المرتد بين سندان المؤسسة الدينية ومطرقة المجتمع.



عساسي عبدالحميد
2009 / 8 / 27

"ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة" سور البقرة ..
المرتد لغة هو الراجع ، يقال ارتد فلان أي رجع، فهو شرعا الراجع عن دين الإسلام إلى الكفر إما نطقا أو اعتقادا أو شكا و قد أجمع جل علماء الإسلام بضرورة قــتــل الــمـرتـد عن الإسلام لدين النصارى أو اليهود و سائر الملل والنحل عملا بالحديث النبوي الشريف "اقتلــــــــوا من بدل دينه" ...
ومن بين أقدم حالات الردة المعروفة والموثقة حالة "عبيد الله بن جحش" زوج حبيبة بنت أبي سفيان ابن حرب و أحد المهاجرين إلى أرض الحبشة فهناك ارتد عبيد الله وتنصر ومات على النصرانية بعدما أسلم على يد محمد، وعقابا له على فعلته أرسل محمد إلى ملك الأحباش النجاشي طالبا يد حبيبة زوجة عبيد الله سابقا ...
وأثناء إقامته بأرض الحبشة التقى عبيد الله برجال دين يتكلمون العربية لطول إقامتهم على أرض اليمن و شاهد كنائسهم و حضر صلواتهم و قداساتهم فأعجب أيما إعجاب بالعقيدة المسيحية....
وكان عبيد الله يبشر أصحابه بالمسيح فيطوف عليهم قائلا " فقحنا وصأصأتم، أي أبصرنا وأنتم تلتمسون البصر ولم تبصروا بعد، وذلك أن ولد الكلب إذا أراد أن يفتح عينيه لينظر صأصأ لينظر وقوله فقح فتح عينيه.

بلغت الردة أوجها عقب موت نبي الاسلام لدرجة استعمل معها الخلفاء الراشدون و الصحابة أقصى درجات العنف والبطش للقضاء عليها وعلى متزعميها بما فيها الاغتصاب، وما حالة خالد بن الوليد مع زوجة مالك ابن نويرة سوى نموذجا ماثلا لصور الإرهاب التي مارسها الصحابة في حق المرتدين ....
فخالد بن الوليد قتل مالك بن نويرة تحت ذريعة الردة و نكح زوجته في نفس اليوم كما استعمل الصحابة كل أشكال الإرهاب مع المرتدين من باقي قبائل الجزيرة لإرهاب من تسول له نفسه ترك الإسلام...

وقد جاء في الآثار كذلك أن علي ابن أبي طالب ابن عم محمد و صهره قام بحرق جماعة من المرتدين فلامه على فعلته بن عباس لقتلهم بالنار وكان الأجدر بعلي أن ينحرهم بحد السيف أو يرجمهم عوض تعذيبهم بعذاب الله حسب بن عباس...
كما أن معاذ ابن جبل قام بذبح يهودي ذنبه كان هو أن أسلم ثم ارتد ورجع ليهوديته..

و قد جاء في فتح الباري أن صلعم قال لمعاذ ابن جبل عندما ولاه على أرض اليمن " أيما رجل ارتد عن الإسلام فادعه فإن عاد وإلا فاضرب عنقه، و أيما امرأة ارتدت عن الإسلام فادعها، فإن عادت وإلا فاضرب عنقها).. ذكر هذه الرواية الحافظ في فتح الباري وحسنها.

و بمصر ومنذ أن وطئت جنود عمرو ابن العاص أرض المحروسة قام المسلمون بترويع قرى بأكملها مما دفع بالعديد من المصريين بترك دينهم الأصلي خوفا على بناتهم وأملاكهم وأرواحهم فنطق من نطق بالشهادة و ارتد الكثير من المصريين ورجعوا لدينهم الأصلي فلاقوا المرتدون من فنون البطش و الترويع أصنافا و ألوانا ...
ونكتفي بمثال أومثالين من ضمن عشرات الآلاف من نماذج الارهاب التي تعرض لها الأقباط طيلة العصر الإسلامي...

=في زمن خلافة العاضد الفاطمي سنة 1164 م تم حرق الراهب بشنونة حيا على خلفية صراع بين رجال الأمير ضرغام ورجال الوزير شاور ، لأنه رفض ترك دينه .. ثم أخذ المؤمنون ما وجدوه من عظامه وحملوها إلى كنيسة أبي سرجه بمصر القديمة بقصر الشمع ودفن بها .


=إبان الحكم العثماني و في سنة 1735 صدر أمر سلطاني بزيادة الضرائب في أرض مصر علي النصارى واليهود ثلاثة أضعاف مقدارها فكانت ضرائب الطبقة العالية أربعة دنانير والمتوسطة دينارين والأخيرة دينارا واحدا ثم زيدت بعد ذلك وفرضت علي فئة القسوس والرهبان والأطفال والفقراء والمتسولين ولم يستثنوا منها أحدا وكان الملتزمون بتحصيلها يحصرون سنويا من قبل السلطان فكانت أيامه شدة وحزن علي أرباب الحرف والفقراء .
.............
.............
............
إن حرية العقيدة حق مكفول لكل شخص بموجب المواثيق والأعراف الإنسانية المتعارف عليها كونيا ولا يجوز بأي حال من الأحوال تهديد المرتد والتلويح له بالسيف من طرف غرانيق مكة و سفراء بني الوهابية الدائمون على أرض المحروسة و على رأسهم البدري ، وعلى المنتظم الدولي أن يتعامل مع مسألة حرية العقيدة بجدية أكبر فلا يعقل بتاتا أن يقيد حق الإنسان في اختيار دينه بالسعودية ومصر والمغرب و الجزائر و غيرها في حين أن هذه الحرية مصانة عند الدول الغربية، فبمصر وحدها يوجد قرابة أربعة ملايين متنصر تعتبرهم الدولة في عداد المسلمين ...
على العالم المتحضر أن يجبر أنظمة بلدان الشرق الأوسط و شمال أفريقية ولو بالقوة على احترام المواطن في اختياراته العقائدية والفكرية المعقولة ما دام لا يؤذي بها أحدا، وعلينا أن نعمل جميعا على تأهيل مجتمعاتنا لكي لا ينظر للمرتد نظرة احتقار واستهزاء فالمرتد في مجتمعاتنا شخص منبوذ، بل تبلغ الدرجة في أغلب الأحيان بأن يطالب أقرب المقربين إليه بما فيهم الوالدين بسفك دمه انتقاما للعقيدة و حبا في الله ونصرة لرسوله ، فأية عقيدة هاته التي تبيح ذبح تاركها ؟؟؟

"اقتلـــــوا من بدل دينه"
كلمة تقطر إرهابا و جهالة و فاشية ...