أيتها المرأة أي عصر تفضلين ؟



شامل عبد العزيز
2009 / 11 / 18

كثيرا ما نسمع ونقرأ بأن المرأة في الإسلام قد وصلت إلى أعلى المراتب .. وأن النصوص الدينية قد وضحت ذلك ... وكذلك نسمع ونقرأ بأنه لا يوجد دين أرضي أو سماوي قد أنصف المرأة مثلما أنصفها الإسلام ؟ بالمقابل هناك أسئلة لا بد من أن نطرحها حول هؤلاء السيدات والسادة الذين يدعون أن النصوص الدينية قد كفلت لها الحق في كل شيء وخصوصاً إذا ما قارنا بين هؤلاء المدعين والواقع الذي نعيشه .. فحال البلاد الإسلامية عموماً والعربية خصوصاً تسر العدو و لا تفرح صديق وبدون ضرب الأمثلة ولكلا الجنسين .... سوف أحاول هنا سرد بعض المرويات عن حال المرأة في الجاهلية ومقارنتها مع واقع المرأة المسلمة حالياً خصوصاً إذا تماشينا مع القاعدة الوهمية إذا صح التعبير بأن المرأة في الإسلام ( تعيش في سبات ونبات وأنها أخر حلاوة ) ....
أول الأسئلة التي لا بد من أن نطرحها كيف كان عصر الجاهلية ؟ وكيف كان حال المرأة فيه ؟ المصادر المكتوبة ( قليلة ) عن تلك الفترة ربما لطبيعة الحياة البدوية التي لم تكن لتهتم بتدوين تلك الأمور وإنما تهتم بتدوين الغزوات والحروب .. أو لعل السبب يرجع إلى أن هناك تعتيم متعمد حصل علي هذه الفترة فلم يذكر سوى القليل عنها حتى لا نعرف ماذا كانوا وكيف أصبحنا ؟ ولكن رغم هذا التعتيم إلا أن العديد من جوانب هذه الحياة قد تسرب إلينا ليدفع العقلاء منا للتساؤل من الذي يعيش في عصر الجاهلية والتخلف هل نحن أم هم ( المرأة تحديدا ) ؟؟؟
سنبدأ من نقطه هامه وهي انه لا يوجد عصر يحتوي علي الايجابيات فقط أو يحتوي علي السلبيات فقط وقولنا بتفوق عصر علي أخر يكون نتيجة لرجحان إما كفة الايجابيات أو رجحان كفة السلبيات ... أول السلبيات التي نسبت للعصر الجاهلي كما يطلق عليه هو ظاهرة وأد البنات ..... وهي ظاهره أخذناها نحن كقضية مسلم بها ولم نبحث ورائها ... ولم نناقش ... أو نجادل .. أو نسال ؟ هل هي حقيقة مؤكده أم أنها حالات حدثت غالبا نتيجة للفقر؟ وليس لكونها أنثى ...وكانت هذه الظاهرة تلقي نفورا من الطبقات الميسورة ولم يذكر التاريخ المكتوب سوى عدد من الحالات التي تم وأدها ولم استطع الوصول سوى إلى مثال واحد يؤكد أن الموسرين كانوا يقومون بافتداء من تقرر أسرهن وادهن وهي حالة صعصعة بن ناجية جد الفرزدق الذي كان يفتدي كل مؤدة يسمع بها .....
ظاهرة بيع المرأة هي أيضا من السلبيات التي تنسب للمرأة ولكن هل انتهت هذه الظاهرة بعد الإسلام ؟ أم أنها اكتسبت أطرا شرعيه ؟؟؟ وإلا ماذا نقول عن تزويج صغيرات السن من شيوخ طاعنين .... أنا أتعرض لما يحدث حاليا من بيع للفتيات الصغار ، أيضا .... ألا يعد قبول المرأة لأنواع الزواج المؤقت والسري هو نوع من أنواع البيع لها وبقبول الشرع ......؟؟؟
ظاهرة توارث الزوجة من الظواهر السلبية التي كانت سائدة وتم تحريمها في الإسلام هذا ما تعلمناه ولكننا تعلمنا جزءا من الحقيقة وليست الحقيقة كاملة .... لكن الجزء المكمل للحقيقة ... بان توارث المرأة منع فقط فيما يتعلق بزوجة الأب ... أما زوجة الأخ مثلا فلم يحرم وكنتيجة للسكوت عن التحريم المطلق نرى المرأة في عصرنا هذا في المناطق المتشددة والمتعصبة للعادات والتقاليد تجبر المرأة بمعني كلمة إجبار بالزواج من شقيق زوجها المتوفى ولا يحق لها الاعتراض ............ سيقول البعض بان الإسلام لم يجبرها على ذلك وإنما العادات والجاهلية المستمرة ............. حسنا اتفق في ذلك لكن لماذا لم يحرمها الإسلام ؟ ولماذا وهو الأهم نضع هذه الظاهرة علي أنها من أسوء عيوب عصر الجاهلية ونسكت عنها في عصر ما بعد الإسلام ؟؟؟ ملحوظة صغيره اكتشفتها بالمصادفة وهي جزء من خطة إخفاء الحقيقة لسبب آو لأخر بان زواج المرأة القائم علي الوراثة كان مكروها عند العرب وكان يطلق عليه زواج المقت ....
تلك كانت السلبيات التي يتفق عليها .... وألان لنطرح جوانب للمقارنة ونرى من الأفضل ؟ ومن يعيش في جاهليه ؟ ومن يعيش في نور ؟ أنا سأكتفي بعقد المقارنة واعد باني سألتزم الصمت ولن أقول رأيي ....
الزواج :كان هناك وفق حديث عائشة أربعة أنواع من الزواج أولهما زواج المخادنة : وهو اجتماع رهط من الرجال مادون العشرة فيدخلون علي المرأة كلهم يصيبها .... فإذا حملت ووضعت ومر عليها عدة أيام أرسلت إليهم فلا يستطيع رجل منهم أن يمتنع ... فإذا اجتمعوا عندها تقول لقد عرفتم ما كان من أمركم وقد ولدت فهو ابنك يا فلان تسمي من أحبت فيلحق به ولدها ولا يستطيع أن يمتنع منه الرجل ،زواج غير مقبول ؟ نعم ... لا اختلف .... لكن ؟؟؟ واضع تحت لكن ألف خط ... أي قوة تمتعت بها المرأة العربية في ذلك العصر لتجبر الرجل العربي البدوي المعتز بشرفه أن يعترف بابنها ولا يستطيع أن ينكر ؟ سؤالي الثاني ( سؤال هام ) هو : هل تستطيع المرأة التي تتزوج الرجل عرفيا أن تجبره إن رفض الاعتراف بابنها ؟؟؟؟؟
النكاح الأخر كان اجتماع أناس كثيرون علي المرأة ........... زواج البغايا وإذا حملت إحداهن ووضعت يلحقون ولدها بالذي يرون ........... ( يقال أن عمرو بن العاص ولد نتيجة لذلك فقد اجتمع علي أمه أبو لهب ،وأمية بن خلف الجمحي وهشام بن المغيرة،وأبو سفيان ،والعاص بن وائل السهمي واختارت هي أن تلحق ولدها بالعاص نتيجة لثرائه ولم يقتلها احد ولم يقتل مولدوها أو يترك في الشوارع مجهول النسب .............................................................................................................
النكاح الثالث وهو زواج المقت وقد تكلمت عنه ...........
النكاح الرابع هو نكاح الشغار أو المقايضة فيزوج الرجل ابنته أو أخته علي أن يزوج الأخر بنته أو أخته للأول ولا زال هذا الزواج موجودا بل وتجبر العادات أن يتم معاملة المرأتان معاملة واحده فإذا طلقت إحداهن وجب تطليق الأخرى ...
في هذا العصر كان للمرأة حرية اختيار الزوج فيحكي أن هند بنت عتبه قالت لأبيها إني امرأة ملكت أمري فلا تزوجني رجلا حتى تعرضه علي ( هل تستطيع فتاه أن تقول ذلك لأبيها الآن دون أن تعاقب) ؟؟ وقد استجاب لها والدها عندما تقدم لها سهيل بن عمرو العامري وأبو سفيان بن حرب ،وكانت نساء العرب تجالس المتقدم لخطبتها فتحاوره فان قبلت به تزوجته وان رفضته ،روي أن امرأة من العرب تدعي مأوية ذات جمال وكمال وحسن ومال فالت ألا تزوج نفسها إلا كريما ولئن خطبها لئيم لتجدعن انفه فتحاماها الرجال حتى انتدب إليها زيد الخيل وحاتم الطائي و أوس بن حارثه وكلهم من رؤساء طي ،وعندما جاؤها خطابا اختبرتهم فتنكرت في زي سائلة تتعرض لهم فدفع لها زيد واوس شطر ما حمل كل منهم فلما صارت إلى حاتم دفع إليها جميع ما يحمل ولهذا اختارت حاتم وقالت له زوجتك نفسي ..... مثال أخر كانت الخنساء وساترك لكم البحث عن الكيفية التي كانت تحكم بها الخنساء علي خاطبيها كل تلك الأمثلة تثبت مدي رجاحة عقل المرأة العربية في تلك الفترة .....
من الأمثلة الأخرى قصة الحارث بن عوف بن أبي حارثه الذي قدم إلى اوس الطائي طالبا احدي بناته فاستشارهن فرفضته الكبرى والوسطي بينما قبلته الصغرى وتدعي بهيسه وتزوجته ولما حملها لأهلها لم تشأ .... أي رفضت أن يمسها قبل أن يصلح بين العرب ففعل ... ( هل تستطيع امرأة الآن أن تفعل ذات الشيء بعد سنوات من الزواج دون أن تطرد من الجنة الأرضية اشك في ذلك هل رأيتم كيف كان الرجل يحترم زوجته ويقدر رفضها له حتى يلبي ما تطلب هل هذه مكانه متدنية أم ماذا ؟؟
وكانت المرأة لا تتحرج في تلك الفترة من الأرداف ( الزواج بعدة أزواج الواحد بعد الأخر) إذا طلقت أو مات عنها زوجها وأشهرهم كانت عمرة بنت سعد البجليه المعروفة باسم أم خارجه وكانت إذا ملت زوجها تطلقه وتتزوج بأخر وكان يضرب بها المثل فيقال أسرع من نكاح أم خارجه .....
قبل أن انطلق إلى نقاط آخرى أريد أن أؤكد لمن سيهاجم ما أقول ويتهمني بالإباحية والرغبة في تعدد الرجال والانحلال وأخر القاموس المستخدم أنا لا أقول أن هذا الزواج صحيح أو خاطئ أنا استنبط من هذه الأمثلة مدي قوة شخصية المرأة العربية في تلك الفترة ومدي احترام الرجل لها ....
أما الطلاق فكان يكفي أن تحول المرأة باب خيمتها من الشرق إلى الغرب فيفهم الرجل انه قد طلقته زوجته ،هي من كانت تطلق ويكفي تحويل باب الخيمة ليعرف بوقوع الطلاق دون أن يقدر علي ظلمها أو تعليقها أو حرمانها من أطفالها .....
النقطة الأخيرة هنا هو قضية تعويض المرأة بالمهر إن تركها خطيبها التي كنت أظن أن الإسلام وضعها لكي يطيب خاطر المرأة فالبحث قد دلني علي أن هذا المبدأ مأخوذ من قانون حمور ابي الذي كان ينص علي أن يفقد الخاطب المهر الذي دفعه إن ترك خطيبته .............
لننتقل إلى أمر أخر هو مدي اعتزاز العربي بالمرأة فالحروب كانت تقع من اجل المرأة ،موقعة ذي قار ،حرب البسوس ،بل تثبت لنا قصة عمرو بن هند وعمرو بن كلثوم مدي اعتزاز العربي بأمه وأخته وزوجته والمرأة عموما ،بل أن بعض القبائل العربية تسمي بأسماء أمهاتهن مثل قبيلة مزينة وبجيله وبأهلة ،وكان لبعض النساء مكانة لا يضاهيها مكانه فعلي سبيل المثال تزوجت فاطمة بنت ربيعه بن بدر بن عمرو والمعروفة بأم قرفه من مالكا بن حذيفة بن بدر وولدت له ثلاثة عشر ولدا أولهم قرفة وبه تكني وكل أولادها من الرؤساء في قومهم وكانت من اعز العرب وفيها يضرب المثل في العزة والمنعة ،فيقال اعز من أم قرفة وكانت إذا تشاجرت غطفان بعثت خمارها فينصب بينهم فيصطلحون وكانت المرأة العربية تشارك في حل النزاعات بين القبائل وإثارتها وتأجيجها مثل البسوس بنت منقذ التميمية وكانت العرب تتحاكم عند بعض النساء مثل صحر بنت لقمان بن عاد فيما بينها من مشاجرات في الأنساب ،وعبد العرب قبل الإسلام المؤنث من الآلهة مثل اللات والعزى ومناة .....
ولو نظرنا للشعر الجاهلي فنجد انه يحتوي علي ما يؤكد صدارة المرأة في الحياة الاجتماعية للعرب وكانت المعلقات دائما ما تبدأ بأبيات مخصصة لذكر الحبيبة .....
وكان للمرأة أن تباشر أعمالها التجارية بنفسها فقد كانت خديجة تمارس التجارة وتعمل بها وكذلك كانت قيلة الانمارية وهند بنت عتبه وهي نماذج تسللت إلينا عبر التاريخ ...
وشهدت الجزيرة العربية نجاح حكم سيدات حكمن ممالك كبلقيس ملكة اليمن وزنوبيا ملكة تدمر ولا يستطيع احد أن ينكر نجاح تلك النماذج ....
هذه لمحة سريعة استطعت أن أتوصل إليها وسط كل التعتيم السائد علي هذه الفترة التي امتدت آثارها إلى الخمسين سنة الأولى من عمر العصر الإسلامي ثم اختفت وظهر الوضع الحالي للمرأة الذي لن اعلق عليه ولكني سأطرح سؤالي التالي وانتظر الإجابة بالدليل دون شعارات أي عصر تفضلين أيتها المرأة العيش فيه ؟ عصرهن ؟؟؟؟ أم عصرنا نحن ؟؟؟؟