نوال السعداوي - الأنثى الثائرة



دينا سليم مطانس
2004 / 5 / 28

انها الدكتورة نوال احمد السعداوي مصرية المنشأ، ولدت في سنة 1932 في قرية ريفية فقيرة تدعى كفر تهلة ونشأت في بيت فقير تقليدي مكون من احد عشر فردا. بالرغم من البيئة المحافظة والحياة البسيطة اصرّ والدها على تعليمها وتثقيف ابنائه فهو احد رجال التعليم في مصر، وصل الى درجة مدير عام للتعليم في وزارة التربية والثقافة، ترك القرية ليستقر في القاهرة من اجل اتمام تعليمه والحصول على شهادات عليا، توفي سنة 1959 مخلفا وراءه ابنة ثائرة مناضلة متفوقة.

تعلمت نوال في مدرسة منوفي الابتدائية فمدرسة حلوان وفي سنة 1948 دخلت كلية الطب، قصر العيني في القاهرة، ثم الى جامعة كولومبيا، نيويورك.

حصلت نوال السعداوي في سنة 1955 على الدكتوراة في علم النفس فعملت في مجال اختصاصها الى ان اصبحت مسؤولة بوزارة الصحة وعضوًا في نقابة الاطباء المصرية واتحاد الادباء والجمعية الادبية المصرية، جمعية الثقافة الصحية والاتحاد الدولي للدفاع عن حقوق المرأة والاتحاد الدولي للثقافة الصحية واتحاد خريجات الجامعات في مصر، وهذا ان دلّ على شيء فيدل على شجاعة امرأة وجرأتها في الوصول الى تحقيق اهدافها الطموحة مما ادى بالمعارضة محاولة النيل منها واجهاض مسيرتها العلمية وآرائها المناهضة لمركز المرأة المصرية، بؤس الفلاحين، حياة الفقر والتخلف الثقافي والحضاري.

أصبحت تنشد الحرية وتحاول كسر القيود، تطالب بالعدل والمساواة، افساح المجال للمرأة والتعبير عن آرائها حتى لو كانت تعارض آراء الذكر.

ساندت المرأة على التخلص من آفات وعادات اجتماعية بالية، كتبت وانتقدت فانتُقدت. صبّت جام غضبها على الورق فانتصبت امامها المعتقلات والسجون. اخذت على عاتقها مساندة المرأة المظلومة فتظلم وتجنّى عليها المعارضون ونعتوها بأسفه الصفات.

بقدر ما أحبت وطنها كرهت الفساد، حاربت الصراعات الاجتماعية والطبقية وكانت اول من تطرق لمواضيع مغمورة محرمة (كختان البنات ومواضيع اخرى تمس الدين).

استطاعت نوال السعداوي الجمع بين الطب والادب، فضلت الادب الذي غلب على مكنوناتها، حوافزها وهواجسها، صرحت اكثر من مرة ناقمة لأنها خلقت انثى داخل مجتمع ذكوري بحت.

عاشت معاناة المرأة شاهدة على صراعاتها البائسة من اجل البقاء وهضم حقوقها، آلمها اسلوب حياة المرأة التي كانت تساق الى الذل رغما عنها فكتبت عشرات الكتب تنتقد وتتذمر وعشرات الروايات تعكس من خلالها حقائق مكبوتة وأسرارًا مكتومة، تهاجم انظمة بالية مما ادى الى ملاحقتها ومحاولة الايقاع بها خاصة بعد نشر كتابها (المرأة والجنس) فاعتبرت ملحدة ومنع انتشاره في مصر مما اضطرها اصداره في لبنان سنة 1972 وهو الدافع الرئيس لاستقالتها من منصبها مرغمة من وزارة الصحة، فقدت وظيفتها كرئيسة تحرير لمجلة (الصحة) وككاتبة عامة مساعدة لجمعية الاطباء في مصر؟

قامت نوال السعداوي بابحاث شتى تتناول اسباب الاضطرابات العصبية التي تصاب بها المرأة وتوجتها بكتاب يحمل عنوان (المرأة والعصاب في مصر) استندت بابحاثها على عدد من النساء داخل السجون والمستشفيات للامراض العقلية، كانت هذه الخطوة الجريئة السبب المباشر والقوي بصد الابواب بوجه ثائرتنا المذكورة. حرمت من عملها في أي وظيفة عامة، هددت حياتها وتعقبها بعض المتشددين فدخلت السجن بتهمة شتم المعارضة والنظام، فتبقى داخل زنزانة انفرادية في سجن القناطر. السجن والقهر لم يكبحا جماحها ولم يمنعاها من ممارسة القلم فكتبت بقلم كحل على محارم ورقية وتصدر بعد خروجها (مذكرات من سجن النساء) حيث واصلت من خلاله انتقاد نظام الحكم، تفشي الفساد واضطهاد المعارضين والمثقفين، فاصبحت حياتها مهددة من قبل بعض المتطرفين فأمر لها بحراسة بيتها الكائن في حي الجيزة بالقاهرة.

عملت الدكتورة نوال السعداوي سنة 1978 بالامم المتحدة كخبيرة في شؤون المرأة وبرامج التنمية في دول افريقيا، ثم في الدول العربية وما لبثت ان تركت وظيفتها بعد سنتين كي تتفرغ في كتابة الرواية والقصة فما زالت تكتب حتى يومنا هذا وتعمل اكثر من عشر ساعات يوميا تدون فيها مذكراتها وسيرتها الذاتية، ولن ننسى فضل زوجها الدكتور شريف حتاتة عليها فهو داعمها، يشاركها الرأي، يتعاون معها، يؤيدها ويقف مساندا امام الخصوم والمعارضين. وهو ايضا كان قد عانى من حياة السجن حيث امضى داخل القضبان ثلاث عشرة سنة من حياته.

لا يمكن ان نتجاهل الدور الذي قامت به الدكتورة نوال السعداوي في اثناء حرب الخليج سنة 1991 ورأيها المعارض للاحداث الدموية التي اعتبرتها تدخلا امريكيا في شؤون الدول العربية واكدت في حديث لها ان الازمة لا بد وان تحل على المستوى العربي.

ترجمت كتب الدكتورة نوال السعداوي الى اكثر من 12 لغة عالمية واستطاعت نيل رضا وتأييد القراء العاديين من الشعب، رجالا، نساء وشبابا على السواء، فبيعت كتبها وانتشرت جميعها وحققت اسمى النجاحات.

من بعض مؤلفاتها، (حنان قليل) سنة 1961، (لحظة صدق) سنة 1962، (الخيط والجدار)، (كانت هي الاضعف) سنة 1979، (موت معالي الوزير) سنة 1980، (معركة جديدة في قضية المرأة) سنة 1992 وغيرها العديد، فلها اكثر من خمسة وثلاثين مؤلفا، وهناك مؤلفات عديدة أعيدت طباعتها مرارا.