جرعة مفرطة !!



خلود صالح الفهد
2009 / 10 / 24

كثير من النساء يعانون حسب آخر الدراسات من ظاهرة انتشار العنف الأسري في المجتمع السعودي وخاصة العنف اللفظي والعنف الاقتصادي و العنف النفسي و العنف الجسدي و العنف الاجتماعي و العنف الجنسي وكل هذا العنف ماهو الا نتيجية طبيعية للعنف الخطابي ضد كيان المرأة الذي كان يعطي بلا حساب وبلا قياس لهذه الجرعات الخطابية التي تدلس على الرجل البسيط والمرأة البسيطة وتبدأ غالبية هذه المحاضرات بإستشهادات من القرآن والسنة لتكريس تحقير المرأة بعباءة دينية وكان الإستمرار في هذه الجرعات حتى بدأت الأعراض الجانبية الناتجة عن الإفراط في بالظهور في المجتمع السعودي.

لن أستفيض في شرح خواص هذه الجرعات أو هذه الخطب فنحن الفناها وسكنتنا حتى النخاع لكن أمام هذه الأزمة التي أنتشرت وتجذرت في ثقافتنا وصارت تكيل بمكياليين مكيال للرجل ومكيال آخر للمرأة يجب أن نبحث عن جرعة مضادة فـ نحن النساء من يدفع فداحة ثمن مثل هذه الخطب التي كرست الثقافة الذكورية الدينية وأنعكست على وضعنا حتى أصبح بعض الذكور يتبجح بأن النساء هن متاع لهن فقط وأكبر دليل على أنهن متاع أنه أباح التعدد للرجل كي يغير ( عفشه ) متى شاء , أو أننا مثل عتبة الدار إستناداً لقول إبراهيم عليه السلام لإبنه أبدل عتبة داركـ حيث يعني بعتبة الدار ( زوجتكـ ) أو يكرر في كل مناسبة بأن النساء أكثر أهل النار وأن الرسول هو من أخبر ذلكـ عنهن , أو يثبت عجزها من خلال فهمه القاصر لناقصات عقل ودين أو أن يتحالف مع خطيئته ضدها لأنها تقبل وتدبر في صورة شيطان !!

هناكـ توجه اليوم يدعي بأن الدين الإسلامي هو من شرع التضييق على المرأة وحد من حريتها وأعطى الرجل الحق في الخوف المفرط حد الهوس لأن الرجل هو الوحيد المخول بحمايتها بحكم أنها ملكة وكبير الحراس ( ولي الأمر ) يجب أن يتعامل معها على أساس أنها جوهرة مكنونة يجب أن تحرس وتصان من قبل جيوش من الفحول تقف متأهبة للدفاع عنها في كل محفل لأنها ضعيفة ومرهفة الحس وعاطفية وناقصة العقل والدين معاً , في محاولة لإقناع المرأة بأن هذه الأمور للرفع من مكانتها وليس بإعتداء على حقها بل هو شرع إلهي وكل هذا من اجل إرساء صورة ثقافية متدثرة بالإسلام للرجل المتغطرس .

فـ ماذا يحدث حينما تقهر المرأة بإسم الدين ..

* تشكل لدى كثير من النساء النزعة الإنتقامية من المجتمع التي أصبحنا نراها في سلوكيات منحرفة واضحة لدى بعض النساء في حالة غياب كبير الحراس ( ولي الأمر ) .
* توجه البعض الآخر الى توجه لاديني ودخلت في دائرة الشك في الإسلام وصارت تنتقص في كل محفل من ديننا وتصفه بأنه دين ذكوري بحت .
* البعض منهن أصبحن رجالاً بالظاهر ( المسترجلات ) حتى أصبحوا مفروضين على واقعنا بشكل مخيف وصرنا نجدهم ونتعامل معهم في كل مكان حتى أني صرت أراهم في وطني أكثر من ديار الغرب الكافر .
* منهن من فضلن مضاعفة الجرعة بالمسكرات والمخدرات حتى تهرب من واقع أليم .
* والبقية الباقية آمنت بأنها عبدة مملوكة بصكـ ملكية من يد الأب الى الزوج وله الحق في أن يفعل مايشاء !!
أما نحن أنا ومن معي نقول لكم بأن هناكـ فجوات كثيرة فجوات أخلاقة ودينية وتربوية ولن يسد هذه الفجوات الا خطاب ديني مضاد لهذه الجرعات السامة خطاب ديني يحترم كينونتنا وعقولنا ودورنا وقبل ذلكـ كله يحترم ديننا فلا يلوي عنق النص الديني ليفترش قيمة المرأة , غالبية نساء المملكة العربية السعودية اليوم يدركون بأن تحجيم إرادة المرأة ليس من الإسلام ولن أسرد القصص لإن المجال لا يتسع لذكرها هنا فالتاريخ والسير وتاريخ صدر الإسلام والخلفاء الراشدين كلها حفلت بقصص نساء يتصفن بقوة الشخصية ورجاحة العقل وثبات الموقف والشجاعة والفصاحة وبعد النظر وكانت لهن مواقف مشرفة لم ندرسها في كتبنا ولم نسمعها في خطبنا ولم يخبرنا بها الوعاظ .

هل سنجد من يجرؤ من أهل التيار الديني أن يعيد هذه الخطب كي تتماشى مع وقتنا الحاضر , هل سنجد خطيباً يتحدث عن نماذج مشرقة لنساء سعوديات مبدعات شرفوا الوطن فالمرأة اليوم ترفض أن تستمع لشيخ يبدأ قوله بما قال أبن تيمية "بأن المرأة كالعبد فكلاهما مملوك" أو يهين المرأة ضمنياً من خلال خطبة دينية يوظف فيها النصوص كي تخدم الذكورية المتجذرة في ثقافتنا أو أن تنطوي خطبته على التقليل من عقلية المرأة وإظهار الذعر من وجودها أو عملها أو دراستها لمَ لا نجد فقيه شجاع يخاطب النساء اليوم بخطاب عقلاني يحترم قيمتها وكيانها وحقها في الخيار مقراً بأن المرأة السعودية دخلت ميدان العمل والعلم والثقافة والأدب والفن والرياضة والسياسة ويوظف النصوص الدينية بشكل صحيح ويستشهد بقيمة ومكانة المرأة الحقيقية ودورها الريادي في الإسلام الذي أقر بمساواة المرأة والرجل من ناحية الثواب والعقاب والعبادة والعقيدة والسلوك وهذا دليل على أن قصور عقل المرأة هي كذبة كذبوها وصدقوها هم لكن لن نصدقها نحن في زمن أثبتت فيه كثير من النساء تفوقهم على جميع الأصعدة وأن كان غالب تفوقها خارج حدود الوطن بسبب هيمنة الفكر الذكوري المتسلط , فـ معالجة الوضع القائم سيكون بيد الشجعان من الفقهاء لا أعلم أن كانوا مختبئين أو يتحينون الفرصة لكننا لا زلنا ننتظرهم حتى ننفي عن الدين كل هذه الشبهات التي ظلمت المرأة ونحتفل بنماذج مبدعة على أرض الوطن بمباركة المؤسسة الدينية السعودية .