حواء والحجاب



علي الزاغيني
2009 / 10 / 20

قبل كل شئ أود أن أوضح بان موضوعي هذا ليس ثورة لارتداء الحجاب ولا الغرض منه ثورة اخرى ضد ارتدائه لأنه لا يمكننا أن التدخل في الحريات الشخصية لكل امرأة فهي حرة بما ترتدي ولها ماتملك من شخصية حرة .
لقد فرض الدين الإسلامي الحجاب للمرأة لأنه مكمل لها ويجعلها محصنة من أنظار الرجال وتكون لها شخصية معينة بعيدة عن التبهرج والزينة المجلبة للشبهات.
أذا عدنا الى سبعينيات القرن الماضي وحتى الثمانيات منه نجد ان اغلب النساء لم يرتدين الحجاب وبالخصوص طالبات الجامعة والمثقفات وكان الجميع ينظر إليهن بعين الاحترام والرضا لان اغلبهن يعملن مربيات للأجيال في مدارسنا ومختلف دوائر الدولة وفي كافة المجالات .
قد تكون لموجة الخوف التي اجتاحت البلد بعد السقوط انتشرت ظاهرة الحجاب بين النساء وحتى الفتيات اللاتي لم يبلغن سن الرشد خوفا ممن يدعون الإسلام ويتخذون من الدين وسيلة لتحقيق غاياتهم .
يعني هنا ان الحجاب الذي ترتدي المرأة في الوقت هو عبارة خوف من سطوة البعض وليس ايمان وقناعة بما ترتدي وقد اتخذ البعض من شماعة الحجاب الطابع الديني للقتل والسلب والتشهير والتهجير للإساءة للإسلام ونهجه الكريم .
حتى انه البعض من أخواتنا من الديانات الأخرى تعرضن للأذى والتهديد من اجل ارتداء الحجاب وكان في ارتدائهن إساءة للحجاب وللدين الإسلامي الحنيف .
الحجاب لدى البعض قد يكون عادة او تقليد تتخذها العائلة لخروج بناتها من البيت لان العادات والتقاليد لا تسمح لها بالخروج الا بارتداء الحجاب وخاصة اذا كانت موظفة او طالبة وحتى ان كانت ربة بيت فلا يسمح لها بالخروج ألا اذا ارتدت ملابس محتشمة وهنا نتحدث عن مدن المحافظات الجنوبية والغربية والقرى والأرياف وحتى عدد من مدن عاصمتنا بغداد.
تختلف أراء المجتمع ونظرته للنساء اللواتي لا يرتدن الحجاب فتختلف هذه النظرة من مجتمع الى اخر ومن فئة معينة الى اخرى فالبعض يعتبر المرأة التي لاترتدي الحجاب امرأة متحضرة وعنصر فعال في المجتمع وسيدة ناجحة وعليها يرتكز بناء مجتمع متعلم ومثقف . وينظرون الى المرأة المحجبة او التي ترتدي الزي الشعبي العراقي على انها متخلفة او امية وليس لها دور فعال في المجتمع .
والبعض الاخر يعتبر المرأة الغير محجبة امرأة خارجة عن تقاليد المجتمع وعاداته وينظر اليها بعين الشك والريبة وكل حسب اعتقاده وثقافته والبيئة التي يعيش بها .
وللوقوف على الجانب الشرعي للحجاب وشروطه توجهت الى احد مساجد عاصمتنا بغداد والتقيت بالسيد
حسن الحيدري امام احد المساجد في بغداد فبين الغاية من الحجاب وسبب ارتدائه :
بسم الله الرحمن الرحيم
وإذا سئلتموهن متاعا فاسئلوهن من وراء حجاب ---- صدق الله العظيم
الاحزاب (53)
عن مفهوم الحجاب وسن التكليف للحجاب اجاب السيد الحيدري :
الحجاب هو ستر المرأة رأسها وجميع أجزاء الجسم عدا الوجه وكفين اليدين , وعند بلوغها تمام التاسعة من العمر بالسنين القمرية عليها ان تتحجب .
وعن نوع الحجاب وشروطه اجاب :
ان لا يكون الحجاب فيه زينة تجذب اليها نظر الرجل الأجنبي وتلفت الانتباه اليها سواء بالالوان الزاهية او التطريز او التفصيلات الخاصة بالحجاب وغيرها .
واضاف السيد حسن الحيدري قائلا :
يجب على المرأة ان تتحجب عن جميع الرجال الاجانب وهم ابن عمها وابن عمتها وابن خالها وابن خالتها والأبعد والأبعد وهكذا.
عن الزينة والحركات التي يلزمها تركها اجاب السيد الحيدري :
ان كل ما يعتبر زينة للمرأة يلزمها ان تركه والامتناع عنه كالذهب والالوان الزاهية او التطريز او التفصيلات الخاصة بالحجاب وغيرها .
وان تترك جميع الحركات التي تثير الرجال الغرباء بل وكذلك المحارم اذا كانت الحركات تدعو لاثارة شهوة الرجال الا زوجها فانه يلزمها ان تعمل على اثارته سواء بنظراتها او بحديثها بصوت مثير او بطريقة مشيها وتحريك جسدها او أبراز تلك الأجزاء من وراء ثيابها بل يلزم ان يكون حجابها ساترا لجميع مفاتن جسدها .
وعن التأثيرات النفسية للحجاب أجابنا السيد حسن سعد عودة (باحث نفسي) :
شرعت التقاليد الإسلامية بوجوب ارتداء المرأة الحجاب لما له من قيم أخلاقية وتربوية كبيرة ومنع النساء من أظهار زينتهن للرجال الأجانب .
ومن هذا المنظور فقد توشحت المرأة بزينة الحجاب مما طغى على شخصيتها قوة وهيبة انعكس ايجابيا للنظرة للمرأة المحجبة وبعث فيها ارتباطات نفسيا لانه قلص لديها الوقت والجهد والمال في تصفيف الشعر وتزيينه خاصة اذا علمنا بزخم عمل المرأة وخصوصا المرأة الموظفة مما يتحتم عليها أكمال جميع واجباتها المناطة بها .
وهناك الكثير من النساء يستائن من الحجاب ويعتبرنه تقيد وعنصرية من الرجال مما يؤدي الى شعورهن بالاضطهاد والعبودية مما يؤثر سلبا على نفسيتها وتمردها ضد القوانين الشرعية والعادات والتقاليد الاجتماعية فحري بنا نحن المسلمون ان نوصل النساء الى القناعة بدل الإجبار على ضرورة ارتداء الحجاب حتى لا ينعكس سلبا على نفسيتها .
لمعرفة الآراء حول الحجاب وأسباب ارتدائه استطلعنا أراء بعض الإخوة وكذلك الأخوات المحجبات وغير المحجبات لبيان رائيهم وكما يلي :
السيدة شذى جبار ( أمينة مخزن ) تقول في حديثها عن الحجاب :
الغاية من ارتداء الحجاب هو أرضاء الله سبحانه وتعالى قبل كل شئ لأنه ستر للمرأة من أنظار الرجال
وعن كيفية ارتدائها الحجاب أجابت :
على الرغم من إنني ارتديت الحجاب متأخرة بعد الزواج لكنني اشعر بالسعادة والراحة لارتدائه لأنني ارتديته عن قناعة وإيمان بالله وليس خوفا من احد .
وأنني نادمة جدا لتأخري في ارتدائه مما دفعني الى الضغط بجعل بناتي يرتدين الحجاب .
علياء مهدي (محاسبة ) كان لها راي اخر
نظرة المجتمع الى المرأة وكذلك لظروف الأمنية والإرهابية دفعني الى ارتداء الحجاب ولازلت ارتديه بعد ان تعودت عليه وأصبح حالة قناعة وإيمان وليس خوف ولا افرضه على ابنتي لترتديه فهي لها حريتها ولكنني أبين لها ماهو الحجاب وماهي الغاية منه .
الدكتورة ناهده التميمي كاتبة عراقية مغتربة

انا لست محجبة ولكني اعرف ومدركة ان العراق بكل طوائفه ذو نزعة دينية ومحافظة ومجتمع مازالت للأعراف والتقاليد فيه مكانة ترقى الى المقدس .. الحجاب تلبسه بعض النسوة والفتيات كتقليد عائلي وليس له
علاقة بالتدين ,فهو ان صح التعبير في هذه الحالة عادة وليس عبادة .
,, .. الفتاة هنا تنمو في بيئة تجد فيها أمها وجدتها وأسرتها يرتدون الحجاب فتختاره كشيء مكمل للجو العائلي .. او انها تختاره عن قناعة ودراية وتدين وتعتبره واجب وفرض إيمانا بالآية القرآنية ( وأدنين من جلابيبكن ) وليس بالضرورة كل من لبست الحجاب متدينة وملتزمة وليس بالضرورة أيضا كل من لم ترتدي الحجاب هي غير متدينة او ملتزمة ..
وفي الفترة الأخيرة وبعد التغيير ساد جو من الخوف وعدم الاطمئنان بسب الانفلات الأمني وضياع القيم واختلاط الأوراق مع بعضها وفرض بعض الأحزاب والمنظمات الدينية او الإرهابية شروط صارمة وقاسية على النسوة والفتيات مثل القاعدة وبعض الأحزاب التي فرضت الحجاب بشكل قاسي حتى على المسيحيات في الجامعات او راحت تفصل بين الخيار والطماطة في الأسواق او ألبست العنزة مايستر مؤخرتها .. .. مثل هذه الأجواء أرغمت العائلات على ان يفرضوا الحجاب على بناتهم حفاظا وخوفا عليهن من إجراءات صارمة بحقهم قد تصل حد الموت فيما اذا رفضن التحجب .
ولكن في زيارتي الأخيرة للعراق لاحظت شيوع الأمن النسبي وجو من الاطمئنان مما جعل الكثير من الفتيات يخلعن الحجاب الذي فرض عليهن قسرا بينما احتفظت أخريات به عن قناعة او بضغط من أهاليهن .. الحجاب لباس ديني واجتماعي وأظن من الخطأ ان نفرضه على المرأة بالقوة او نمنعها منه بأساليب قهرية .. فهي حرة ويجب ان يكون ارتداءها له عن قناعه ولا يفرض عليها خلعه بالقوة أيضا .

الشاعرة دلال محمود عراقية مغتربة في المانيا : تقول في حديثها عن الحجاب
ان الحجاب يعني لي هو حجاب النفس ,ووضع قطعة قماش على الرأس بقياس ربع متر لا أظنها جديرة بان تكون مقياسا على عفتة المرأة ونقائها ,لان النقاء ينبع من داخل الروح .
وهنا ياتي دور البيئة والمجتمع كي يجعل من المرأة أنسانا محترما ينظر أليها من الدرجة الأولى وليس من الدرجة الأدنى باعتبارها تكون نصف المجتمع وباعتبارها هي التي تربي وتعد الاجيال التي سيعتمد عليها البلد .
انا اشمئز من الحجاب لأنه بات تجارة سهلة وبات غطاءا وبات موضة العصر بحيث ان المحجبة أصبحت تغري أكثر من السافرة.
مع احترامي لكل أخواتي المحجبات والسافرات واعتزازي الشديد بكل من تحمل اسم العراق الجريح.
نادية كاظم (كاتبة طابعة ) عندما سألتها لماذا ارتدت الحجاب اجابت :
ارتديته ايمانا وقناعة رغم تأخري في ارتدائه رغم كنت غير ملتزمة به بعض الشئ ولكني عودت نفسي على ارتدائه .
ماذا يعني الحجاب؟
الالتزام والإيمان بالله على الرغم من انني غير ملتزمة به بصورة شرعية لكون الحجاب الاسلامي متقيد بعض الشئ ولا يوازي تطور العصر الحالي .
وعن رائيها بالقوة التي تستخدم لارتداء الحجاب من المتشددين او الأهل اجابت :
لايجوز في الإسلام فرض الحجاب باستخدام القوة لان الإسلام دين تسامح وايمان وقناعة فربما الحديث أفضل الف مرة من القوة وكذلك يعتبر اضطهاد للمرأة وتدخل في حريتها الشخصية وإساءة للدين الإسلامي
تروي لي الزميلة نادية هذه الرواية عن مدى التخلف الواضح لدى البعض في مجتمعنا تجاه المرأة والحجاب تقول في زيارتي الى احد المستشفيات في بغداد للعلاج وانا انتظر دوري رأيت امرأة تحمل طفلة صغيرة لا تتجاوز من العمر خمسة أشهر تحملها والدتها وكانت هذه الام تغطي راس الطفلة فطلبت منها ان ترفع هذا الغطاء من على راس الطفلة لان الجو حار فإذا بالأم تقول أنها محجبة وان والد الطفلة لايسمح لها بذلك .
لاحظوا مدى التخلف والجهل هل أوصى الإسلام بذلك ام هي مشيئة الأب اراد ان يفرض قيود على هذه الطفلة البريئة .
اما الانسة ريمة عبد الحسن فكان لها رائ اخر
في شهر رمضان الكريم في احد السنوات السابقة ارتديت الحجاب لكوني أصوم شهر رمضان كل عام واستمرت في ارتدائه عن قناعة وانا فخورة به على الرغم من تاخري في ارتدائه فهو مكمل للدين الاسلامي ولأناقة المراة .
وتضيف :انني لا استطيع ان اعبر عن رائي في الحجاب الذي ترتديه أخواتنا حاليا فلكل امرأة لها حرية الاختيار فيما ترتدي .
السيد انعم الشيخلي : كان له رأي أيضا في حجاب المرأة
الحجاب هو ستر لجميع أجزاء جسم المرأة ماعدا الكفين والوجه ودون مبالغة ويجب ان ترتديه عن قناعة بعد بلوغها بعد توجيه الاهل وتبيان غاية الحجاب والغرض منه ولكن على مراحل لكي لاتكره الحجاب ولكن ليس كل من ترتدي الحجاب هي امراة مستقيمة وصالحة والتي لاترتديه هي عكس ذلك .
الآنسة افراح الموسوي : تقول عن الحجاب :
بانه أجمل شئ للمرأة وتعتبر البيئة أساس كل شئ فالمرأة تتبع البيئة التي تنشا بها وكذلك تربية العائلة وتوجيه الاهل لها .
ولكن الحجاب الحالي لايمت باي صلة للحجاب لكونه خوف او موديل لغرض عرض الملبس بطريقة مثيرة لجلب النظر .
السيدة أسيل القيسي : كان لها رائي بالحجاب :
لكوني كنت أؤدي الفرائض الإسلامية لذا قررت ان ارتدي الحجاب بعد إكمالي الدراسة الإعدادية ولكون الدراسة الجامعية مختلطة وبدون اي ضغط من العائلة .
وتضيف ايضا بعد الحرب أصبح إقبال النساء والفتيات على الحجاب خوفا من سطوة المسلحين المتسترين بالإسلام والأوضاع الأمنية التي مر بها بلدنا الحبيب و لكن بعد التحسن الذي طرا على الوضع لاحظت هناك من استمرت في ارتدائها الحجاب والبعض الاخر تركن الحجاب لأنهن لم يرتدنه عن قناعة .
الانسة لمياء الربيعي :عن الحجاب تقول
انا لست ضد الحجاب ولكن يجب ان تحترمه كل من ترتديه لان الحجاب ليس غطاء الرأس فقط وانما يشمل جميع اجزاء الجسم .
ورغم موجة العنف الا انني لم ارتدي الحجاب ولم أتعرض لاي ضغط من اجل ارتداءه .
وتضيف ايضا: ان الحجاب كما نراه يختلف حسب عمر المرأة ومكانتها في المجتمع فالفتاة التي في سن العشرين حجابها يختلف عن المراة التي تجاوزت سن الخمسين وكذلك حجاب ربة البيت يختلف عن الموظفة .
الآنسة بريفان لها رائي مغاير عن الحجاب
الحجاب امر قابل للخضوع ولكن لم ارتديه لحد الان لعدم قناعتي حاليا وأفكر في ارتداءه لكي لا ينظر الي الرجل كشخصية جسد وليس كيان له قيمته في المجتمع .
وفي موجة العنف والإرهاب لم أتعرض لاي ضغط جعلني ارتدي الحجاب ولكنني كنت اسمع من التعليقات والخرافات ما لم يصدقه العقل وأي إنسان ملم بالثقافة .
أود أقول بان الفرق بين الحجاب الإسلامي الصحيح والحجاب الحالي فرق شاسع جدا لايتعدى ان يكون مجرد قطعة من القماش توضع على الرأس لا أكثر ولا تفرق المرأة التي لاترتديه عن التي ترتديه لاشئ يذكر سوى هذه القطعة من القماش التي لاتتعدى الربع متر حسب قول الكاتبة دلال محمود.
ولكن ان يتدخل البعض في فرض الحجاب وغيره على المرأة ان ترتديه فهذا أمر مرفوض من قبل الجميع ولايمكن لأي جهة مهما كانت ان تفرضه لان ذلك تدخل سافر في حقوق المرأة وتقيد لحريتها الشخصية في المجتمع ولكن يمكن للعائلة ان تقوم بإعطاء الإرشادات والنصائح عن الغاية من الحجاب للمراة .
وقد لاحظت ان البعض من النساء ارتدن الحجاب لحصولهن على وظيفة كما حصل لأحدهن عندما تقدمت للتعين وكان احد الشروط هوان ترتدي الحجاب مما حدى بها الى ان ترتدي الحجاب عند دخولها مقر عملها وخلعه بعد انتهاء الدوام مباشرة وهي طريقها الى منزلها .
وان اغلب من هؤلاء المحجبات لا يرتدهن بعد انتهاء الدوام الرسمي عند خروجهن منازلهن مما يعني عدم وجود قناعة في ارتدائه .
واخيرا نود ان نبين هنا ان الحجاب قناعة وايمان بالله وان من ترتديه يجب ان تعطيه حقه وليس فقط ان تضع قطعة القماش على الراس لان الحجاب ليس اخفاء الشعر فقط .
وان تكون لغة الحوار والإرشاد والنصيحة في جعل المرأة ان ترتدي الحجاب وليس لغة السلاح والعنف والقتل فالحجاب اسمى من ان يرتدى بقوة التهديد لانه وقار للمرأة ومفروض عليها في شريعة الاسلام .
واودان اوضح قبل انهي حديثي عن الحجاب ان الغالبية العظمى من العراقيات يرتدن الحجاب عند بلوغهن سن معينة اي عندما تتجاوز اعمارهن اكثر من خمس واربعون سنة .
علي الزاغيني