنته صباح الاحد في حي الدوميز، جنوب شرق، وارغموه على النزول منها ثم اطلقوا عليه الرصاص قبل ان يلوذوا بالفرار". اليست هذه جريمة عنصرية بكل المقاييس يا انصار شهيدة الحجاب ..؟؟
الم يسمع انصار شهيدة الحجاب بان كنائس المسيحيين في العراق تتعرض باستمرار لاعتداءات وحشية مما ارغم عشرات الالاف منهم على الفرار الى الخارج او اللجوء الى سهل نينوى واقليم كردستان العراق.
للاسف فالمدافعين عن شهيدة الحجاب تغيب عقولهم وتعمى ابصارهم امام جرائم القتل اليومية لبنات العرب بداعي الشرف وصون العرض ، او بدافع العنف الاسري ، او بدافع الصراع على السلطة والصراعات الطائفية والمذهبية والقبلية او العنصرية كما في العراق والصومال والسودان ولفترة قريبة في لبنان وربما تعود جنازات النساء الفلسطينيات بسبب حماقات تجار الدين والتكسب السياسي باسم الاسلام.