ما سر المفاجئة التي أذهلت ستيفا مان ناشطة حقوق المرأة الكندية في العراق ؟؟



حمزه الجناحي
2009 / 9 / 12

عندما شاهدت تلكم النسوة في صباحات بغداد الباكرة وهن متشحات بالسواد من اعلى راسهن الى اخمص اقدامهن يتراكضن مع الرجال خلف سيارة احدهم لم يدر في خلد تلك المراة الاجنبية وهي تشاهد ذالك المنظر الغريب نساء ورجال يتراكضون خلف عربة نقل يقودها احدهم ا ن اولاءك النسوة يسابقن الرجال من اجل الصعود الى تلك العربة للعمل ليضمنن قوت يومهن بعد ان حصلن على فرصة عمل لذالك اليوم البغدادي الطويل والتموزي التي قد تتجاوز درجة حرارته الخمسين مئوي ..
وهي تقف ماخوذة فاقدة لصوابها لتتأكد من تلك المراة التي تحمل رضيعها على عاتقها وتحمل بيدها العارية عدة عمل هي نفس العدة التي يحملها باقي الرجال لم تعرف ستيفا مان الناشطة في حقوق المراة الكندية بعد ان تأكدت انها الان تقف على نفس الكوكب (الارض) التي تعيش عليه في بلدها لم تعلم ان تلك النسوة التي رأتهن في ذالك المنظر الغرائبي هن ايضا نساء مثلهن مثل باقي نساء العالم المتخلف والمتحضر يبحثن عن عمل بين الرجال لكن أي عمل هذا الذي يجعل تلك المراة التي تحمل رضيعها وهي تهرول خلف سيارة تتوسل الى سائقها ان يختارها لتعمل عنده ,,
وبعد ان عرفت ان النساء اللواتي يتجمهرن في مسطر الرجال يبحثن عن عمل لم يكن الامر قد اخذ من صوابها شيئا لكن ان يكن العمل هو عاملات بناء يحملن المواد الثقيلة والتي لا يحملها الا الرجال مثل الاجر والاسمنت توقف الزمن عند تلك الناشطة الكندية لتتعجب من تلك القدرة الهائلة التي تتحملها المراة العراقية ومدى العوز التي وصلت اليه لتبحث عن عمل كهذا ..
لم تتذكر ستيفا مان والتي قضت اكثر من عشرين عاما في مجال حقوق المراة والتي تنقلت في كل بلدان العالم من شرقها الى غربها لم تذكر انها رأت مثل هذا المنظر التي تشاهده اليوم في بغداد وبالتحديد في ساحة الطيران ..
الحقيقة المرة التي نعرفها نحن اهل العراق ان تلك الساحة التي تسمى ساحة الطيران هي ساحة الموت ايضا والتي استهدفت اكثر من خمس مرات لتنال من اولاءك العمال الباحثين عن عمل والتي راح ضحيتها العشرات من الفقراء والمتعبين والعاطلين عن العمل ومنهم نساء ايضا كن يقفن ليجلبن لقمة العيش لافواه جائعة رحل معيلها لتجد نفسها تقف بين تلك الحشود مع اصحاب العضلات المفتولة ...
تعمل المراة العراقية التي اصابها ما اصبها من قهر وجور في الكثير من المهن التي لا تصلح الا للرجال فقط وهي تعتبر مهن شاقة في المفهوم العام لمنظمات حقوق المراة ,,لا تعتبر ساحة الطيران الساحة الوحيدة التي تقف فيها النساء للبحث عن عمل بل توجد ايضا في الاحياء البغدادية الفقيرة تجمعات (مساطر) للنساء وهن يبعن جهدهن من اجل العيش وكذالك الامر في باقي مدن العراق الاخرى فالمراة العراقية تعمل اليوم في مهن يعافها حتى الرجال ففي معامل الطابوق ترى النساء وهن يتبعن عربات تجرها الحمير ينظمن الطابوق في اتونات المعامل وتحت درجات حرارة رهيبة وكذالك في مواسم جني التمور يعملن لساعات تتجاوز 12 ساعة يوميا وهن يجمعن التمور في بساتين غير نظيفة وهن يتعرضن لجراح الحشائش مثل الشوك والعاقول وعيدان اطراف النخيل المسننة واحيانا يتعرضن للدغ الزنابير والنحل والافاعي والعقارب وهن منشغلات دون ان ينتبهن وشوهدت المراة العراقية وهي تجمع الملح في البرك والمستنقعات تحت ظروف قاسية جدا غير ابهة بما تتعرض له تلك المراة من معاناة وهي تجني الملح الذي يتسرب الى اقدامهن وايديهن التي ربما فيها جروح لتعيش ساعات مؤلمة بالاضافة الى التعب ,,
في مرات عديدة تتعرض مسامع تلك المراة الى ابشع الكلام النابي والجارح واحيانا كثيرة يتعرضن الى تحرشات جنسية مخيفة تترك على تلك النسوة الم لا يمكن ان ينسى وبالتالي يؤثر ذالك على وضعها النفسي وايضا على عائلتها ...
بعض النساء العراقيات فضلن العمل في بيوت الاثرياء كخادمات يغسلن ويطبخن ويربين اولادهم من اجل مبلغ زهيد لا يسد رمق تلك الافواه البعض من تلك النسوة فضلن البقاء في بيوتهن وهن ينتظرن من بعض النساء المتعهدات ان يطرقن ابوابهن من اجل العمل وهذه الظاهرة (ظاهرة المتعهدات) موجودة في الكثير من المدن العراقية ..
ليست النساء الكبار فقط من يعملن بل حتى بعض الفتيات التي لا تتجاوز اعمارهم الخامسة والعشرين ربيعا يخرجن للعمل بعد ان اجبرتهن الظروف وتلك الفتيات دائما ما يتعرضن للخطف والتحرشات من قبل البعض الضالين الذين يستغلون شباب تلك الفتيات وعوزهن فيجبروهن بقوة التهديد على اعمال تشبع رغبات هؤلاء المجرمين وحدثت كثيرا مثل تلك الحوادث وبعد هذه الحوادث وبحكم قسوة الاعراف المجتمعية العراقية والتي ربما تصل الى قتل تلك الفتاة بحجة غسل العار تفضل الفتاة البقاء في الشارع لتنزل كبائعة هوى وينتهي بها المطاف في احدى الاصلاحيات العراقية ..
ان ما شاهدته الناشطة ستيفا مان غيض من فيض في العراق وهي لم تشاهد مثل ما شاهدته في بلدها كندا اوفي مكان اخر لذالك ان المفاجئة التي مرت بها جعلت منها امراة اخرى وهي تشاهد بنات جنسها في هذا الوضع الشاق ..
وضع المراة العراقية ليس بخاف عن احد سواء عامة الناس او الحكومة فالارقام تشير الى وجود اكثر من مليون ارملة بالاضافة الى المطلقات والعوانس وهذه الارقام التي تعلنها منظمات حقوق الانسان العراقية والاجنبية ليس غريبة اليوم لكن مطلوب الان حل جذري لمحنة المراة العراقية ووقفة متأملة ومتعقلة اختصاصية الى ماوصل حال تلك المراة ووضع الحلول الناجعة والاستعانة بمنظمات حقوق المراة العالمية او تخصيص مبالغ من الميزانية العراقية لأيقاف التدهور الكبيرالتي وصلت له اوضاع المراة في العراق ووضع حد لإيقاف تلك القنابل الموقوته من الانفجار .