امرأة فرعون ................



امنة محمد باقر
2009 / 8 / 24

العبودية بعينها ....
كانت آسيا تئن تحت وطأة جراحاتها الخبيئة ، ولاتعترف لاحد ، يقولون انها سوبرومن ولكنها لاتعترف بذلك !!
امرأة لايحق لها ابداء رأيها !!! هي وحدها تعرف حقيقة الاغلال التي كبلها بها مجتمع الرجال الذين تعيش معهم ابتداءا من زوجها وابناءها انتهاءها باخوتها وابيها !! ولازالت تلتمس العذر لهم !!
وقالت ان الامر قد يكون سببه مرحلة عصيبة يمر بها زوجها ، او محنة المت به ، او حالة نفسية يعاني تحت وطأتها !!
يدأبون على الافتخار بها وانجازاتها وخبرتها وعملها ، ولكن اذا قالت شيئا ، وضعوا عليه الف سؤال ، لو قلت كذا لكان احسن ولو قلت كذلك كان يستحسن ، وانت ماذا تعرفين ؟ ، وقولك ينقصه كيت وكذا ، ولان القسوة والغلـظة البدوية التي جبل عليها تاريخهم تظهر في فظاظتهم بين حين واخر .. وليس يعني شيئا انه قد بعث لهم رسول الاسلام ، فانهم لا يتغيرون ... ان الدين في خانة وتصرفات الناس في خانة اخرى عادة ، والموالمة بين النظرية والتطبيق هي العقدة التي ما حلها احد !! في كل النظريات ، في الماركسية والرأسمالية وكل النظريات الاجتماعية والاقتصادية ، وكيف يتهم المرء نفسه بأنه لايطبق المثل العليا ان كان ليله ونهاره يتمنطق بها !!
اذا تكلم احدهم فانه نصف الدنيا ، واذا تكلمت هي ، عابوا عليها ، ولكنهم في مجالسهم يفخرون بأن اختهم سيدة النساء ، ومن حملة الشهادات العليا !! والمناصب الراقية !!
يتحدثون عن ثقافتهم وكيف انهم يؤمنون بحرية المرأة وكانوا يشترون لها كافة انواع الكتب عندما كانت صغيرة ، ولكن حين يأتي التمنطق وابداء الرأي يريدون الساحة كلها لهم ، فأنت لاتعرفين كيف تتكلمين ، واذا ارادوا طلبا من وزير او كبير قالوا لها ، ماذا لو اتصلت بالمكتب الفلاني وطلبت منهم الاسراع في انجاز المعاملة بحكم منصبك ، وهي بحسبهم لاتعرف كيف تتكلم !! فكيف يكون ذاك !
لم يصلوا الى ثلث ماوصلت اليه , ولم يدرسوا عشر دراساتها ، ولم يعانوا في صراع الحياة والعمل ما عانت ، واذا صار حدث هام في العائلة و ابدت رأيها ، سفهوا رأيها ، هي عادة امرأة وديعة لطيفة لاتحتمل العنف والجدال ، وهم ابناء عشيرة وجدال ، و الظاهر ان افكارها المثالية لا ترقى الى حضيض عنفهم وتعصبهم !! وحده خالها جمال كان يختلف عنهم ، وقد مات منذ زمن بعيد ...
كانت تشعر بالعبودية اكثر من اي كائن اخر على وجه هذه الارض البسيطة المتواضعة ، وهي مثل هذه الارض تؤتي اكلها وثمارها كل حين ، وتعطي من جهدها ووقتها ، وقد شاب رأسها من تسلطهم ، ولازالت تقول ، انني آسى لحالهم ، وعلى حد قول السياب : خطية ! انهم خطية ! انني انا الخطية !! والموت اهون من خطية !!! يجب ان اكون اكثر لطفا معهم ، لربما لساني سليط ، او اتفوه بما يدور في خلدي ، علي ان اعقد جلسات للصمت ، لانال مزيدا من الحكمة ، وهي لاتعلم انها تريد ان تخيط لنفسها ثوب العبودية ، وقلب الام لايعرف التوقف عن العطاء ، وجحودهم لايعرف التوقف بسخاء !! هو الاخر !!
هذه المرأة متكلمة ، يحسب لها الف حساب في مجتمعها !! ولكن رجال عشيرتها ، لايرون ان يأخذوا برأي اي امرأة ، وان مثاليتها عبارة عن سخافة وسفاهة ليس اكثر ! وهل تتصورين اننا يجب ان نأخذ رأيك ، ومن انت لكي نعترف بك ؟ او لكي نخرج بك على رؤس الملأ ! واذا ارادوا الخروج في محفل اجتماعي ، لايخرجون الا معها ، بل لايعرفون الذهاب الى اي مؤسسة دون ان تكون معهم ! لانها معروفة في الوسط الاجتماعي بمنصبها وخبرتها !
ان الاحساس المرير بالعبودية ، ينتابها تجاه كل بنات جنسها ، لانها ترى ان كل واحدة منهن تعطي ، والمقابل هو ذلك الاحتقار ، وتلك النظرة الدونية ، وتلك الطبقية ، تضحك على صديقتها ((رؤى )) ، وتمازحها ان في بيتكم طبقية حتى عندما تقدمون الطعام ، فلديكم ثلاثة موائد ، ارقاها للرجال ونسائكم تأتي في اخر القائمة !!
واذا اجتمع الرجال كانوا قادرين على ان يأكلوا ما بدا لهم ، والنساء حقهن مأكول في كافة المناسبات ، اعراس او اتراح ! فالرجال يأكلون من رأس القائمة والنساء يأكلن من ذيلها ! والمؤلم انهن هن من طبخن كل ذلك ! لعل المرأة لطيفة في طريقة اكلها وهم لايجارون في ذلك !
ترى ان كل النساء في مجتمعها يعانين من عبودية معينة وبدرجة ما ! وهي تعاني من عبودية الاخوة والزوج ، وحب العائلة ، وتضحي كثيرا لاجل ذلك ، وترى كل سعادتها بقرب اهلها وعائلتها وابناءها وعشيرتها ، لكنهم rude بدرجة لاتصدق ، لديهم من الفظاظة ماهو اصلد من الجبال ! هي امرأة لطيفة ، خطأها الوحيد انها تريد ان تعرف ، وتسأل عما جال في خلدها ، تسأل عن الحقيقة وتبحث عنها ولو اثارت حفيظة غيرها !
على الاقل هي اكملت تعليمها ، لكن جارتها التي فتحت صالونا للنساء في بيتها ، تزوجت وهي في الخامسة عشر ، ولازال بيتها يعاني من فقر مدقع ، وفوق الفقر ذلك الزوج العصبي المتسلط ، اعانها الله كيف تعيش معه !! ولكن : هي الاخرى :
زوجها : كانت اول كلمة قالتها له حين فاتحها بالزواج وهو ابن عمها وليس بغريب: انني لست امرأة مثالية او سوبرومن ، لدي اخطائي ، وقد لايعجبك بعض ما اقوم به لانني اؤمن ان كل شئ خاضع للتجربة وليس مثالي ، ولكنني اكره العنف والعصبية ، واريد صفة واحدة فقط ، لا اريد ان اعيش مع انسان عصبي ، فقال لها : انت في رأيي سوبرومن وامرأة كاملة وسأفعل اي شئ كي تقبلي بي ، ولست متعصب ولا عصبي !!
ليس هنالك بشئ اشد مرارة من ان تعيش مع رجل ، يحتقر نوع المرأة ! ونظرته الدونية للمرأة هي ال ( set up ) الاساسي في عقله الباطن ، حتى اذا اقتضت الطبيعة الانسانية ان يتزوج ، لم يجد غير تلك التي يقول عنها ساعة غضبه ان العرب محقين في وأدها !! حاله حال اولئك الاعراب المتعجرفين في غلظتهم البدوية ، حين كانوا يقولون ايام الجاهلية : انت علي كظهر امي ، فتحرم عليه ، فجاء الاسلام وحرمها ، وظلوا يقولونها ! تذهب الى العمل ، وتأتي الى البيت تكنس وتطبخ وتنجب الاولاد ، !! والاولاد هم الاخرين كأبيهم !! ، ولكن الويل لها ان قالت كلمة قد ينقصها شئ ما ، فتقول له النقص وارد في كل كائن ، لكنه يعرف كيف تكون الكلمات التامات !! فيخزيها على اي خطأ قد يحويه رأيها ، خطأ في رأيه هو ! بالمقارنة مع ماهو كامل في رأيه هو
والكامل في رأيه ان تقتل من قتلك ، وفي رأيها ان تعفو عمن ظلمك !!
والكامل في رأيه ان تعاني هي في العمل والبيت ، ويقول لها انت في نعيم ، عملي معاناته اكثر ، والكامل هو ان لايأبه لمشاكل الاهل والاولاد ، وان لايفكر في عائلته اين حلوا واين ذهبوا ، ولايحق لها الاتصال بهم او الاطمئنان على احوالهم ، لانه يريد ان يعيش في مملكة الحجر البعيدة التي يقطنها !! ويريد لها ان تكون على نفس الخط ونفس الطريقة ولاتفتح فمها على الاطلاق ، ان قال هو ففصل الخطاب ! ، فما كان لها الا ان ناجت ربها : ربي ابني لي عندك بيتا في الجنة ، ونجني من فرعون وعمله !! ولكنها في مناجاتها الاخيرة فقط عرفت انها تعاني من العبودية !!