المرأة و وجدانية الرجال



نرين طلعت حاج محمود
2004 / 5 / 26

1-الجنسية بالمفهوم النفسي هي الوجدانية و هي نظير الشخصية, و كل تشوه في الوجدانية أو اضطراب في الشخصية سوف يعبر عنه بسلوك جنسي منحرف, و أوضح نموذج لاضطراب الشخصية لدى بعض الرجال هو عدم القدرة على التعاطي السوي مع المرأة باعتبارها إنسانا دون أن يكبلهم إدراكهم أنها أنثى.
2- إن التجربة الفريدة التي لا يعرفها الرجال هي إحساس المرأة بالرجل الذي يتعامل معها و قدرتها على فهم الانحراف في شخصيته أو توازنه أمامها, و هي التي تستطيع تقدير ما هو السلوك الأنسب إتباعه مع كل نوع من الرجال , فمن أولئك الذين يتمتعون بتوازن في شخصيتهم ممن تستطيع التعاطي معهم بعفوية و تلقائية و تكن احتراما حقيقيا لرجولتهم إلى أولئك المريضين في شخصياتهم و تشعر بأعماقها بانحراف في وجدانيتهم .
3- حين يعتقد مجتمع ما أن تحجيب المرأة هو حماية للمجتمع من الانحراف , و انه حماية لها من تحرش الرجال بها , هل فكر يوما أن تسأل المرأة عن إحساسها بتلك المسألة و ماذا تشعر هي تجاه الرجال المهزوزين الغير متوازنين .
4- هل يعتقد البعض حقا أن تحجيب النساء في مجتمع سوف يحل مشكلة الرجال المنحرفي الشخصية و المريضي الوجداينة, ألم يسمعوا عن انحرافات تتعلق بأغطية المرأة ذاتها و أنواع من الإثارة المريضة تنشأ من صوت وقع حذاءها أو حركة يدها أو رؤية ذقنها , ففي المجتمعات التي تعرف الحجاب تصبح رؤية كاحل المرأة عامل إثارة و في الدول الإسلامية الأقل تشددا تجاه الحجاب لا يعود كاحلها موضوعا مثيرا بل تصبح رؤية سيقانها أو أجزاء أوسع من جسدها هو عامل الإثارة و في البلدان الأوربية لا تشعر المرأة بأي مضايقة أو إيذاء أو نظرة جنسية متطفلة و عدوانية في عيون الرجال أيا كان لباسها, و أتمنى لو تسأل النساء عن هذا الشعور حيث تستطيع المرأة التفريق جيدا بين نظرة الإعجاب و النظرة النابعة عن عدوانية جنسية و وجدانية.
5- فالحل لا يمكن أن يكون بإخفاء أو بالقضاء على جنس بأكمله بنفيه عن الأنظار لوجود عدد من الرجال المنحرفين وجدانيا في هذا المجتمع , إنما لا بد من فهم أعمق و البدء بنشر ثقافة و فهم إنساني للعلاقات البشرية تساعد على نشوء جيل يتمتع بصحة وجدانية و شخصية.
6- ما معنى أن تحجب النساء و تدفعن ثمن انحراف بعض الرجال, إن الادعاء بحماية المرأة و صيانتها يسبب في النهاية حجزها و منعها من النضج , و هل يتحقق في النهاية هوس حماية المجتمع الذي يدعيه البعض, فماذا عن وجدان قسم كبير من رجال ذلك المجتمع هل يجب أن تشوه يوما بعد يوم منذ الذكريات الأولى لطفولتهم و هم معزولون تماما عن عالم أنثوي يتكامل بهم و يتكاملون به, و هل ترك أولئك المنحرفون ليمارسوا انحرافهم في أي مكان هو الحماية الحقيقية لذلك المجتمع.
7- ألا تحمل تغطية النساء رسالة مفادها أن الرجال في هذا المجتمع منحرفون وجدانيا غير قادرين على رؤية النساء التعاطي معهن بعفوية و توازن.
8- و ماذا يعني ما نراه في برامج تسمي نفسها برامج للأطفال و تعرض على بعض المحطات الفضائية, حيث تهنىء المذيعة مجموعة من الطفلات القاصرات على تحجبهن و هن ممن لم يكتمل نموهن و لم تبدوا مفاتنهن بعد و لا يمكن أن يمتلكن الإحساس بجسدهن قبل سن النضج دون إدراك لمدى الإساءة التي تلحق بهن حين تصادر عفويتهن و إيهامهن أنهن يقمن بعمل فاضل و تتم الدعوة لكل الطفلات المشاهدات للإقتداء بهن.
هل يعني أن من ينشرون تلك الدعاوى يعتبرون أن رجال هذا المجتمع يعانون من انحراف جنسي تجاه الأطفال بحيث أن وجدانهم غير قادر على إدراك العواطف الطبيعية المميزة بين الإحساس بالطفولة و بين الإثارة الجنسية.
أتمنى أن يدرك الرجال المثقفين أن الحجاب الذي تدفع المرأة إليه يتعلق بهم بقدر ما يتعلق بها و يحمل لهم رسالة تعبر عن رأي المجتمع بوجدانهم .