عدو المرأة ...1



ريم الربيعي
2009 / 9 / 9

واهمة ان قلت انه الرجل ! طبعاً ليس هو ، لأنه ضحية مثلها . المرأة شقيقة الرجل و تحمل إنسانيته و الكثير من عواطفه و غرائزه ، مولودة بعد تسعة أشهر حمل مثله، مرت بالطفولة و المراهقة بنفس المُدد و لو بدت مختلفة قليلاً لاختلاف الجسدين ، شعرت مثله بكل أنواع المشاعر الجامحة خلال الشباب ، تألمت حينما رحل حبيباً لها كرحيل حبيبته عنه ، فرحت بارتباطها برجل تهواه كما فرح هو برفيقته ، تمنت إنجاب أطفال ليقولوا لها أمي كما تمنى ان ينادى هو بالأب ، شعرت بالحزن لبروز بضع تجعيدات صغار على ضفتيّ عينيها ، كما شعر هو بالأسى لأنه لم يعد كما كان ، طويت صفحة لها بكل ما تحتويه برحيلها ، شأنها شأنه ! ربما الحياة لم تنصفها معه كثيرا لكن بالموت الجميع يتساوى و يفرقنا فقط : كيف مُتنا و لماذا مُتنا ؟ و متى مُتنا؟

كثيرة هي النساء اللواتي يعشن دون إدراك حقيقي لدورهن في هذه الدنيا ، البعض منهن يظن أنها أم فقط و خلقت لهذا ، و الآخر يناضل لإسعاد رجل في حياتها على حساب نفسها و كينونتها ، و الباقي يكافح لينال حقه و كامل إرادته فيها و هن الأكثر معاناة بينهن ، في وسط مظلم كيف ستستدل على الطريق ؟ إذا كان الرجل بجانبها لا يرى ، و أهلها لا يرون ، أبنائها لا يرون ، نفسها لا ترى ، فكيف سترى ؟ وضع الرحم في الأسفل ، و وضع القلب و العقل في المقدمة ، حيث يقودان درب الحياة ، الأهم ثم المهم ، هكذا يخلق الله الإنسان.

وجدتُ ان كل الأشياء في الحياة عدوها واحد : الجهل ، عدو الإنسان جهله بالأمور التي تلقي به إلى الهاوية ، عدو الأوطان قادة جهلة ، عدو الطفل والديَن جاهليَن ، عدو الفتاة ثقافة جاهلة ، عدو الفتى عقلية قاحلة تفرض عليه ما لا يتحمله ، فتراه يصاب أكثر منها بخلل كلامي و تبرع هي في اللسان ! عدو الرجل نفسه و عدو المرأة الجهل نفسه!!

يغيّر التفتّح و التنّور كثيراً من زوايا حياتنا ، و نغدو بتعلمنا أمراً مفيداً فرحين مبتهجين حتى لو كانت عند البعض تعلم كيفية إعداد وجبة طعام ! العلم جميل ، و أول العلم معرفة الإنسان من هو؟ و لماذا وُجِد؟ ما دوره الحقيقي في دنياه؟ و معرفته من هو تشمل أسئلة عديدة رئيسة عن مجمل حياته و تفاصل جسده و خفايا نفسه . تركيبته المعقدة تجعله يقضي اغلب أوقاته يبحث عن ذاته ، الذكي من يجدها و يصونها ، و لن أقول الغبي لكن الشقي و الغافل من تذهب عنه نفسه إلى بعيد ... بعيداً جداً حيث لن يلقاها و لن تلقاه ، فتراه يؤذي و يؤلم و يحتقر و يقتل لأنه لا يحس ، فبغياب النفس كل الالآم تزول . أول ما يفعله الجرّاحون لتخفيف الم الجراحة ، تخدير عقل المريض ، ليس لأنه جسده يتألم فقط لكن ليغشوا نفسه بغشاء آني حتى لا يتوجع.

كلاهما له نفس مشابهة ، تحس و تتألم ، تحب و تكره ، فلماذا تميّزعنها الرجل ؟

كلاهما يحيا و يموت ، و لن يختلفا عن بعضهما إلا بعمل و فكر و جهد ، فلماذا له السطوة ؟و الخير؟ و هي ... حتى لو كان لها كل جمال الكون و علم البشر ، و لو نادوها "خاتون" لن تعادل " ألف ولد مجنون " ، لماذا؟

عدو المرأة ... جهلها ... عندما تُدرك دورها ... ببناء الأرض و إحياء الأرض و صون الأرض ... ستدرك كم هي كائن عظيم ... لن تحيا بدونه الأرض ...