عن ضرب شاذات النساء في شرع خاتم الأنبياء



حمادي بلخشين
2009 / 10 / 16

وجدت في بريدي الألكتروني رسالة مهذبة ـ و ما اقل الرسائل المهذبة ـ تقول صاحبتها
مرحبا .. لقد قرأت مقالتك اليوم وكنت اود لو كان بالامكان ارسال تعليق ولكنك لا تود استلام اي تعليق ولا ادري لماذا . انا من المؤيدين للدكتورة وفاء سلطان وكنت اقرا ردك الهادي عليها وكنت قد اقتربت اقتنع بانك انسان رائع الى ان وصلت الى الفقرة التي تخص ضرب النساء فشعرت حينها بالغضب الشديد منك ارجوك ان لا تحاول تجميل القبيح ...
تحياتي لك ... س
الردّ :
سيدتي" س" تحية طيبة و بعد.
أوّلا :
لما كان الله أعلم من غيره بعباده( هو أعلم بكم إذ انشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنـّة في بطون أمّهاتكم) (ألا يعلم من خلق)ـ قرآن ـ و لما كان سبحانه يعلم أن من بين خلقه فئة معدنها أغلى من الألماس، و أخرى أرخص من الغبار المداس...و لمّا كان سبحانه يعلم ايضا أن من بين خلقه فئة عزيزة النفس، مرهفة الحسّ، يغنيها التلميح عن التصريح، و تكفيها الغمزة عن التلويح، في مقابل فئة اخرى غليظة الطبع من لا تفهم بغير اللمز و الدفع.(1) لما كان الحق تعالي قد أحاط بكل ذلك علما، فقد انزل الينا صيدلية تضم علاج و إصلاح الفئتين معا، فجعل للصنف الثاني من عباده علاجا استثنايا وان كان مرّوعا و منفّرا وغير حضاري في الظاهر، فشرع حمل السيف و المدفع لمن رفع السيف و المدفع في وجه رعيّته، كما جعل الجلد العلني عقوبة من شابه الحمير فزنا في الطريق العام كما وجعل الضرب لمن استحلت من النساء ما يصلح حال الدابة العجماء...ولئن سألتني لماذا الضرب. احيبك : لأن الله سبحانه يعلم أن هذا الصنف من العلاج هو المطلوب! لا تعجبي نعم مطلوب من قبل " الضحيّة" نفسها التي تنتمي الي الصنف الرديء من الناس اي الغليظ الإحساس... حتى اثبت لك ذلك ،هاك سيدتي هذا الخبر الذي اوردته جريدة الحياة في عددها 12740 بتاريخ 18/1/1998 فتحت عنوان " تريد الطلاق لأنه لم يضربها كفا واحدة " كتبت تقول " رفعت امراة قضية ضد زوجها تطلب فيها منه التفريق لأنه لم يضربها ابدا خلال علاقتهما الزوجية التي استمرت سنوات عدة، لكنها رفضت ان يضربها أحد غير شريك العمر، و كتبت صحيفة البعث الرسمية ان السيدة المعذبة لجأت الى الشرطة في مخيم جرمانا قرب دمشق للسعي الى تفريقها عن زوجها، و نقلت عن السيدة من دون ان تسميها انها حاولت اصلاح زوجها مرات عدة لكن من دون جدوى،" فهو لم يضربني خلال فترة زواجنا الطويلة كفا واحدة، بل انه يعاملني معاملة حسنة و يقف في المطبخ لساعات طويلة وزادت :" اذا طلبـــت منه الوقوف خارج المــنزل فهو يفعل ذلك و يطيع اوامري، وان طلبت منه ان لا يريني وجهه فهو يذهب الى غرفة اخرى الى أن آمره بالعودة و تابعت المعذبة في حديثها الى رئيس قسم الشرطة :"اشتهي يا سيدي ان يعاملني كامرأة ويضربني أو يهزني، لقد سئمت الحياة مع زوج اشعر عبره اني انا الرجل و هو المرأة" . و من دون ان تعترف انها مازوشية قالت:"لا بد ان يضربني من وقت لآخر، و تاثرت الشرطة بوصف السيدة لحياتها الزوجية و تطوع احدهم ليخدشها في وجهها فلم توافق لأنها تريد هذه الخدمة من شريك عمرها ! انتهى الخبر
الضرب في التشريع الربّاني لا يراد به أبدا لا الإيلام ولا الإهانة ولا التنفيس عن غضب مكتوم... بل يمارسه الزوج العاقل و الحكيم بدم بارد ـ وهو يضحك في دخيلة نفسه ــ... ضرب يراد به ارجاع السكينة الي عش الزوجية و إحلال الأمان فيه لتجنيب الأطفال مشقة العيش في جوّ اسري يسوده التوتّر و تسمّمه النزاعات التي تترك آثارها الدامية و الأبدية في ذاكرتهم الغضة و نفوسهم البريئة التي تسجّل كل شيء لتتشكل معالمها على ضوء تلك الفواجع و الاهتزازات العائلية التي قد تكرّه اليهم الحياة الزوجية الي ابدا الدهر . و قد شرع الضرب لتجينيب تفرق الشمل و ترك الأطفال الضحايا يعيشون في بيت بلا أب او في بيت به زوج أمّ بغيض.
................................................
ثانيا :
الضرب الظالم وغير المبرر و غير المستعمل كالمشرط في الجراحة اي كحل نهائيّ، إجراء لا يلجا اليه الرجل الفاضل، لأجل ذلك قال النبي محمّد ( لا يضرب خياركم) كما استهزء عليه السلام بمن ضرب زوجته نهارا و جامعها ليلا...و لأجل تلك الحرية المتاحة من قبل ازواج منضبطين باوامر الشرع كثرت مشاكسات ازواج النبي له، حتى انهن كان يغضبنه فيهجرهن احيانا و يتصرفن تصرفات تثير غضب اي رجل ...ذات مرة احضرت احدى زوجاته طعاما وقدمته له في غير يومها الذي اعتادت استقبال النبي فيه فقامت الزوجة الأخرى فأخذت صحفة الطعام ثم صبّتها على رأس ضرتها كل ذلك و النبي يتبسمّ.. ذات مرة ذهب صحابي ليشكو زوجته التي تناقشه بندية لعمر فلما وصل دار عمر بلغه صوت زوجة الأخير وهي تصيح فيه دون ان يسمع من الفاروق ما يسيء للزوجة!! فرجع الشاكي على اعقابه مستحييا!...
أمّا وقد فشا الظلم في بلاد المسلمين بفعل الإنقلاب على مؤسسة الشورى التي تفرز الإداري الصالح و الكفؤ و بفعل جبن الرخويات المعمّمة التي يصنعها الحاكم على مقاسه و بفعل غياب جهاز القضاء النزيه و المستقل وعدم وجود الإعلام الحرّ و الشجاع، أما وقد تحولت بلاد المسلمين الي سجن رهيب، تنتهك فيه الأعراض و يهان فيه الرجال من قبل النظم الإرهابية، أما وقد اصبح القهر و الفقر و الحرمان و التوتر و الإحباط و انسداد الأفق هم القاسم المشترك في بلادنا الإسلامية، فلا عجب ان يجد الرجل المقهور و المحبط متنفسه الوحيد في الحلقة الأضعف، في أهون موجود و أعز مفقود، في حمّالة الأسيّة، في الطيبة التي ترضيها البسمة وتكفيها الكلمة الحلوة و اللمسة الحانية لتصالح معتدى اليوم و الغد و بعد الغد... أي ان يجد متنفسه في المرأة الضعيفة ليمارس معها سياسة منهجية عبّر عنها الممثل دريد لحام ذات مرة رجع منها مفكك الأوصال اثر جلسة تعذيب حكومية حين قال لها "هم يضربوني، و انا اضربك، و أنت أضربي الولد، و الولد يضرب بن الجيران!".. ومن لم يضربه منا الحاكم بسوطه ضربه تسونامي الأفلاس و و سحق عظامه زلزال الحرمان و ضيق اليد و التوتر و القهر.
..........................
اذا كان الإسلام هو إطاعة حاكم مجرم لا يختلف عن رئيس عصابة، بذريعة ان الله قد اختار ذلك الحاكم الوراثي السفيه ليركب ظهرك وما عليك الا الصبر حتى القبر
اذا كان الإسلام هو ابراز المرأة في صورة عفريت اسود منقّب يسوء الناظرين يجوز جلده في كل مناسبة وحين، وعلى الفاضي و المليان باسم رب العالمين .
اذا كان الإسلام هو بن لادن المشعوذ و المتخلف و المتحجر الفكر ، قاتل النساء و الأطفال وتارك قتلة الشعوب في امن و سلام.
اذا كان الإسلام هو اعتبار المراة اهون من الكلب و الحمار لئن الكلب و الحمار لا يفسدان صلاة "سي السيد" في حين تفسدها المرأة.
اذا كان الإسلام هو اضطهاد المرأة و اعتبارها ناقصة عقل و دين
اذا كان الإسلام هو الكاهن احمد بن حنبل عدو الشعب و الإنسان اذا كان الإسلام هو الراهب الشافعي الذي يجعل مس المراة من قبل زوجها يبطل ؤضوءه
اذا كان الإسلام كذلك فهو و الجحيم سواء لأنه اقبح ما يكون القبح قبيح الي حد لا يمكن لأي أحد تحسين قبحه الأبديّ ولو اوتي مهارات الدنيا و لو استعمل كل مساحيق العالم .
و لكن الإسلام يا سيدتي غير ذلك وان كان يبدو في الظاهر اقبح من فرنكشتاين... الإسلام يا سيدتي محلّ مجوهرات مطليّ بالزفت! الإسلام قضية رابحة ـ وهذه العبارة للمستنير محمد الغزالي ـ مسكها اخيب المحامين و افشلهم... فعدو الأسلام الأول هم من يتكلمون باسمه..
الإسلام تمثله الأن أسوأ و اسخف و أطرف و اذلّ أمة أخرجت للناس، كما يتكلم باسمه أسوا كهنة عرفتهم البشرية كهنة ليسوا ناقص عقل ودين بل ناقصي عقل و دين و ذيل و قرنين و حافرين و بردعة و سرج، كما يمثله اغبى اتباع دين حملتهم الأرض منذ خلقها الله.
الإسلام الصحيح اسلام الله... لا اسلام الملك.. هو اسلام ابي حنيفة الرجل العقلاني الشجاع و المكروه رسميّا (2) الذي جعل دية المراة مساوية لدية الرجل و جعل القاتل المسلم يقتل بضحيته الكافر، ابو حنيفة الذي قتل تحت التعذيب لأن رفض تسلم اي منصب حكومي ثم لأنه ساعد بالفتوى و المال الخارجين على مؤسسة الخلافة الفاسدة و الغير شرعية.
الإسلام هو غيلان الدمشقي، و الجعد بن درهم، و معبد الجهني و سليمان الحلبي وخالد الإسلامبولي... شهداء الحرية العظام... الإسلام هم المعرّي... معرّي الحكّام و كهنة السوء.. الرجل الذي قال قديما الناس صنفان متدين بلا عقل و عاقل بلا دين وان كان خالف قوله لأنه هو نفسه من اعقل المتدينين!
الإسلام هو غزالة الخارجية القائدة الميدانية التي هاجمت الحجاج في عقر مقر قيادته ففرر من امامها.
الإسلام هو زينب الغزالي التي عذبها عبد الناصر تعذيب الرجال حين رفضت مقابلته كي يحتويها كما احتوى غيرها من الإخوان المسلمين ( انظري كتاب ايام في حياتي)
أخيرا
لم اسمح للقراء بالتعليق لأنني تضررت كثيرا في مواقع سابقة وفي موقع الحوار المتمدن بالذات من تعليقات جارحة لا يراد منها غير الإهانة الصرفة و التحقير المحض، خصوصا ولدي من الهموم و ضيق الصدر و التبرم من حياة بغيضة تمثل لديّ ورطة ومازقا، ما يكفي جيشا كاملا فشتيمة واحدة قد تكلفني احيانا يوما كاملا من الإكتئاب.. اما اذا قلت وماذا عن شتائمك انت؟ اجيبك: كل من اشتمهم لوجه الله و الإنسانية من كوادر أخوانية و كهنوتية و رئاسية يستحقون الخازوق!
......................
ليس من الضروري ان نتفق، المهمّ أن يحترم بعضنا راي الأخر. و الأهم من ذلك ان نتفق على وجوب حبّ الإنسان المضطهد و التعاطف معه مها كان دينه و عرقه و ثقافته لأن "خير الناس انفعهم للناس" (3) و لأن "الله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه" (4).
مع تحياتي الخالصة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وقد كشف الخالق لنا عن بعض حكمته في خلق الفئة الشاذة و المؤذية والرخيصة عند قوله ( ليبلو بعضكم ببعض) أي ليبلو صبرنا على نكد زوج او سوء ادب ولد او ليبلو موقفا خنوعا او مقاومة لظلم دكتاتور... وعلى اساس موقفنا يكون جزاؤنا.
(2)اذا سمعت كلمة "رأي الجمهور" فذلك يعني راي الأئمة الثلاثة ابن حنبل و مالك و الشافعي في مقابل راي ابي حنيفة المنبوذ دائما، لأن الرجل العظيم لا يعتمد الا على احاديث قليلة توافق مقاصد القرآن في احترام الانسان.
(3) و (4) حديثان.