ناشطات الحملات الهزيلة وثقافة العرائض!!



فوزية الحُميْد
2009 / 8 / 25

في مجتمعاتنا العربية والإسلامية, تتقلص الأحلام ويتسع فيها فعل الجهل والتخلف .وتتأخر عملية التقدم . وهي مجتمعات تخشى التغيير وقد تعارض عملية الإصلاح والتطوير بفعل الموروث والعادة . هذا الموروث المغتصب للعقل العربي قد عمل على إرباك الذهنية العربية منذ البدء حتى قبل وبعد نزول القرآن الكريم كظاهرة عظمى ! وقد يتفوق قانون العرف على قانون الدين وتحديداً في التعامل مع قضايا المرأة وقد تكون المرأة ضد ذاتها من خلال جهلها وجاهليتها وفي عدم وعيها بحقوقها وعدم أهليتها كإنسان بالغ عاقل حر! والأقرب من قولي
قيام بعض الناشطات السعوديات بحملة تحت شعار (ولي أمري أدرى بأمري ).. لتؤكد المرأة جهلها بحقوقها و أهليتها ولتزيد الطين بلة !! وهذا لا يعني عدم وجود رموز نسائية مضيئة في مجتمعنا السعودي واتساءل عن مفهوم ولي الأمر في الدين لدى هؤلاء (الحريم) وهل سترضى المرأة من منطلق هذا الشعار بالتفريق بينها وبين زوجها إذا رأى ولي الأمر ذلك !! وأحيلهن لقراءات واعية بدور المرأة في المجتمع الإسلامي وعبر مراحل التاريخ وأعني المرأة الواعية بمفهوم الأهلية ,المرأة النموذج لا المرأة الدمية ’المرأة التي لها من الأمر شيء!! روى النسائي أن فتاة دخلت على عائشة فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه؛ ليرفع خسيسته, وأنا كارهه ... وفيه أنه – صلى الله عليه وسلم - جعل الأمر لها فقالت يا رسول الله! قد أجزت ما صنع أبي, ولكن أردت أن أعلم أن للنساء من الأمر شيء!!! ويحتمل أن صاحبات الحملة لم يتعرضن للظلم والإضطهاد من ولي الأمر!! ولكن يتضح من خلال شعار الحملة الجهل بحقوق المرأة !
والانحياز لسطوة العادات والتقاليد في مجتمعات ذكورية مهيمنة على ذهنية المرأة ومغتصبة لعقلها !! هذا إذا ماعرفنا أن القوامة في الإسلام مسؤولية وشورى لا استبداد وهي الصق بمفهوم( الرجولة) منها إلى الذكورة في الوقوف على قراءة المعنى اللغوي لمفردة (الرجال) في قوله تعالى (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض ) آية 34 سورة النساء لكون بعض الذكور لا تنطبق عليهم شروط الولاية أو القوامة وبما أن ا لقوامة يؤطرها الحب والحنان والعدل والمساواة و حيث المرأة شريك في المسؤولية مع الرجل و في حال خلل هذه الشراكة تسقط القوامة لكونها تكليف لا تشريف!!وشروط القوامة لصالح المرأة والرجل على السواء !! لأن الله تعالى حرم الظلم !! ولا يمكن لقوامة أن تستوي في حال الظلم!! وليس كل أولياء الأمور أيتها الناشطات أدرى بأمور نسائهن !!وفي قراءة شعار الحملة نسأل عن حال الثقافة والوعي في حاضرنا مقارنة بوعي النساء في عصر النبوة !! أم أن ليس لديكن من الأمر شيء !!
وأعود لأقول ماأضيق الحلم في تعاطي هذه الشعارات غير المدروسة وغير الواعية بالحاضر والمسقبل معا!! في عصر يتطلب فيه الاستفادة من منجزات العالم المتقدم وتقديم العلم والمعرفة بطريقة منهجية ولأن المجتمعات الناهضة تعمل على إعداد استراتيجيات لمعالجة قضايا التخلف ودراستها بعكس المجتمعات العربية في التعاطي مع ذلك ! ولأن المرأة هي الشريك في الفعل الحضاري للأمة لهذا نأمل باعداد المرأة الواعية بحقوقها لا المستسلمة لأفكار وعادات بالية تحقر من قدرها وتسلبها إرادتها وكرامتها وحقوقها الممنوحة لها كإنسان !! لأن المرأة ليست جسدا فقط حسب الرؤية الذكورية لكنها روح وعقل ! وحيث الفرد في المجتمع العربي يرضخ للسلطة الاجتماعية المنحازة للعادات أكثر من الانحياز لعمليات التقدم والمعرفة وقد يتعارض العرف مع تعاليم القرآن !!وهي صورة مسيئة للإسلام حيث القرآن شكل والحالة الاسلامية اليوم تأخذ شكلا آخر في تناول المسائل والقضايا الانسانية المهمة وأهمها التعامل مع قضايا المرأة وحقوق الانسان في مجتمعات الطاعة الواقع تحت سطوتها كل من الرجل والمرأة وأصحاب القرار أيضا !!وهي سلطة متعالية ومؤسسة وفق موروث عربي مريض ومستسلم لحالته وأحواله وقد يتعارض فعل هذه السطوة مع تطلعات أصحاب القرار في الوطن العربي بفعل ثقافة العرائض و الحملات الهزيلة ! وهي المنتج الثقافي الفريد في المجتمع العربي الغارق في سيكولوجية التجهيل المعرفي والثقافي. .
إن العمل على تسريع عمليات الاصلاح في مجتمعاتنا يتطلب العمل الجاد في صياغة مجتمعات مشاركة في الفعل الحضاري ومنطلقة من القيم الانسانية المشتركة وا لمجتمع الذي لا يتناول عيوبه بالدراسة والفحص هو مجتمع متأخر في العمق وغير مؤهل للدخول في المستقبل هذا المستقبل الذي يصيغه العالم المتقدم علما ومعرفة ,نظل أمامه في العجز من قدرتنا علىمقارعته
إن إعمال العقل توجيه ديني لم تعمل عليه المجتمعات العربية كما ينبغي بل ظل الخوف من العقل المفكر والفاحص حالة عربية تتجلى في محاربة الفكر وإقصاء رموزه لا مناقشته والوقوف على مايحوي من إضاءات ! وفي الواقع الثقافي العربي تتصدر ظاهرة التعتيم والتجهيل والترويج للشعارات الهزيلة المشهد و ما يلفت أن الثقافة العربية في الراهن لم تبلغ سن الرشد بعد- إن صح التعبيير -وهي ثقافة بها الكثير من الخلل الفكري وفي قطيعة معرفية مع الحاضر والمستقبل ,وفي الاستفادة من دروس الماضي عبر حركية التاريخ العربي والاسلامي, وفي نماذجه المضيئة !! إن غياب المثاقفة مع الماضي بموروثاته وتناوله بطريقة بحثية والمثاقفة مع الحاضر فيما ينتجه الآخر المتقدم جعلت من المجتمعات العربية والاسلامية مجتمعات ينقصها الوعي, وضعيفة فكريا !!والسؤال المهم هل العقل العربي مغتصب للعرف لا للمعرفة؟ إن المعرفة الإنسانية في مفهومها تتعارض مع معظم الأعراف العربية التي لا تميز بين الشرفة والشرف وبين التقدم والتخلف ولكنها مجتمعات تسير مع حملة اعملها وتوكل في غياب( أعقلها )من خلال الشعارات الهزيلة وثقافة العرائض والتجهيل!