إذا كانت إمرأتان .. مامصير الثانية؟ ..تعقيب حول مقالة (إمرأة واحدة فقط) لزهير دعيم ..



تانيا جعفر الشريف
2009 / 9 / 8

نشر السيد زهير دعيم مقالا قيما عنونه (إمرأة واحدة فقط)في عدد الحوار ليوم 7/9/2009... ومع إمتناني لنبله في طرحه المنصف للمرأة لكن ثمة أمور فاته أن يتناولها وهو إبتداءا يفترض جدلا أن عدد النساء مماثل لعدد الرجال ولاأدري من اين له هذه الإحصائية المفرحة حقيقة .. لعل الأمر كذلك في بعض الدول ولكنها ليس هكذا إطلاقا في دول أخرى كالعراق مثلا والسودان على حد علمي المؤكد .. وعليه اقول للسيد الكاتب الفاضل ولمن يدعم رأيه بدون تردد (وإنا ممن يدعمه بدون تردد في حالة كان الرجال بعدد النساء) أقول له سأفترض مثلك أن عدد النساء بقدر عدد الرجال تماما (هذه فرضية مضحكة) وقد قدر لأحد الرجال أن يموت سؤالي أين يكون مصير هذه السيدة الفائضة ... قد يقول قائل وماذا لو ماتت إمرأة وليس رجلا ماذا سيكون مصيره سارد بسرعة (إن افتراضي كان مضحكا وليس واقعيا) والواقع الوحيد إن الموت ينال من الرجال اكثر من النساء.. نعم إن الله تعالى مع عدم توفر شروط الزواج من أكثر من واحدة فهو محرم عنده. وتحليله للأمر أناطه بشروط شبه إعجازية ساشير لها في سياق السرد ولكن علينا أولا الإقرار (ولو مكرهين)بأن من النادر أن نجد رجلا في حياته إمرأة واحدة فالثانية هي إما أن تكون صديقة أو عشيقة أو باغية أو زوجة وإن ما يتحجج به البعض من إن الرجل( كإنسان) يجب أن يطغي عليه الجانب الإنساني العقلاني على حيوانيته صحيح ولكن الصحيح أيضا إن حيوانية الرجل موجودة أيضا وهي ربما جزء من حقيقته السايكولوجية وهي الجزء المؤثر والفعال في علاقته بالمرأة وهو إذا لم يكن كذلك لكان ملكا من الملائكة لا حاجة به لزوجة وأسرة وما يليها من مسؤوليات وتبعيات حياتية شتى...
إن واقع الرجل حيث إنه يمتلك هذه الغريزة شبه الحيوانية يحتاج إذن المرأة الثانية وحينذاك لن نجد نظاما إجتماعيا للأسرة قادرا على منع الرجل من معاشرة إمرأة ثانية ولو كانت على ذمة زوج اخر أو منع إمرأة من معاشرة رجل أخر في حالة عجز زوجها (إن وجد)..
ألمشكلة إذن (في مسألة العلاقة بين الرجل والمرأة)تنحصر في الوضع الذي ينبغي أن تتم فيه وأقصد والحال هذا دوار الأمر بين حالتين لا ثالثة لهما إما العلاقة السرية أو العلاقة العلنية.
ألاسلام دين يحارب العلاقات السرية بل إنه أنزل في الكتاب المجيد أشد العقاب فجعل من الزنا جريمة كبيرة وأفرز لها العقوبات الدنيوية الغليضة كالجلد لغير المحصنين والرجم بلارأفة للمحصنين(ألمتزوجون)...ولاتقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا...
وإذا كنا مجمعين نساءً ورجالا إن وقوع الزنا أمر محتمل إحتمالا كبيرا وإنه إحتمال وجيه ومبرر وإذا كنا لا نريد لمجتمعاتنا الأغراق في الوقوع بالرذيلة والإنحراف ينبغي لنا الإشارة إلى إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي عالج هذه المشكلة من خلال مبدأ نرفضه ولكنه ربما هو أمر الحلول وهو تعدد الزوجات مع إن الشارع المقدس وضع له شروط وضوابط وأسباب لو توفرت أصبح مقبولا تماما مع الأخذ بالاعتبار إن الزواج بثانية في الإسلام ليس واجبا ولا مستحبا ولكنه جائز مع توفر أسبابه وشروطه.وفي هذ آثر الإسلام أن يكون للرجل زوجة ثانية أو ثالثة أورابعة في علاقة علنية على علاقات عديدة بصديقات وعشيقات وباغيات غواني مع الاقتصار على زوجة واحدة مخدوعة كما في المجتمعات الغربية عموما..
إن مبدأ وشرعية تعدد الزوجات أمرا أكرهه الشارع المقدس ولكنه إستحببه عندما يكون حلا وسبيلا لتخليص المجتمع من المفاسد والتهشيم الإخلاقي وفقدان الروابط الأسرية السامية..
ألله سبحانه وتعالى عندما أباح الزواج المتعدد قيده بشروط موضوعية صارمة أولها العدل (فإن خفتم ألآ تعدلوا فواحدة)وقوله (ولن تستطيعوا أن تعدلوا ولو حرصتم) ففي هذا ليس ثمة تناقض بين تحليل أمر وبين ضمان فشله بل هو تأكيد من الله تعالى على ضرورة التمسك بالحكم الشرعي وهو إما إنك تعدل عدلا مطلقا وهذا شبه مستحيل أو تعدل عن الأمر ففوقك حسيب رقيب..
ثم وهذا أمر في غاية الأهمية وهو إن الله تبارك وتعالى عندما أباح الزواج من ثانية أباحه للرجل ولم يفرضه على المرأة فرضا فلها حق القبول أو الرفض وبالتالي فلا يصح القول إن الرجل ظلم المرأة إذ تزوجها على سواها لأنه لم يجبرها وهي فقط صاحبة القرار والمرأة في واقع الحال لاترتضي لنفسها أن تكون زوجة ثانية وهذا أمر طبيعي إلا إذا كانت هنالك أسباب دفعتها لهذا القبول كأن تكون فقدت الفرصة في أن تكون زوجة وحيدة لإي سبب وأسباب أخرى تعرفها النساء قبل الرجال ..
خلاصة الأمر إن الشريعة الإسلامية بإقرارها تعدد الزوجات إنما هي سايرت منطقها الخاص من ناحية وواكبت وسايرت الطبيعة البشرية من ناحية ثانية وجاءت لتحقيق الغرض من الزواج من ناحية ثالثة فهي سايرت منطقها من حيث جعلت للزنا وهو البديل للزواج عقوبات شديدة قد تصل للقتل في بعض الحالات فوجب عليها أن لا تحرمه على الناس من وجه وتدفعهم إليه من وجه آخر.وإما إنها سايرت الطبيعة الإنسانية فذلك إن حرمان المرأة من الزواج مع إستعدادها له يؤدي إلى أمر في غاية المشقة وهو أن تجاهد المرأة طبيعتها الغريزية الانسانية الأمر الذي ينتهي غالبا إلى الإستسلام وما يلي ذلك من أمور غير محمودة العواقب وإما إنها جاءت متفقة مع الغرض من الزواج فذلك إن التعدد أحيانا يكون ضرورة من ضرورات الحياة وعدم حصوله قد ينأى بالمجتمع الى التفكك والانحلال لأن البديل له مع توفر أسباب الحاجة إليه هو الزنى...
أما المروجون للحلول الآنية الطارئة في الفكر الغربي عموما وبعض المؤيدين له فهم يرون ويفضلون أن تكون المرأة زانية أو عشيقة أو داعرة كل يوم في حضن خير من أن تكون زوجة في بيت يحميها وذرية تسعدها ..
أما مرارة الواقع الذي تعيشه الزوجة الثانية في الاسلام فهي مرارة مفتعلة سببها غالبا ما يكون خفة وزن المرأة وعدم موازنة الرجل لأمرأتين أي حساسية المرأة وعدم تفهم الرجل لهذا الامر ..
وبعد .. فليسمح لي من يقرأ مقالي هذا وليناقشني ويقنعني بحال المرأة في الواقع العراقي مثلا ..في العراق (وطني الحبيب) أمست نسبة نساءه إلى رجاله ( في سن الزواج) 63% أي إنه بمقتضى قانون (الكنيسة) هناك 26 من كل مئة يبقين بدون زواج وحيث إن عدد من هم في سن الزواج في العراق نسبة لعدد سكانه (بين 15-40سنة)تقريبا 20%ولما كان سكان العراق حوالي 30مليون نسمة فإن خمس هذا العدد(6ملايين نسمة) يكون 26%من نساء هذا العدد بلا زواج يعني و بعملية حسابية بسيطة (1560000) إمرأة عانس فهل هذا يصح مع وجود بدائل مشروعة وممكنة ..
سؤالي المتواضع لكل منصف ولأخياتي قبل أخواني هل من العدالة حرمان هذا العدد من السكان من حق الزواج ؟ أنا لاأسأل زوجة لزوج عن حالها ولكن أسالها عن حال أخت لها في عمرها لم تجد وتحض بفرصة الزواج بشروطها هل ترتضي لها أن تقضي بقية عمرها حبيسة نفس الجدران التي ولدت بينها ..لتتجرد كل سيدة من أنانيتها (وهي حق مطلق) وتنظر لسواها وللرجال أقول شكرا لكل من يدعو لأن يستأثر الرجل بزوجة واحدة هذا موقف نبيل منكم بعيدا عن الدين والقانون ولكن ماذنب اخت لك من ال(1560000) أن تبقى بدون زواج مع توفر فرصته ولو بحدودها الدنيا ...نعم كسيدة أرفض( قدر تعلق الأمر بي) أن يشاركني احد بزوجي ولكن إنسانيتي قد تفرض علي التنازل عن جزء من هذا الحق عندما يتعلق الأمر بسعادة غيري (أكون أنا سببا في جزء من تحقيقها)أو لكي أحافظ بتنازلي هذا على أمانة زوجي وعدم تسكعه في احضان شتى .. طبيعة المرأة(هذا إعتراف) تقبل على نفسها أن تعيش مع زوج يخونها مع عشر نساء على أن تشاركها واحدة مع زوج يحفظهما معا .. تلك فطرة المرأة وطبيعتها التي توارثتها وستورثها أيضا ولكن ليس كل الطبائع صحيحة ..ختاما أقول عندما يكون التعدد حلا لامشكلة علينا أن نتقبله ولو على مضض...