عالم استعماري مخادع ، وإرادة مفقودة ...!!!



طلعت الصفدى
2009 / 11 / 20

عالم استعماري مخادع ، وإرادة مفقودة ...!!!

تتبدل الشعارات والأدوار لكن السياسة الاستعمارية لم تتغير إلا في شكلها ، ومضمونها يبقى استغلال الإنسان لأخيه الإنسان ، وقهر إرادة الشعوب ، وخلق النزاعات والصراعات الداخلية في كل بلد وقطر ، على قاعدة فرق بين الإخوة تسد عليهم ، وتحرفهم عن معركتهم الأساسية ضد المستعمرين والمحتلين . سابقا كانوا يغزون بجيوشهم وأساطيلهم وقراصنتهم بلدان العالم الثالث ، بما فيها العالم العربي ، ويغزونه اليوم ويسيطرون عليه بأدوات محلية وإسرائيلية . المستعمرون القدامى والجدد أذكياء ولكنهم إرهابيون ، لا يؤمنوا بالغيبيات ويؤمنوا بسلطة العقل والعلم والتكنولوجيا ، يذهبون كل يوم أحد للكنيسة لا للتعبد بل ليمسحوا عارهم ، وعار أجدادهم ، وآبائهم بسبب ما ارتكبوه من فظائع ومذابح بحق الشعوب التي احتلوا أرضها في آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية ، في الأقصى والأدنى والأوسط والمغرب العربي..... من قال أن اتفاقية تقسيم العالم العربي في سايكس بيكو عام 1916 قد ماتت ، أنهم لا زالوا يغتصبون العالم العربي ولكن دون جيوش وأساطيل ، ينهبون خيراته ، يسيطرون على مقدراته ... يتلونون كالحرباء في كل زمان ومكان طبقا لمصالحهم التي لم تتهدد بعد ، هم قراصنة وإرهابيون ،وضحاياهم الشعوب العربية المسحوقة والمطحونة من قهر الظلم القومي والاجتماعي والطبقي .
القائد العربي لا يرى مأساة شعبه فهو ما أنفك يهرش بين فخذيه ، ملهي باللعب بأعضائه التناسلية ،والبحث عن زواج المتعة ، وفحل المثنى والثلاث والخماس وما ملكت خزائنه ، لا يفكر سوى بملء بطنه من خيرات سلبها من الغلابا والفقراء ،ومن تجارة الجنس والمخدرات والمهربات والانفاق ، والعالم الرأسمالي ، وأدعياء الديمقراطية وحقوق البشر على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية ، يستمتعون باقتتال الإخوة وصراعهم على اغتصاب أختهم ونهب شعوبهم، في السودان والصومال ، في فلسطين ولبنان ، في العراق واليمن ، في الباكستان وأفغانستان ،ويجرى مسخ العلاقة الوطيدة ، والإخوة بين الشعبين المصري العربي ، والجزائري العربي إلى معركة إعلامية مقيتة على لعبة كرة قدم بريئة ، توقد نارها الفضائيات الصفراء المجنونة ....!!!
باراك حسين اوباما الذي طلب الصفح والغفران من الشعوب العربية والإسلامية في خطابه في القاهرة بسبب سياسة بوش القبيحة ، مدعيا أنه المنقذ للسياسة الأمريكية ، ورافعا شعار التغيير ، وسيعمل على تحسين صورتها بعد مسؤوليتها الكبيرة عن تفاقم الأزمة المالية العالمية أمام العالم ، لم يمض على توليه رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية سوى 100 يوم ، يتراجع عن مطالبته إسرائيل بوقف الاستيطان ، وبقيام الدولة الفلسطينية تحت ضغط اللوبي الصهيوني ، والطغمة المالية العسكرية التي تحدد السياسة الأمريكية بعيدا عن سحنة الرئيس ، ويوجه بتراجعه لطمة لكل من راهن على الموقف الامريكى .. والاتحاد الاوربى يعرب عن استيائه وعلى استحياء كمن فقد عذريته متلطعا وراء الموقف الامريكى ، وبان كي مون لا حول ولا قوة ، وإسرائيل تضرب بعرض الحائط كل الاستنكارات وبيانات الشجب العربية والفلسطينية ،وتمعن في تنفيذ مخططها الاستيطاني ، وتهويد القدس وعزلها عن محيطها الفلسطيني في الضفة الغربية . ولذر الرماد في العيون فالولايات المتحدة الأمريكية منزعجة من قيام إسرائيل ببناء 900 وحدة استيطانية في القدس العربية المحتلة ... الخ
التواطؤ الامريكى ، والصمت العربي ، والعجز الفلسطيني سلاح بيد حكومة اليمين المتطرفة العنصرية ، والكل يولول كالقطط المذعورة أمام الكلاب المسعورة في زنزانة القبر ، لا استثناء لأحد من الأنظمة العربية الرسمية سواء المعتدلة منها ، أوالممانعة ، ومن القوى والأحزاب القومية واليسارية والمتأسلمة ، وكل مكونات المجتمع المدني ، والمنظمات غير الحكومية والحقوقية والقانونية ..لا يملكون إستراتيجية سياسية وكفاحية سوى الخنوع للابتزاز الصهيوني الامريكى الرأسمالي ، بعضهم يملك الإرادة ولكنه لا يملك الأدوات والإمكانيات ، وبعضهم يملك الأدوات والإمكانيات ولا يملك الإرادة الحقيقية لمواجهة المشروع الاستعماري وأداته إسرائيل، فهل تتكامل الإرادات والأدوات لتغيير هذا الواقع المأساوي ، ونصرة قضايا شعوبها العربية وفى مقدمتها نصرة الشعب العربي الفلسطيني؟؟ أم تحول العالم العربي لمحمية أمريكية وبحراسة إسرائيلية ، ويجرى التعامل مع شعوبها كحيوانات يسلخ بعضها جلد بعضها.!!!!

طلعت الصفدى غزة - فلسطين 20/11/2009 [email protected]