شهرة الكاتبة العربية



سهيلة بورزق
2009 / 8 / 14

من هو المثقف العربي الحقيقي الذي يؤمن بأهمية الاٍختلاف والتميّز على جميع الأصعدة ؟، من هو المثقف العربي الحرّ الذي يؤمن باٍمكانية التغيير والتفاعل مع آليات الثقافة العالمية ؟ ومن هو المثقف العربي الذي يقرأ النّص بخلفية الاٍدراك والتّعلم والتحليل ؟ اٍنّ هؤلاء الذين يمارسون وظيفة المثقف في مجتمع بربري يفكر بأعضائه الجنسية أكثر مما يفكر برأسه لهم من الشواذ الذين خلقوا لكي يسمع صوتهم المتناقض ولكي يحكموا بالاٍعدام على أفكار الغير قبل التحليل والنقاش له ، اٍنّ الغريزة التي تتحكم فيهم تسمى غريزة عدم التواصل مع الغير بعيدا عن التوافق الديني والاٍديولوجي وفوضى الكتابة التي تستدعي دائما آلهة تستنطق فينا اللغة على اٍختلاف تلاعبنا بها.
لا أعتقد أنه يجب على المثقف الحقيقي أن يكون متواضعا في فكره وقولبته لفلسفة الحضور كسلطة لها الأحقية في حساب ما ينبغي حسابه داخل النّص والفكرة الواحدة والتحليل والنقد ، على المثقف الحقيقي أن يمضي في قناعاته شاهرا سيف الوعي والحقيقة ومن حقه المجادلة في أكثر من نقطة، فهو الاٍنسان الموهوب ، الاٍستثنائي العالي الأخلاق الذي يحاول تمرير لمسته السحرية فكرا على كلّ شيء ،.
لقد حاولت ككاتبة ومثقفة أن أخرج من جلباب الدور المهين الذي اختير لي باٍسم العادات والتقاليد، دور لا يليق حتى بالحيوانات ، فالأنثى عندنا لا تراها اٍلا في المطبخ أو على الفراش تنتظر نصيبها من الرضى عليها وكأنها خلقت لكي ترضي هذا الرّجل المهتوه كان مثقفا أو فارا من حكم ما عليه في حياته، قلت حاولت ككاتبة ومثقفة التمتع بطبيعتي الاٍنسانية في تحرير نصوصي ومعالجة الأمراض المقرفة التي تصيب المثقفة العربية الهاربة دوما من حقيقتها خوفا من الحكم عليها بالعهر والفسق وجريمة الزنى، كنت أقول ان على الكاتبة اٍختيار اٍطارها الاٍنساني الذي يليق بها كمثقفة فالكتابة حينها تستدعي منها البقاء على الصبر أكثر من نقاش نص ،كأن تصبرعلى مخاليق الله الذين يصطادون دائما في الماء العكر ما يرضي جوعهم الفكري والمعرفي وحتى الذكوري ، أقصد هنا الكاتب العربي بالدرجة الأولى لأنّه سلطة كلّ نجاح وشهرة فلست أجد في الساحة العربية غير الأقلام الرّجالية تتنطط وحدها في المحافل وتدفع بعضها البعض اٍلى الرّصيف الأول فيقال عن هذا نبيّ الشعراء ويقال عن ذاك غول الرواية العربية وتتكاثر الأوصاف بينهم من دون شروط ، لكن لازمة الكاتبات العربيات المسكينات تتوقف عن الرضى عليهن الرضى الذي يأتي من فوق دائما بعد تدخل المواعيد والسهرات واللمسات وكؤوس المحبة كما يسميها البعض ممن تفننوا في تسمية العلاقات الأدبيةعفوا أقصد اللاأدبية للتشهير بالكاتبات.
يحزنني وأنا في غربتي أن أكتب عن وهم النجاح الأدبي لدى المرأة وما يسترعي الانتباه أكثر هو الفوضى التي ينتقد بها الأدب الموقع باٍسم أنثوي، ثمة نفاق كبير تعامل به نصوص الكاتبة وثمة علاقات شرعية وغير شرعية تقدم كتاب فلانة عن فلانة بتقدير جيد جدا لأنّ الأخرى فتحت مدائنها للمطر وأشعلت نار الحكاية لذلك عليها الفوز بالشهرة والظهور أولا. ليس كلامي مبالغة والله ، لكن ما يصلني من حقائق واقعية من شخصيات أدبية نسائية يدمي القلب والعقل معا ويترك في النفس الآلام الكفيلة بتحطيم أي قلب.
هل علينا الخروج عراة للتنديد بوقف هذا النّزيف من النفاق الأدبي؟ أم علينا ملازمة الصمت والكتابة في الظّل وللحظّ كلمته فينا وعلينا؟. شخصيا لا أعترف بالحظ ولا بخلطة الشهرة التي يقدمها لي الرّجال، ولابالصمت ، أنا أعترف بخلطتي السرّية في الكتابة جهرا عن أحلام قارىء بسيط يراني بعينين من نور وبقلب من بحر فهو وحده شهرتي وبقائي وصدقي لكن هذا لا يكفي كاتبة مثلي تبحث عن الخلود في الفكرة والتمتع بالحصانة الفكرية محاولة تغيير الأحكام المشروعة باٍسم المجتمع ضد كيان المرأة المستقلة اٍنسانيا كما أعتقد، ولن أترك جرح أية اٍمرأة فوق الأرض يأكل أحلامي فيه وينتهي سأبقى أصرخ كمجنونة حتى اٍشعار آخر.
أحترم الكاتبة العربية التي لا تنافق ما تكتب، وتستمر في التحليق حتى الآخر وأنا أؤكد لها أنّ الشهرة تأتي دائما بعد الاصرار على البقاء رغم الخفافيش الكثيرة المنتشرة في الضوء والظلام معا.
لا تأتي الشهرة من كأس أو ليلة حب بل تأتي من نصّك المختلف حين يشهر تميّزه على مستويات كثيرة.
هل تشعرين باليأس؟ حسنا لا تتوقفي عن البكاء لكن وأنت تبكين تذكري من يحبون القراءة لك في صمت لكن ظروفهم البائسة لا تسمح لهم بالاتصال بك لشكرك لأنّك أعدت لهم ثقة ما ضاعت منهم ثم عادت بسببك، هل تدرين كم باٍستطاعتك تغيير العالم؟ نعم باٍستطاعتك ذلك عندما تصرين على حب أناك في كلّ نص تكتبينه بحرقة وصدق، قولي آمين.