حول المساواة بين الرجل والمرأة 2



معاذ عابد
2009 / 8 / 16

قراءة تحليلية لقصص مجموعة القمر المربع لغادة السمان مثالاً
ثانيا التمساح المعدني

القصة الثانية ترتبط في نواحيها البنيوية بين معاناة المغتربين اللبنانيين في باريس وفرنسا على العموم
ونلمح في القصة خيالات الساحر سليمان البيروتي الدجال ودونجا الساحر الأفريقي .

ترتبط القصة بوعي تاريخي تكون لدى غادة السمان من خلال إسقاط مرحلتين متنوعتين من التطور التاريخي اللذان التقيا في مرحلة متقدمة .

أي نستطيع إن نقول إن القصة تؤرخ لاضطهاد المرأة في مراحل تاريخية متعددة والنتيجة الطبيعية لردة فعل المراة في كلتا الحالتين
الحالة الأولى هي حالة دونجا والشرطية الزنجية
فدونجا زنجي والشرطية زنجية والفكرة من هذه التكوينات المرتبطة بعلاقة التطور الجندري في أوروبا تجعل من إسقاط وتحويل المكان بين الرجل المتسلط إلى امرأة صاحبة قرار فأنه يعني موت المرأة بسحر الرجل الحقيقي أو الوضع الطبيعي (ايكروسيا) في إفريقيا أو المناطق المتخلفة اجتماعيا ومعرفيا في مقابل ما يسمى العالم المتحضر .

ففكرة تسيد امرأة في مرحلة ظلامية تعني موتها بفعل السحر والسحر القاسي وهو المكتسب اللاشرعي للرجل الذي اغفل لحساب المطالبات العقيمة اللبرالية النزع للتحرر والتطور
أي ان المحاولات للمساواة في عصور الظلام تعني إلغاء كليا للمرأة
اما نقل المكان الى باريس والشرطة فذلك دلالات لغوية للقصة والتناقض التاريخي بسبب وجود التطور او المثال الثاني لموضوع المساواة مع المرأة
هو مثال المرحلة المتطورة لموضوع المساواة في مجتمع مدني أخر
الفكرة الغامضة التي تستحث الإنسان على التفكير
هي المقاربة الغريبة بين وضع المراة في المجتمعات الايكروسية الافريقية كمثال دونجا والشرطية ووضعية التمرد في تلك المرحلة وبين وضعية المساواة في مجتمع أخر هو لبنان على سبيل المثال
فاضطهاد المراة هو ذاته في المرحلتين لكنه يتقنع بعدة اشكال
فالاضطهاد الجسدي "القتل الايذاء ,التماسيح ,التضحية بهن كقرابين، الاستعباد، عرض النساء عرايا في اسواع النخاسة " والمسلسل التاريخي المقرف للاضطهاد للمرأة بكافة أنواعه
والاضطهاد المقنع بالحضارة الرأسمالية والإقطاعية القذرة جعل شكلا من أشكال الاضطهاد المتمدن للمراة لا يشمل فقط الاضطهاد الجسدي فقط بل يصل الى التعذيب النفسي
الى الحط من قيمة المرأة لا على الصعيد العائلي بل على الصعيد المجتمعي
ففرار المرأتين اللبنانيتين من الحرب الاهلية ليس أكثر من اسقاط المآسي التي تنزلها المجتمعات ذات العقلية الذكورية البطريركية على المراة ويتجلى الصعيد الذاتي بالخيانة ذات الواجب الوطني.

سليمان الساحر المزيف، هو توصيف حقيقي لرغبة الرجل الشرقي بأن تكون سيطرته على المراة بنفس المستوى الافريقي "البدائي الحقير"، وهو يسعى من خلال الادوات المتمدنة "إن صح الوصف" بالسيطرة والعبث بنفسية المراة الضعيفة المترددة الخائفة من المستقبل، هو غايته وليس اكثر من تصوير دقيق للعقليات الذكورية في مجتمعنا الابوي الايكروسي المتخلف، او بما وصف في القصة بالسحر.

والفرصة الكبيرة التي جعلت الرجل يعزز وضعيته المتسلطة في المجتمع هو التأكيد على شرعية البطريركية، من خلال المطالبة بالمساواة من خلال هذه الشرعية، وتتجسد هذه الحالة من خلال "ان سليمان أراد إجلاس المرأة مكانه" فتوقع بحجة الرفض الفيمينستي اللبرالي الالحاقي مما جعله يؤثر الجلوس.

عقلية أبوية متأثرة بالتمدن المزعوم في المجتمعات الأبوية ومستكينة للانجازات التشريعية اللبرالية التي انعكس نجاحها لا على صحة الوضع القائم بل على الاصرار النسوي الحقوقي للتحرر من السطوة الذكورية بطرق شتى جعل هذه التسلطية تقدم بعض التنازلات لقضية المساواة بين الرجل والمرأة في ظل عدم تحرر كامل.

ان هذه التنازلات جعلت من التسلطية الذكورية تقدم منحا وصدقات هي بالاصل ليست من حقه تملكها أي شرعية تملكه وتسيده وجعلت من الآنفة النسوية الليبرالية تفقد بعضا من خصوصيتها بحجة المسااوة الالحاقية الطابع.


فمثلا ان يترك احدهم فتاة تطالب بالمساواة واقفة في حافلة بحجة مطلبها فهذا لا يعني انه حقق للمراة نوعا من المساواة بمقدار ما برر لنفسه الجلوس مرتاحا على حساب كائن من خصوصيته التكوينة ما لا يريح من الوقوف في حافلة او التعرض لموقف محرج على الصعيد الخصوصي ومؤذي جسديا.

ان الغاء الخصوصية الانثوية وهي الحجة التي استندت عليه السلطة الابوية لا من ناحية موضوعية بمقدار ما هي نظرة فوقية مستعلية على الانثى.

فالموضوعية تقضي احترام الكينونة الجسدية للأنثى دون النظرة الاستضاعفية ذات الطابق الاشفاقي"ان صح التوصيف".


في النهاية لايجب ان تكون الحجج الليبرالية المتمدنة كافية للتثبيط من نضالات المراة للتحرر من السلطة الابوية الرأسمالية وتوجيهها الى نحو الاسقاط اللاأخلاقي وعدم احترام الخصوصية التكوينية للأنثى .