شيوعية النساء؟ أم شيوعية الرجال؟



جهاد علاونه
2009 / 7 / 29

قبل بدء الحديث يجب أن نحدد بعض المفاهيم والمصطلحات :
أولاً ً:موضوعنا هو موضوع (زواج الضمد).

ثانياً: هنالك فرق كبير بين مطالبة النساء أو بعض النساء اليوم بتعدد الأزواج بدافع الرغبة والشهوة , وبين أصل هذه العادة وما هية الأسباب التي أدت إلى زواج المرأة من أكثر من رجل واحد, فالظروف الإقتصادية حكمت على بيئة بكاملها أو على شرائح إجتماعية تقبل هذا النوع من الزواج المتعدد للنساء وهو شيوعية الرجال , امرأة لكل الرجال , امرأة لعشرة رجال من رجال القبيلة , وامرأة لكل الإخوة والأصدقاء , وامرأة واحدة لرجل واحد كان يعتبر تبذيراً واسرافاً في الوقت الذي لا يجد به الرجال نساءاً لهم , بسبب الوفيات ووأد البنات , لقد أجبرت الظروف شرائح إجتماعية على قبول شيوعية النساء .

أما طرح الموضوع من باب البطر والمتعة والترفيه والترويح , وحقوق المرأة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات وحقها في التحكم بالجسد عن طريق الحب والرغبة فكل تلك الأمور مواضيع مختلفة عن بعضها البعض,فلكل شيء ظروف إقتصادية أيضاً تختلف عن بعضها البعض .
وقد أوردتُ في هذا المقال كلمة أو اصطلاح (شيوعية النساء) فهذا لا يعني الشيوعية كإصطلاح وإنما أعني به ما عناه الإقتصاديون باصطلاح (مشاعات بدائية ) و (مشتركات قروية) وكل كلمة أقولها أقصد معناها الذي ورد اللآن وغير ذلك من المعاني لا أقصده , ولا يعني كلامي شيوعية عموم النساء , بل شيوعية فئة أو شريحة إجتماعية معينة تعيش على نظام التكافل البدائي في المأكل والملبس والمشرب , و المقصود منه عكس ما يتوقع وهو شيوعية الرجال , كان يكون الرجال مشاعا ً للنساء .

وزواج الضمد هو موضوعنا : إشتراك مجموعة رجال في امرأة واحدة , وليس اشتراك امرأة واحدة في عدة رجال , لأن طرح الموضوع هو من مجتمع الرجال وليس من مجتمع النساء , فالذي كان يطالب بهذا النوع من الزواج هم الرجال وأسياد بعض القبائل بسبب الفاقة والحاجة وقلّة الموارد البشرية من النساء وازدياد في أعداد الموارد البشرية من الرجال وتراجع في أعداد النساء .
كانت النساء العربيات يتزوجن في الجاهلية نوع من الزواج إسمه (الضمد) وهو أن تنكح المرأة أكثر من رجل واحد , وبعبارة أكثر دقة نقول (إشتراك مجموعة رجال في امرأة واحدة) وهذا النوع من الزواج ليس مطلباً نسوياً بل كان مطلباً ذكوريا , فكان رجال القبيلة من شدة الفقر يشتركون مع بعضهم في الماشية وفي النار وفي الكلأ وفي المرأة, فشيوعية النساء تخلقها أو خلقتها ظروف إقتصادية وليست شرائع سماوية , وهذا النظام هو الذي أوجد نظام وأد البنات, وهذا النظام من الزواج أوجده نظام إقتصادي أسبق منه , لقد كانت العرب تأد البنات وتقتلهن ليس بدافع الدفاع عن الشرف , فالبنت الصغيرة والتي لم يكن العرب يجدوا لها غذاءاً كانوا يقتلونها , ويبقون على الذكور , وحين يكبر الذكور لايجدون نساءاً تكفيهم , فتوصلوا إلى فكرة قبول إشتراك أكثر من رجل واحد في إمرأة واحدة , فأصل هذا الزواج كان بدافع رغبة الرجال به وليس من منطلق رغبة النساء به , حتى أنه علمياً ليس للمرأة رغبة بتعدد الأزواج , بقدر رغبة الرجال بالتعدد , فهذا النوع من الزواج زواج الضمد أوجدته ظروف إقتصادية , وليس شريعة سماوية .

وقبل ذلك كانت شيوعية النساء بسبب ظروف بيولوجية , وهي أن الإنسان في العصر الحجري وما قبل الحجري القديم لم يكن يعلم أن جماعه ونكاحه وتسافده مع المرأة ينجب الأولاد , لقد كان يؤدي دوره الجنسي كما تؤديه إي بهيمة , لذلك كانت شيوعية النساء أمر طبيعي وليس مخجلاً أو عيباً , حتى أن زواج المحارم أو الزواج من المحارم كان بسبب قلة النساء اللواتي يأدوهن الآباء وهن صغار فكان الشباب حين يكبرون ويتقدم بهم العمر ويصبحوا بسن الزواج , كانوا من الصعب أن يجدوا أنثى ينكحونها فكانوا يلجأون إلى نكاح المحارم .
والإسلام لم يمنع عملية زواج (الضمد) بل الفتوحات الإسلامية هي التي ألغت زواج الضمد بسبب حصول البدو على نساء قبطيات وغربيات مقدونيات وفارسيات وصقلبيات وروميات ويونانيات , كذلك تحسين الوضع الإقتصادي للبدوي العربي بسبب جبايته الأموال والذهب من سمرقند وما وراء الأنهر فبسبب تحسين وضعه الإقتصادي أصبح لا يقتل الإناث, لذلك كثرت الإناث , وانتهى نظام الأسرة (الضموده) أو زواج الضمد أو شيوعية النساء.

النظام الإقتصادي يسبق نظام الأسرة وهو سابق على كل الأنظمة الإجتماعية , والثورة اليوم على نظام الأسرة والقبيلة لايمكن أن يتحقق في البلدان العربية مالم تكن عندنا ثورة بيضاء إقتصادية صناعية كالتي حصلت في أوروبا إبان وبعد الحرب العالمية الأولى والثانية , فحين فتحت أوروبا المصانع , كان الرجال في الحروب والتكنات العسكرية , لذلك استدعتهم أوضاعهم للمطالبة بتحرير المرأة لكي تقف خلف خطوط الإنتاج في المصانع , وحين وقفت المرأة خلف خطوط الإنتاج تحسنت أوضاعها الإقتصادية لذلك لم تعد بحاجة إلى الرجل لكي ينفق عليها , واستقلت وطالبت بالحرية وبالمساواة بينها وبين الرجل, فإن خانها الرجل طالبت بمعاقبته أو السماح لها بالخيانة وهذا النوع من الخيانة هو أصل نظام (البوي إفرند) أو (الصديقة والصديق ) فالزوج له صديقة وكذلك الزوجة لها صديق سواسية بالرجل, وكل هذه الظروف أوجدتها ظروف إقتصادية , وكذلك حق المرأة بالإجهاظ, فهي لا تريد طفلاً يعوق حركتها أثناء العمل , وكذلك رجال الأعمال والبرجوازيون طالبوا بحق المرأة في الإجهاظ, نظراً لأن عمل المرأة والحمل يسبب لرب العمل مخاسر إقتصادية بسبب إنتشار نظام (حق العاملة بإجازة الأمومة), وكذلك شجعوا على منع الحمل.

وفي عام 1933 صرح أول طبيب ألماني بحق المرأة بالإجهاظ , وحقها بأن تتمتع بالمتعة الجنسية دون أن تتحمل أوزار الحمل مثلها في ذلك مثل الرجل .
وفي تلك الفترة أُقيل قاضي امريكي من القضاء لأنه صرح بنوع جديد من الزواج هو (زواج العشرة) وهذا القاضي على ما أذكر حسب قراءاتي هو المستر ((لندسي) حيث قال: يحق للمرأة التمتع بالجنس قبل الزواج لأن الكبت وخيم وله مضار على صحة المرأة والرجل , لذلك يحق لها فقدان البكارة والإستمتاع بالزواج من صديق بالعِشرَة أي زواج الصداقة والمعاشرة, حتى تبلغ البنت سن الثلاثين فإذا أرادة الزواج تزوجت وإن حملت قبل الثلاثين ثبت زواجها.
وهذه الأفكار سائدة في المجتمع المدني مع أنه هنالك محافظون على نظام الأسرة القديم , فما زال في الولايات المتحدة جماعات وعائلات لا تتزوج من غير (البِكرْ) .
النظام الإقتصادي سابق على النظام الإجتماعي فالنظام العائلي هو نظام ثقافي وليس بيولوجي , وإن الظروف والتغيرات التي نمرُ بها تخلق أسرة جديدة في محتواها , قدرة النساء في الإنفاق على العائلة جعلهن كالنساء الأمزونيات, لا يسألن عن الأب ويطلقنه , وهنالك بنات يتزوجن فقط من أجل إنجاب طكفل أو طفلة وبعد ذلك يتركن الرجل للإستقلال بحياتهن , لكي يمارسن الجنس مع أكثر من صديق.
هذا النوع من الصداقة وزواج العشرة له ظروف إقتصادية , وأعرف صديق لي يعشق امرأة عزباء وهو متزوج ويريد الخلاص من الأولى ولكن ظروفه الإقتصادية تمنعه من ذلك وكذلك عدم قدرة الزوجة على العمل والإنفاق على العائلة تحول بينه وبين ترك الزوجة والأولاد , ومعظم الأسر عندنا من هذا النوع ومن هذا القبيل , فهنالك أيضاً نساء شاهدتهن عند بعض المحامكين أصدقائي قد تراجعن عن رفع دعاوى الإنفصال والخلع بسبب ضعف قدرات الإنفاق المنزلي عندهن , فهن بلاشهادات علمية ولا ما يحزنون, حتى اللواتي لديهن شهادات علمية يعانين من البطالة والفاقة