فنانات يضربن الشغالات... وما المشكلة فهنّ خدامات ليس إلا!!



ثائر زكي الزعزوع
2009 / 11 / 18

يروى عن فنانة سورية من الصف الثاني، برعت في مجموعة من الأعمال الكوميدية أنها لا تضرب خادمتها "الفلبينية" لكنها تتصل بالمكتب الذي يشغلها فيأتي مديره ليؤدب تلك الشغالة إن أخطأت!
ويروى أيضاً أن نجمة تلفزيونية سورية أشبعت خادمتها "الفلبينية" ضرباً حتى نقلت المسكينة ابنة الثمانية عشر عاماً إلى المستشفى في حالة يرثى لها، وكان بيان التكذيب الذي أصدرته النجمة المشهورة كفيلاً بغلق باب الحديث في هذا الموضوع، ولم لا يغلق فنحن نتحدث عن شغالة لا أكثر ولا أقل؟
وللذكرى فقط فقد سجنت الفنانة المصرية وفاء مكي ووالدتها بسبب جريمة مماثلة لتلك التي ارتكبتها نجمتنا التلفزيونية ومن يتذكر وقائع القضية عام 2001 والتي ضجت بها وسائل الإعلام المصرية سيتبين الفرق الهائل في الطرح والممارسة لكلا القضيتين، فبينما نوقش الموضوع عندنا على أنه خبر عابر في موقع الكتروني أو أكثر، ولم يتم التطرق له من قبل إعلامنا المطبوع والمسموع والمرئي، وفي حين تحولت قضية الفتاة المصرية التي عذبتها وفاء مكي إلى قضية رأي عام، انطفأت قضية الفتاة "الفلبينية" عندنا قبل أن تشتعل حتى، وكأننا نتحدث عن كائن لا قيمة إنسانية له، وتناسينا أنها امرأة من لحم ودم، وهي إنسان مثلنا، وما مورس عليها من عنف مورس علينا في ذواتنا وفي إنسانيتنا...
نعم، يتشدق الكثيرون في الحديث عن قضايا النساء وحقوق المرأة ونبذ كافة أشكال العنف التي تمارس ضدها، بل ويتبجحون بأنهم لم يرفعوا يدهم أو صوتهم في وجه امرأة طيلة حياتهم، وقد أكون أنا واحداً من هؤلاء، لكننا قلما نكترث بما يحل بنساء أخريات في العالم، يتعرضن لأبشع أصناف العنف، وحين تدفعهن ظروفهن للعمل في بلد آخر مثلما ما حدث مع الفتاة الفلبينية التي ضربتها نجمتنا التلفزيونية فإننا نقف عاجزين عن رفعوا أصواتنا لنقول: إنها أنثى أيضاً...
تروي صديقتنا الممثلة المسرحية أحاديث لا تنتهي عما أسمته "طرائف الشغالات" التي تشغل صباحيات الفنانات سواء في لوكيشن التصوير، أو في استوديو ما قبل التسجيل، وتذكر قصصاً لا تنتهي عن الأوصاف التي تسبغها إحدى الفنانات على "خادمتها" والتي تبدأ عادة بـ" الحمارة اللي عندي" ولا تنتهي طبعاً "يقطع عمرها شو بهيمة".
هو عنف شئنا الاعتراف به أم رفضنا، عنف لفظي يتبعه بالضرورة عنف جسدي، فهذه المرأة التي قطعت آلاف الكيلومرات لتعمل عند فنانة سورية لا تتورع عن الدفاع عن قضايا المرأة إن سئلت، أقول إن تلك الفتاة تتم معاملتها مثلما تتم معاملة العبيد، وتنام على الأرض في المطبخ بطريقة مهينة، ولا تأكل إلا بقايا طعام العائلة الكريمة، وللمعلومة فقط فإن بعض الأسر الميسورة التي تسنح لها ظروفها بتشغيل خادمة تفضل فتاة أثيوبية على فتاة فلبينية، وقد يكون مرد ذلك إشباعاً لرغبة في إعادة أزمان الرق والعبودية...
ومرة أخرى... هل يحق لنا السكوت على هذا العنف؟
هل نستطيع التشدق بحماية أطفالنا ونسائنا إن كنا لا نحمي أطفال الآخرين؟.